
"بدونكم، ماكنا موجودين الآن".. كلمات قالها رئيس جنوب السودان سلفا كير خلال لقائه بقيادات الكيان الصهيوني في القدس المحتلة في اعتراف صريح منه لمساندة "إسرائيل" لدولة جنوب السودان التي أعلنت انفصالها عن السودان قبل عدة أشهر وتأكيد واضح على العلاقات المميزة بين الجانبين والتي تأتي في إطار التحالفات التي تبنيها "إسرائيل" مع دول شرق أفريقيا لمواجهة تهديدات ما تسميه ب"التطرف الإسلامي" وتحقيق مصالحها الإستراتيجية، فيما تعتبر الدول العربية المجاورة للسودان هذه الزيارة والعلاقة الوثيقة بين الجانبين تهديدا للأمن العربي، وخطوة نحو تنفيذ المخطط الصهيوني في المنطقة.
ففي زيارة وصفها الجانبان بالتاريخية منذ يومين قدم كير الشكر لقادة "إسرائيل" لأنهم "قاتلوا من أجل إقامة دولة جنوب السودان"، مشيرا إلى أن بلاده تسعى لتعزيز العلاقات الاستراتيجية معها خاصة فيما يتعلق بإقامة مشاريع مشتركة في مجالات البنية التحتية والزراعة وترشيد استهلاك المياه والتكنولوجيا المتقدمة.
بينما أكد رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن "إسرائيل" (أول من اعترف بجنوب السودان) دعمت وسوف تدعم البلد المنفصل في جميع المجالات لتطويرها والتي شكلت ولادتها انطلاقة في تاريخ الشرق الأوسط، واتفق الجانبان خلال الزيارة على قيام "إسرائيل" بإرسال بعثة إلى الدولة الوليدة بهدف الوقوف على احتياجاتها لتقديم مساعدات إليها، وذلك في الوقت الذي يستعد فيه السفير "الإسرائيلي" الجديد للتوجه خلال الأيام المقبلة الى جنوب السودان.
ونجحت "إسرائيل" بالفعل من خلال دعمها لانفصال جنوب السودان في يونيو الماضي في تفكيك السودان، كما تسعى للتسلل إلى إفريقيا وكسب ود أنظمتها لأسباب استراتيجية يأتي على رأسها اختراق الأمن القومي العربي، والمصري بالذات، وما يجعلها تكثف من جهودها الآن الثورات العربية التي أطاحت بأهم نظامين طبعا العلاقات معها وهما النظامان التونسي والمصري.
كما تهدف "إسرائيل" الوصول إلى منابع النيل من خلال دعم مشاريع لبناء سدود لتحويل مياه النيل في إثيوبيا وأوغندا والآن جنوب السودان، لتقليص حصة مصر والسودان معا، وهي حصة تساوي معظم مياه النهر تقريبا التي تصل الى 86 مليار متر مكعب سنويا. كل هذه الأمور تجعل بحسب المراقبين مصر تنظر بقلق للعلاقات بين "إسرائيل" ودولة جنوب السودان ، وذلك في الوقت الذي تنشغل القيادات في القاهرة بالاضطرابات الداخلية لديها.
ف"إسرائيل" تستغل التوقيت الحالي لكسب أصدقاء جدد ومنافع ومكاسب اقتصادية وسياسية فى ظل غياب التنسيق العربى وعدم ثبات الثورات فى عدة دول عربية وانشغال مصر (الدولة الرئيسية فى المنطقة) بشئون ثورتها.
ويشير محللون إلى أنه بذلك تكتمل الحلقة لإقامة علاقات "إسرائيلية" حول الدول التى تجاور مصر أو التى لمصر معها مصالح استراتيجية، فجنوب السودان مخزن للموارد الطبيعية الرخيصة ، والبترول ، والأراضى الزراعية ، ومؤثرة فى أى اتفاق مع دول حوض النيل والحصة المخصصة لمصر من مياهه ، وتعتبر جسرا للمرور إلى دول إفريقيا ، خاصة الكوميسا ، والإيجاد وغيرها.
كما تخطط حكومة نتنياهو أن تأخذ حكومة جنوب السودان دورا مركزيا في معالجة قضية اللاجئين السودانيين في "إسرائيل" وإعادتهم إلى أفريقيا، لقاء مبلغ من المال، حيث كشفت مصادر إعلامية أن "إسرائيل" مستعدة لدفع مبلغ 500 دولار عن كل سوداني يعود إلى إفريقيا، علما بأن لديها نحو 43 ألف لاجئ كهذا.
وفي المقابل يرى مراقبون أن زيارة سيلفاكير وتفضيله "إسرائيل" على أكثر من عشرين دولة عربية قد تأتي بنتائج غير حميدة لشعبه الفقير واصفين خياره بالخاطئ والمحفوف بالمخاطر فكل ما يشغل "إسرائيل" مصالحها الخاصة التي ستجنيها من الشعب الجنوبي وحكومته، ولن يعود على كير المفتخر بنموذج "إسرائيل" من هذه العلاقات "المتميزة" سوى الخسارة والندم.