الإعلام والمؤامرة!!
4 جمادى الأول 1432
منذر الأسعد

أخيراً، أصبح في وسع القذافي أن يحاججنا ويحتج علينا بكلمة صدق يتيمة قالها في حياته الحافلة بالكذب البواح!! ولسنا نتجنى عليه إذا ذكّرتنا كلمته هذه بقول النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم للصحابي الجليل راوية الإسلام :أبي هريرة :صدقك وهو كذوب-يعني الشيطان-!!

 

فالقذافي –أو الواد مجنون ليبيا بحسب وصف الرئيس المصري الأسبق أنور السادات- شتم الفضائيات الإخبارية العربية بعامة شتماً مقذعاً، لأنها فضحتْ جرائمه بالصوت والصورة، في حق الشعب الليبي الثائر لدينه وكرامته. فهو-إذاً- صادق في غضبه الإجرامي الصفيق..

 

وقد حُقَّ لنا "استذكار" الصدق الاستثنائي لنيرون ليبيا دون سخرية منه، بعد أن هزمه نيرون الشام بالضربة القاضية، فصدق فيهما المثل الشعبي السعودي: "الله يحلل الحجاج عند ولده"!!

 

فمنذ اندلاع ثورة الشعب السوري، دأب نظام الأسد الصغير على شن حملة فاجرة ومنتظمة على الإعلام الخارجي كله، مع تركيز واضح على الفضائيات العربية، التي يتهمها هو وأبواقه بتزوير الوقائع في سوريا، وبالتحريض لزعزعة استقرارها!!

 

ولضيق المجال هنا، نغض النظر عن أسطورة الاستقرار وفق المفهوم التضليلي المقصود في القاموس الأسدي، إذ يعني استمرار نظام القمع الرهيب المترافق مع النهب المنتظم لثروات سوريا على أدي عائلة الطاغية وأهل أبيه وأمه. ولنقف عند فجور هذا النظام الذي تجاوز قبح القذافي، فالأخير يجأر بالشكوى من فضائيات عملت بجدٍّ وجَلَدٍ فكشفت مخازيه  للعالم كله، أما طاغية الشام فإنه يوجه سبابه البذيء للفضائيات على "ذنْبٍ" لم تقترفه، ويهجوها على شرفٍ لا تدعيه. بل إن أشهرها سقطت في عين الشعوب العربية التي تتهمها بالتواطؤ معه من خلال التعتيم على ذبح الشعب السوري، أو الجبن عن فضح مجازر نظام الأسد الابن.ولولا بقيةٌ من عدسات الهواتف الجوالة لما رأينا شيئاً من توثيق حملة الإبادة التي يشنها النظام الوحشي الطائفي ضد مواطنيه العزل.فهذه الفضائيات تعد شاهد زور على الأقل، وشيطاناً أخرس في أدق الأوصاف.. ولا سيما أنها لا ترفع صوتها بالشكوى من منعه الفولاذي لها من متابعة ما يجري من مآسٍ في حق الشعب السوري البطل على أيدي عصابات الأسد المتمرسة على نهش لحم المواطنين وترويعهم غير المسبوق في أي بقعة في العالم.

 

والاستثناء الوحيد الذي يؤرق نظام وكيل آيات قم في دمشق الأسيرة، هو فضائيتا: صفا ووصال، اللتان تبثان برامج يومية تسعى إلى تقديم وجهة نظر السوريين المقهورين. لكن هاتين الفضائيتين ممنوعتان من قبل من أي وجود في "سوريا الأسد" التي تحظر حتى مجلة الأزهر!! بل إن شركات الجوال التي يحتكرها رامي مخلوف -ابن خال بشار الأسد-رفضت دائماً أي تعامل مع القناتين اللتين يسميهما جلادو النظام وأبواقه بـ"قنوات الفتنة"لأنهما تخصصتا في الرد على أباطيل الصفويين وكفرياتهم!! أما قنوات شتم الصحابة وافتراء الكذب على كتاب الله تعالى فليست قنوات فتنة في عرف نظام يزعم-زوراً-أنه علماني!! بل إن لها مكاتب رسمية في عاصمة الأمويين الحزينة!!

 

إن  التواطؤ البشع بين النظام التابع لملالي قم وفضائيات "الرأي والرأي الآخر"، أتاح لنظام تمديد الهلال المجوسي إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط، أن يسوّق كذبه الواهن عن "المندسين" بين المحتجين السوريين، وعن المؤامرة المزعومة والفتنة الطائفية المفتراة!!

 

وكم سَخِر السوريون الثائرون من هذه الأساطير التي لفقها حشاشو النظام، فواجهوها  بالتحدي المفحم بأن يسمح الدجال لوسائل الإعلام غير التابعة له بمتابعة الأحداث، إذا كان صادقاً في ادعاءاته الساقطة.

 

وتساءل بعضهم بذكاء عن سر هؤلاء المندسين الذين  يقتلون الناس في مظاهرات الاحتجاج، لكنهم يصومون عن مهمتهم "التآمرية"في مسيرات التأييد مسبقة الصنع، التي يساق إليها الموظفون والعمال والطلبة راغمين مكرهين!!

 

واستهزأ بعض آخر بقولهم:عجباً لعصابات مسلحة لا تمارس عملها إلا في  يوم الجمعة، ثم ترتاح ستة أيام  أخرى في الأسبوع!!

 

أما المضحك/المبكي فيتمثل في اتهامات النظام للشعب السوري بأنه ينفذ مؤامرة صهيونية أمريكية، وهو النظام الذي لا يطلق رصاصة واحدة لتحرير الجولان المحتل منذ 37عاماً!! وهو الذي دخل لبنان باتفاق مع تل أبيب وواشنطن لطرد المقاومة الفلسطينية من لبنان!! وهو الذي يفرش البساط الأحمر لعملاء أمريكا في العراق كالحكيم والصدر والمالكي.... أفليس يصدق عليه المثل العربي الشهير:رمتني بدائها وانسلت!! وبخاصة أن الصهاينة لا يكتمون هيامهم ببقاء نظام القمع الأسدي الذي يحرس احتلالهم للجولان حرساة لا مثيل لها حتى في الدول التي وقعت اتفاقات سلام مع العدو اليهودي؟

 

وختاماً نقول: أعانكم الله أيها السوريون الأحرار، فأنتم تناضلون في ظل تعتيم شامل، فالنظام المتسلط على رقابكم منذ نصف قرن يقمع حتى مندوبي وكالات الأنباء الأجنبية مثل رويترز وأسوشيتد برس.