مشعل بالأردن.. حماس إلى أحضاننا مجددا
7 ربيع الأول 1433
تقرير إخباري ـ نسيبة داود

على مدار العقد الماضي كان النظام الشيعي في سوريا هو الوحيد بين الأنظمة العربية الذي يقبل استضافة قادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وعائلاتهم بشكل دائم ويوفر لهم الحماية بينما ظل قادة العرب السنة من المحيط إلى الخليج يرفضون بل ويضيّقون على هؤلاء الأبطال.

 

واليوم تأتي زيارة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل إلى الأردن لتمثل تحولا مرحليا للحركة ينقلها من مرحلة الاعتماد على النظام الشيعي كمصدر للدعم، إلى مرحلة عودة السنّة للقيام بهذا الواجب الذي تراخوا عنه لسنوات.

 

لقد كان كل ذاهب وآيب يلمز حماس بمسألة استنادها إلى إيران، في حين كان قادة حماس يكتمون -إلا قليلا- قولهم: "ما باليد حيلة.. وهل وجدنا هذا الدعم من أهل السنة!"

 

ثم جاءت الثورة السورية فوضعت حماس في موقف لا تحسد عليه؛ فهي بين أن تنصر الشعب السوري المظلوم ضد نظامه الحاكم الشيعي المحسوب على إيران، وبين أن تغامر بتعريض مصلحة المقاومة الفلسطينية للخطر إذا ما وقفت في صف الثورة ونفضت يدها عن مصافحة نظام الرئيس بشار الأسد.

 

وهذه المقاومة الفلسطينية تمثل خط الدفاع الأخير في مواجهة "إسرائيل" واسترداد أرضنا الفلسطينية الإسلامية المغتصبة بعد أن ظل "محور الممانعة" غير ممانع على الإطلاق أمام الاحتلال.

 

وللعلم فإن هذا النظام السوري الذي تقوده عائلة الأسد منذ أكثر من40 عاما هو من سام الفلسطينيين سوء العذاب في لبنان على يد مليشيات حافظ الأسد الشيعية.

 

لكن حماس اضطرت إلى اللجوء إلى هذا النظام بعد أن طردها الأردن من أراضيه عام 1999 متهما أعضائها بتقويض أمن البلاد. وظلت الحركة تحت أعين الشيعة وأيديهم منذ ذلك الحين. واستدعى ذلك "توطيد" علاقات الحركة مع إيران وحزب الله، حليفي النظام السوري.

 

وحينما بدأ النظام السوري يتهاوى تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية اضطرت الحركة إلى التمسك بالصمت في مواجهة الضغوط عليها لتحديد موقفها. حتى أن حكومتها في غزة اضطرت في بعض الأحيان إلى الحد من فاعليات تأييد الثورة السورية. وكان آخر هذا اعتقال شخص نظم فاعليات مناصرة الثورة السورية قبل أيام قليلة، وهو ما رآه مراقبون بمثابة "تغطية" أو تمويه حتى يستطيع مشعل الخروج من سوريا بأمان.

واليوم بعد أن وصل مشعل إلى الأردن وصفت الحركة هذه الزيارة بـ"التاريخية"، بينما رفعتها الأردن إلى درجة "زيارة بروتوكولية" في اعتراف منها بهذا الكيان المقاوم.

 

وزيارة مشعل الذي يحمل الجنسية الأردنية إلى المملكة كانت متوقعة منذ أن اعتبر رئيس الوزراء الأردني الجديد عون الخصاونة في نوفمبر الماضي أن "إخراج قادة حماس من الأردن كان خطأ دستوريا وسياسيا"، مؤكدا سعي بلاده لإيجاد "علاقات متوازنة" مع كل القوى الموجودة على الساحة الفلسطينية.

 

وبالفعل كان هذا خطأ سياسيا، لأن النظام السوري استغل استضافته لمكتب حماس في اكتساب نوع من الشرعية؛ شرعية المقاومة، وروج من خلال ذلك لكونه نظام "ممانع" رغم أنه لم يحارب لاسترداد أرضه المحتلة في الجولان. وفي ذات الأثناء خسر النظام الأردني هذه الميزة، ما جعله خائنا في عين شعبه.

 

ولم يبالي النظام الأردني قبل عقد برأي شعبه كثيرا، لكن الآن في ظل الربيع العربي، بات بالأهمية أن يظهر النظام أمام شعبه بمظهر المدافع عن قضاياهم وقضايا الأمة، خاصة باعتباره دولة من دول الطوق.

 

وفي ظل الأوضاع الراهنة في سوريا باتت الفرصة سانحة أمام النظام الأردني ليستضيف حماس مجددا ويصلح العلاقات معها في مسعى لاكتساب نقاط عند الشعب تقلل من سخطه على الفساد والتبعية للغرب.

 

وبهذه "النقلة" الجديدة، خطت حماس أولى خطواتها من أجل العودة إلى أحضان العرب والسنة بعد أن كانت مضطرة إلى البقاء في طوق الشيعة وإيران لسنوات طويلة.