شيزوفرينيا (بشار أسد) ونظامه العقيم
22 جمادى الأول 1432
د. محمد بسام يوسف

هل يمكن لأيٍّ من السوريين أن يكتشفَ من أي جِبِلّةٍ جُبِلَ عليها الوريث (غيرالشرعيّ) بشار بن حافظ أسد؟!..
بشار شكّل وزارةً (إصلاحيةً) جديدة، على رأسها وزير بعثيّ ثبت فساده وفشله طوال سنواتٍ خلت.. خطوةً أولى في طريق الإصلاح، الذي أقسم على تحقيقه منذ أحد عشر عاماً. علماً بأنه صرّح قبل أسابيع من اندلاع ثورة الحرية السورية، بأنّ الجيل الحاليّ من الشعب السوريّ غير مؤهّلٍ للإصلاح!.. وأكّد هذا المفهومَ في خطابه الأول، بعد انتهاء (غيبته الصغرى) التي كانت تغطيها مستشارته (بثينة شعبان)، الغائبة حالياً منذ ظهوره.. وذلك حين قال: (الأشخاص الذين حولي يرغبون بالإصلاح، لكنني لستُ مقتنعاً بأنّ الوقت قد حان للقيام بهذا الإصلاح، إذ ينبغي عدم التسرّع في ذلك)!..

 

لماذا أقصى بشار وزارةَ (العطري) إذن؟.. ولماذا أتى بوزارة (عادل سفر)؟.. ألم يكن ذلك تحت عنوان: (الإصلاح) وتحقيق رغبة الشعب الثائر؟.. ثم.. تخيّلوا إشكالية أن يؤتى بوزارةٍ فاسدةٍ.. لتحقيق الإصلاح!.. كل شيءٍ ممكن في عهد الجمهورية الوراثية!..
إمعاناً في (الإصلاح).. أتى بشار لشعبه بضابط مخابراتٍ وزيراً للداخلية، سِجِلُّهُ حافل بالجرائم غير العادية، الممتدّة من سجن تدمر ومجازره الرهيبة.. إلى مجازر الأسديين المرتَكَبَة على الساحة اللبنانية!.. ولم يُكذِّب الوزير الجديد (محمد إبراهيم الشعار) خبراً، فكان أول إنجازاته، بيان الوزارة الذي يمنع التظاهر من أي نوعٍ وأي شكل وتحت أي ظرفٍ كان!.. ثم اقتراف المزيد من المجازر والاعتقالات في شوارع حمص ودرعا وبعض المدن والبلدات السورية!..

 

بشار أسد أصدر –تحت وطأة الضغط الشعبيّ- مرسوماً بإنهاء حالة الطوارئ.. وكان أبرز نتائج هذه الخطوة الإصلاحية (العظيمة)، مئة واثنا عشر شهيداً في شوارع درعا وإزرع وحمص ودمشق واللاذقية وريف دمشق.. ثم اثنا عشر شهيداً سورياً إضافياً، من الذين كانوا يُشيِّعون الشهداء الذين سبقوهم بيومٍ واحد!.. ربما كانت هذه الممارسات (الإصلاحية)، وهذه الطريقة في تنفيذ المرسوم البشاريّ.. أسلوباً مميَّزاً إبداعياً، لدفع الناس.. للاشتياق إلى حالة الطوارئ!.. ولا تستغربوا إذا خرجت المظاهرات (العفوية) الخالية من (المندسّين) خلال أيامٍ قليلة، للمطالبة بإعادة العمل بقانون الطوارئ، تحت طائلة إسقاط النظام إذا لم يقم بشار بإعادة حالة الطوارئ و(خيراتها) إلى البلاد!..
كُرمى لعيون السوريين، ألغى بشار بن حافظ أسد حالة الطوارئ على الورق، على أمل أن يلغيها ابنه حافظ بن بشار على الأرض، وذلك بعد خمسين سنة قادمة.. ألسنا في عهد الجمهورية الوراثية وخيراتها!..

 

وكذلك، كُرمى لعيون السوريين، سمح بشار بالتظاهر السلميّ، من غير عصاباتٍ مسلَّحةٍ ومندسّين ومتآمرين وهابطين من الفضاء وملثّمين وعملاء للإمبريالية والصهيونية والشوفينية والماسونية والموسولينية والهتلرية وأعداءٍ للساميّة.. لكن ينبغي على المتظاهرين أن يحصلوا على إذنٍ رسميٍّ مسبَقٍ من وزارة الداخلية، ممهورٍ بتوقيع السفّاح (الإصلاحيّ) وضابط المخابرات: الوزير الجديد للداخلية.. علماً بأنّ الدستور لا يسمح بالتظاهر إلا للأحزاب والجمعيات المرخَّصة.. ودستور الحزب الواحد لم يرخِّص حتى الآن لأيّ حزبٍ سوريٍّ بالولادة والنشاط قانونياً.. وبالتالي لا توجد أحزاب سورية مُرخَّصة.. والنتيجة: لا توجد موافقة على التظاهر!.. وهكذا، صار –منذ ظهر يوم الخميس في 21 ابريل2011م- للسوريين مرسوم بشاريّ يسمح بالتظاهر.. للأحزاب المرخَّصة.. غير الموجودة أصلاً في سورية!.. فتمتّعوا أيها السوريون بإصلاحات بشار بن حافظ أسد!.. إذ التظاهر مسموح، لكن المظاهرات ممنوعة!..

 

بشار أسد، كنظامه المتخلِّف، مصاب بانفصام الشخصية، بل بانفصام العقل والإدراك والفهم، وهي حالة من الشيزوفرينيا المكتَشَفَة حديثاً في سورية، بعد اكتشاف (المؤامرة) العالمية الصهيونية الديماغوجية الطنبرجية..، على نظام (الممانعة) الصامد بوجه الشعب السوريّ (المتآمِر)، الذي يهتف في الشوارع السورية لأكبر الكبائر، الممنوعة أسدياً بهدف مَنح الفرصة الكافية للقيام بالإصلاح.. ألا وهي: الحرية!..