إفحام المنصرين المفترين على الإسلام
11 جمادى الأول 1433
منذر الأسعد

(الرد الجميل على المشككين في الإسلام من القرآن والتوراة والإنجيل والعلم) عنوان كتاب قيّم من تأليف الباحث المعروف الأستاذ عبد المجيد صبح، ومن نشر دار المنارة بمدينة المنصورة المصرية، وعدد صفحاته 236 صفحة.

 

ولتأليف هذا الكتاب قصة يرويها مؤلفه في مستهله، تعود إلى زيارة قام بها صبح في عام 1997 م إلى مدينة نيويورك، بدعوة من مجلس إدارة مسجد أبي بكر الصديق في بروكلين، حيث قدموا له نسخة من أسئلة طرحها منصرون كنديون يظنون أنها تتحدى الإسلام وتُعْجِزُ أهله عن الرد المُقْنِع عليها!!

 

ومن البديهي أن تستفز باحثَنا الكريمَ هذه الأسئلةُ المبنيةُ على تحريف متعمد لحقائق الإسلام وتلاعب مدروس بحقائق العلم الحديث، فانبرى للإجابة عنها فأتى هذا الكتاب ثمرة لتلك المعركة الفكرية، التي افتعلها الملبّسون الحاقدون.

 

وقد سار المؤلف على منهج اختطه لبحثه من خلال تقسيم الكتاب أربعة أقسام، هي:
=عرض أسئلة المنصرين بعد تعريبها.
=بيان منهج القرآن الكريم في مجادلة المخالفين وثمرته وآدابه وإثبات عدم التزام هؤلاء المنصرين بالمنهج العلمي السليم للجدل.
=بيان أن لدى هؤلاء في كتبهم الدينية ما هو أجدر بالبحث عن حقيقته وأنهم لو فعلوا ذلك الواجب لاستحيوا من التهجم بالباطل على الإسلام.
=الإجابة المفصلة عن الأسئلة إجابة شافية وافية.

 

من أبرز الأسئلة الثلاثة عشر التي يتشبث بها المنصرون، سؤال عن كيفية التوفيق بين قتل الذي يرتد عن الإسلام والنص القرآني الصريح: لا إكراه في الدين؟ وسؤال عن سبب تحريم دخول غير المسلمين إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة في حين يتجول المسلمون في البلاد النصرانية كأمريكا وأوربا؟ وآخر حول تخلف المسلمين في العصر الحديث...

 

فالأسئلة كلها تنطلق من الاتهام الجاهز، كالزعم بأن الإسلام ينتقص من قيمة المرأة، وأن موقف القرآن الكريم من أهل الكتاب "غير مستقر" فهو يثني عليهم تارة ويكفّرهم تارة أخرى... والأمر ذاته يَصْدُقُ على قضايا الميراث وكون شهادة الرجل تَعْدِلُ شهادة امرأتين وتعدد الزوجات...

 

في القسم المتعلق بالجدل الصحيح يقدم المؤلف خلاصة رائعة لأسس البحث والمناظرة في المنهج الإسلامي، بناء على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وتطبيقاتها البهية في العهد النبوي ثم في عصور صدر الإسلام على أيدي العلماء الراسخين.

 

ويتوسع صبح في الكشف عن دجل المنصرين أصحاب الأسئلة، فهم ليسوا من الباحثين عن الحق، وإنما لديهم موقف معلب، يتخذ من أنصاف الحقائق وأرباعها وأعشارها، سبيلاً إلى تضليل الناس وتشكيك المسلمين في دينهم.

 

ويزدان هذا القسم بشواهد مهمة عن فريقين من الغربيين، أحدهما موضوعي ومنصف يعترف بفضل الإسلام وعطاءات أهله للحضارة الإنسانية، وآخر حقود كنود يجحد سطوع الشمس في ظهيرة يوم قائظ عند خط الاستواء، وليس لدى هذا الفريق مانع من الكذب المتعمد لبث أباطيلهم وشفاء غليلهم بالتزوير والافتراءات المفضوحة.

 

وفي القسم الثالث يطرح الكتاب نماذج من الأسئلة المفحمة للقوم، مثل خرافة عقيدة التثليث المستحيلة عقلاً، وخرافة صلب المسيح عليه السلام، كما يحرجهم بذكر بعض الحقائق المقطوع بها علمياً حول تزييف التوراة والأناجيل الحالية، وذلك بحسب دراسات علمية أجراها باحثون غربيون مرموقون. والقسم مزود بجدولين يبين أولهما التطابق المذهل في العقائد بين النصرانية المحرفة والهندوسية، وآخر يوضح التطابق نفسه بين هذه النصرانية والبوذية، مع العلم بأن الهندوسية والبوذية ديانتان وثنيتان معروفتان في الهند وشرق آسيا قبل المسيحية بمئات السنين!!

 

ويتألق الباحث في القسم الأخير من كتابه وهو القسم الذي خصصه للإجابة عن الأسئلة الواهية التي تشدق بها القسس الكنديون، فالإجابات مفصلة وحجتها قوية، فعمادها العقل الفطري السوي، والواقع المؤكد، ويزيدها قوةً تلك المقارنات التي يعرضها المؤلف، ليتبين الفرق الشاسع بين الحق والباطل.

 

ولأن النقص من سمات البشر، فإننا نشير إلى خطأ فادح وقع فيه المؤلف، عندما اعتبر ابن سينا من الفلاسفة المسلمين، فيستشهد بكلام له، مع أن ابن سينا يخالف قطعيات شهيرة من قطعيات الإسلام وبخاصة في مجال الاعتقاد!! فحبذا لو راجع الأستاذ صبح نفسه ونقى عمله الجميل من هذا الخدش الذي يسيء إلى قضيته وحذفه لا يغض من قيمتها بل إنه يجعلها أكثر انسجاماً وصدقاً.