مناهج تفسير القرآن قديماً وحديثاً
17 محرم 1433
منذر الأسعد

الكتاب: من الطبري إلى سيد قطب/ دراسات في مناهج التفسير ومذاهبه
تأليف: د.إبراهيم عوض
الناشر: دار الفردوس للطباعة–مصر
سنة النشر:1431هـ/2010م
عدد الصفحات: 422

*******

 

يتكون هذا الكتاب من ثمانية فصول، كل فصل منها عبارة عن دراسة لثمانية من أكثر تفاسير  القرآن الكريم شهرة وذيوعاً، وهي:جامع البيان في تفسير القرآن لشيخ المفسرين ابن جرير الطبري وهو من أوسع تفاسير القرآن بالمأثور ، ولطائف الإشارات للقشيري وهو أكثر التفسير الصوفية ذيوعاً واعتدالاً في الوقت نفسه، ومجمع البيان للطبرسي من تفاسير الإمامية وهو تفسيرمعتدل نسبياً، والكشاف للزمخشري المعتزلي، وفتح القدير للشوكاني، وفي ظلال القرآن لسيد قطب من المعاصرين، وتفسير القرآن بالإنجليزية لملك غلام فريد القادياني(الأحمدي بحسب تسمية القاديانية لأنفسهم)، ومختصر تفسير القرطبي للأديب والكاتب المسرحي المصري توفيق الحكيم.

 

امتدت دراسة تفسير الطبري زهاء70صفحة، في حين أخذ كل من تفسير القشيري وتفسير الشوكاني وتفسير سيد قطب ومختارات الحكيم من تفسير القرطبي رقماً دار حول الأربعينيات ، وتقلصت المساحة المخصصة لتفسير الطبرسي إلى 20صفحة ، لتقفز مع تفسير الزمخشري إلى 60 صفحة، لتبقى المساحة الكبرى من فصول الكتاب من نصيب التفسير القادياني لما اشتمل عليه من مروق وما احتشد فيه من ضلالات!! فالقاديانية ملة مارقة ليس لها من الإسلام حظ مهما ادعت، فهي تجحد ختم النبوة بمحمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد أجاد عوض في مناقشة مفتريات القوم ودحض أباطيلهم بالحجج الدامغات من قطعيات نقلية وعقلية.

 

وللكتاب الذي بين أيدينا على ما فيه من حسنات مشكلة منهجية، إذ لم نتبين المنهج الذي اختار المؤلف على أساسه التفاسير التي عرضها، فلا هي تمثل سائر الفرق المنتسبة إلى الإسلام، ولا هي كافية لمراعاة الجانب الزمني بدقة، وإن كانت مشتملة على تفاسير قديمة وحديثة بإجمال.

 

وتبعاً للملاحظة السابقة سجّلنا على الكتاب أنه ليس كتاباً موجَّهاً إلى القارئ غير المتخصص لأن فيه تفاصيل وقضايا لا تلائم رصيده المعرفي، وتشغله في مسائل جدلية وخلافية توقعه في حيرة قد يتعذر عليه الخروج منها.وأما أن يكون الكاتب يخاطب بكتابه أهل التخصص فإن تناوله لمسائله لا يشفي غليلهم فهو يقدم نبذة موجزة عن أكثر القضايا التي يبحث فيها.

 

وهنالك تحذير واجب علينا إطلاقه لكي يحتاط القارئ العام ويكون على بيّنة من أمره، فالمؤلف لا يخفي تأثره ببعض مقولات المعتزلة كما في موقفه من أسماء الله تعالى وصفاته عز وجل.

 

لكن الإنصاف الذي تعلمناه من ديننا الحنيف يلزمنا بتأكيد أن الرجل ليس معتزلياً كاملاً، فهو يواجه بعض انحرافاتهم كقولهم بالمنزلة بين المنزلتين وتطاولهم على رب العالمين بتضييق مشيئته بهواهم فالمولى الكريم أبلغ البشر كافة بأنه يغفر ما دون الشرك به سبحانه لمن يشاء تبارك وتعالى، قال عز من قائل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [النساء:48].
وقال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً} [النساء:116].

 

ولا يفوتني كذلك الإشادة بجهود الدكتور عوض العلمية في كثير من الكتب والبحوث للتصدي الناجع لأراجيف المنصرين والتغريبيين، وهي جهود تستحق الثناء والتقدير.فملاحظاتي هنا لا تعني طمس محاسن الرجل كما أن صفحاته المشرقة تلك لا تعني التغافل عن أخطائه –وبعضها فادح- في الكتاب الذي عرضناه اليوم.