ولاية الفقيه في السعودية
25 ذو الحجه 1432
منذر الأسعد

الكتاب: السعودية وولاية الفقيه
تأليف: أبو أنس عبد الله
الطبعة الأولى: 1432هـ - 2011م
206 صفحات

*******

 

ليس لهذا الكتاب ناشر محدد، ولعل ذلك مقصود من المؤلف الفاضل الذي سار في عكس الاتجاه المألوف، إذ نص على أن جميع الحقوق غير محفوظة، ثم زادها جلاء بتأكيده صراحة أن حق النسخ والاقتباس والطباعة مفتوح لكل مسلم. وربما يشير هذا المسلك إلى حرص المؤلف على انتشار الحق وبيان خفايا هذا الملف الشائك، الذي قلما تطرقت إليه الأقلام بمثل هذا الوضوح على الأقل.

 

يستهل المؤلف كتابه بالحديث عن المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية حيث يوجد الشيعة وبخاصة في الأحساء والقطيف، فيقدم نبذة تاريخية عن المنطقة في العهد العثماني، ثم في العهد السعودي، وينتهز الفرصة للجزم بأن نسبة الشيعة في المملكة لاتتجاوز3% في حين يعمد القوم -كما هي عادتهم- إلى تضخيم أعدادهم فيزعمون أن نسبتهم 10%.

 

ثم يعرض مقتطفات اختارها بعناية ليبين الصورة الحقيقية لثورة الخميني الرافضية، بتطلعاتها التوسعية العدوانية، وأكثرها مقولات للشيخ الرافضي المعروف حسن الصفار، وهي تمثل مراحل تبعيته العمياء للولي الفقيه، ثم مرحلة مراجعة قد تكون اضطرارية ثم مرحلة الصدمة بافتضاح الصلات الخفية بين طهران والصهاينة والأمريكان (الشيطان الأكبر)!!!

 

وبعد لمحة مهمة عن تطور الفكر السياسي الشيعي، ندلف إلى مسألة العمل السياسي في زمن الغيبة-غيبة الإمام الغائب المختلق-، ثم قراءة النمط الصفوي بغلوه وتطرفه، فثورة شيخهم النائيني الفقهية، وصولاً إلى فكرة الولي الفقيه على يد الخميني ومسعى منتظري الفاشل لجعل ولاية الفقيه شعبية-من اختيار الجمهور وليس من قبل أصحاب العمائم فحسب-.غير أن خط الخميني انتصر بجموحه وسياسته الهدامة لما سماه"تصدير الثورة" كراية تستر غرضه البعيد:نشر التشيع الصفوي والسيطرة على الأمة بالوسائل والأساليب الملتوية.

 

بعد ذلك يعرض الكتاب صورة واقعية لأحوال الشيعة في الأحساء والقطيف قبل ظهور الحركات الفكرية السياسية في المنطقة، ثم يعرّفنا بتيار الشيرازي وتقي المدرسي، وهذا التيار يصف نفسه بأنه "رسالي"، ويتبنى رؤية أشد غلوّاً من الخميني ذاته!! وقد اخترق هذا التيار المجتمع الشيعي في المنطقة الشرقية بالسعودية، ثم اكتسب دفعة قوية بانتقال حسن الصفار إلى الكويت وانضمامه إلى هذا التيار الهدام، ثم عودة الصفار إلى القطيف لنشر أفكار الشيرازي في المجتمع الشيعي السعودي.

 

وتأتي ثورة خميني لتلحق بها حركة التمرد الشيعية في المنطقة الشرقية في عام1400هـ، والتي أعلن الصفار ساعة الصفر لانطلاقها، ثم نتابع مراحل النشاط التدميري الذي قام به الصفار في قم من خلال "منظمة الثورة الإسلامية" وبيان عناوين خطة القوم لتغير الأوضاع بالقوة في السعودية والبحرين، مع حرصهم على التدريب العسكري للشباب الشيعة المغرر بهم، وهي تحركات بلغت ذروتها في محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها المدرسي لقلب نظام الحكم في البحرين، وهو فشل كانت له تداعيات فكرية عميقة في الأتباع، كما أدت فضيحة إيران/كونترا إلى تشرد الرساليين بعد أن خانتهم الدولة الراعية!!

 

وبعد المرحلة الإيرانية انفصل الفصيل السعودي عن الحركة الشيرازية الأم، لتأخذ المعارضة الشيعية السعودية طابعاً مختلفاً يعتمد على التقية والمواربة، ثم راح الصفار يغازل الحكومة السعودية ليعقد معها صلحاً أسفر عن عودته وأشياعه إلى البلاد، بعد حل الحركة "الثورية"، وهو ما استفز "حزب الله الحجاز" الذي يعترض على قرار العودة إلى المملكة، لكنه فاجأ الصفار ورهطه بأن قياداته سبقتهم في مصالحة الحكومة والعودة إلى الوطن!!!

وينتهي الكتاب بالحديث عن بعث جديد للرساليين الجدد، ثم بتجدد ملامح تمرد عام1400 مؤخراً!!

 

وفي ما يشبه الملاحق التوثيقية نطالع ملفات موجزة عن حزب الله فرع الحجاز وتاريخ نشأته وأعماله الإرهابية، وعن الحزب الأم ومنظمة أمل الشيعية والخميني والحوزة الحجازية، مع التنبيه إلى فرق ملحوظ بين بيانات حزب الله الحجاز وبيانات ما يسمى:تجمع علماء الحجاز، حيث تتضمن بيانات الأول وعيداً صفيقاً لأن أعضاءه غير معروفين للحكومة في تكتفي بيانات الثاني بالشجب والاستنكار.

ومما يُحْمَد للكتاب أمانة مؤلفه حيث يوثّق ما يقدمه من معلومات بصورة طيبة ونزيهة.