من العراق لأفغانستان.. وشبح العنف الطائفي
13 محرم 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

يبدو أن شبح الفتن والعنف الطائفي سينتقل بدوره إلى أفغانستان -بعد أن ذاقت العراق ويلاته الأعوام الماضية- وذلك عقب الهجمات العنيفة التي استهدفت منذ يومين مزارات شيعية حيث تجمع المئات لإحياء يوم عاشوراء وأسفر عن سقوط عشرات القتلى، وسط تساؤلات عمن له المصلحة الحقيقية في تحول أفغانستان -التي على وشك أن تلفظ قوات الاحتلال - إلى عراق ثانية يموج بحوادث طائفية مميتة.

 

وعقب الهجمات الطائفية النادرة التي استهدفت الثلاثاء الماضي مزارات شيعية بكابول ومزار الشريف وأسفرت عن مقتل أكثر من 60 شخصا ، تركز الاهتمام خاصة من جانب الغرب مجددا على ما يعتبرونه "وضعا أمنيا هشا في أفغانستان" التي لم تألف مثل هذه الهجمات الطائفية واسعة النطاق على غرار ما عانت منه العراق (أثناء الاحتلال)، لكنها وبحسب الكثير من الدبلوماسيين الغربيين تواجه الآن "احتمالا قاتما بإضافة العنف الطائفي إلى مخاطر الحياة اليومية".

 

وتوقع هؤلاء الدبلوماسيين أن تنذر هذه الهجمات بأعمال عنف واسعة النطاق بين السنة والشيعة في البلد القابع تحت "حماية وأمن " "قوة المعاونة الأمنية الدولية (إيساف) التابعة للناتو والتي تقول إنها "تكسب الحرب ضد طالبان المسلحة في أفغانستان".

 

ورغم أنه تحدد موعدا نهائيا لانسحاب القوات المحتلة من أفغانستان في نهاية عام 2014، إلا أنه من المرجح أن تعزز هجمات يوم الثلاثاء المخاوف بشأن قدرة القوات الأفغانية على التصدي لأعمال العنف بعد أن تسلم قوة (إيساف) المسؤولية الأمنية بالكامل للقوات الأفغانية، وهو ما يبدو أن الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة يرغب في ترويجه والتخويف منه لإطالة فترة بقائه مثلما كان الحال في العراق المحتل الذي عاني كثيرا من الحوادث والهجمات الطائفية وإثارة الفتن بين السنة والشيعة.

 

وجاءت تصريحات المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد لتحذر مما تريده واشنطن على ما يبدو، حيث أدان الهجمات بشدة واصفا إياها بأنها غير إسلامية، معتبرا في الوقت نفسه أن "العدو المحتل يواجه فشلاً ذريعاً في مواجهات طالبان في جبهة القتال، لذا يسعى الآن أن يجد له موضع قدم في أفغانستان لبعض الوقت من خلال مثل هذه الأفعال الوحشية وسط الشعب الأفغاني المسلم لإيجاد الرعب والتنافر والتباغض، ويحدث فتنة بين أطياف الشعب" .

 

ونصح ذبيح الله السكان الأفغان إلى "التنبه لدسائس الأعداء" مناشدا إياهم أن "يتذكروا بأن مثل هذه الحوادث تنفذ من قبل العدو بواسطة تفجيرات ثم تسميتها بعمليات فدائية (استشهادية)، كي تلصقها بالمجاهدين بكل سهولة ؛ فعلى المواطنين بألا يسمحوا لهم بإيقاد نار الفتنة بين الشعب المتحد".

 

وسارت بعض الصحف الأمريكية على خط التخويف من عنف جديد في أفغانستان مما يتطلب بقاء القوات الدولية في البلاد، حيث ذكرت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور اليمينية المتطرفة أن شبح العنف في العراق ينتقل إلى أفغانستان، التي باتت متخوفة الآن ما إذا كانت ستواجه نوعا جديدا من إراقة الدماء الذي يضاف إلى مخاطر الحياة اليومية، معتبرة أنه العنف الطائفي الأسوأ والأكثر دموية في أفغانستان منذ سقوط نظام طالبان.

 

وجاءت تصريحات الرئيس الأفغاني "حامد كرزاي" المعروف بولائه للغرب في نفس الاتجاه حيث قال " هذه هي أول مرة في مثل هذا اليوم الديني المهم في أفغانستان تحدث مثل هذه العملية الإرهابية العنيفة"، ملمحا إلى مدى حاجة أفغانستان إلى الجهود الدولية بعد انسحاب قوات الاحتلال عام 2014، كما أدانت السفارة الأمريكية الحادث وقالت في تعاطف تمثيلي "إن الولايات المتحدة ستظل بجانب الشعب الأفغاني ضد الإرهاب ومن أجل تحقيق الهدف المشترك وهو إحلال السلام" ! وهي التي قتلت الآلاف منذ احتلالها لأفغانستان ولم تفرق بين طفل أو امرأة أو مسن في محاربتها لما تسميه بالإرهاب.

 

 

وقد أعلنت جماعة غريبة وغير معروفة تسمي نفسها  "جيش جِهنكوي العالمي" مسؤوليتها عن الهجوم المزدوج، ووصف موقع "لونج وور جورنال" الإلكتروني، الذي يتابع "الشبكات والأنشطة الإرهابية"، "جيش جهنكوي العالمي" بأنه "جماعة إرهابية مناهضة للشيعة لديها شبكة واسعة في باكستان"، وأنها اندمجت مع تنظيم القاعدة وحركة طالبان في المناطق القبلية في باكستان، بحد قوله. 

 

وزعم هذا الموقع أن نشاط هذه الجماعة محظور، وأنها تتحمل المسؤولية عن العشرات من الهجمات على الأقليات الشيعية في باكستان، وهي لأول مرة تنفذ هجوما في أفغانستان.

 

 

وإلى جانب العدو المحتل الذي لا يريد الاستقرار لأفغانستان لتظل تحت قبضته، فإن العديد من المراقبين يرون عدوا آخر لهذا البلد وهو الدور الشيعي الذي يسير بدعم خارجي ويشهد تنامياً ملموساً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية وغيرها، وهو ما ينذر بتعاظم الأنشطة الشيعية في أفغانستان والمنطقة بشكل عام خاصة إذا وضع في الاعتبار أمران الأول هو مجاورة أفغانستان لإيران والأمر الثاني ما يجري في العراق بعد قيام الحكومة الشيعية هناك وما ظهر من مخططات الرامية لظهور كيانات شيعية في الخليج وبعض دول الشرق الأوسط.

وما بين العدو المحتل والعدو الشيعي ولكل منهما أطماعه ، يخشى المحللون دخول أفغانستان وشعبها دوامة جديد من العنف والفتنة الطائفية لم تمر عليها من قبل، وذلك لتحقيق أهداف ومصالح استعمارية.