الخرطوم وجوبا.. طبول الحرب تدق من جديد
21 جمادى الأول 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

تطورات متلاحقة خلال اليومين الماضيين تنذر بحرب جديدة بين السودان ودولة جنوب السودان التي استولت على حقل هجليج النفطي في ولاية جنوب كردفان وطردت القوات السودانية منها وتوعد الخرطوم من جانبها برد قاس على جوبا من خلال حملة عسكرية كبرى ودعوة الشعب السوداني للتعبئة العامة لاستعادة هجليج الذي يعد الحقل النفطي الأكبر على الحدود المتنازع عليها بين الدولتين.

وفي لهجة تحدي أعلن رئيس جنوب السودان سلفا كير أمام برلمان بلاده أنه لن يأمر جيشه بالانسحاب من منطقة هجليج النفطية، وذلك غداة دعوات صدرت عن مجلس الأمن الدولي والاتحاد الافريقي لسحب قوات جنوب السودان من هذه المنطقة الحدودية والنفطية، مؤكدا في الوقت نفسه أنه أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بأنه سيرسل جيش جنوب السودان إلى منطقة ابيي النفطية المتنازع عليها على الحدود مع السودان في حال لم تنجح الامم المتحدة في إخلائها من القوات السودانية.
كما دعا رئيس برلمان جنوب السودان جيمس واني ايغا شعب الجنوب إلى الاستعداد من أجل الدفاع عن نفسه إذا ما سعى السودان فعلاً الى الحرب، زاعما أن الخرطوم يمكن أن تسعى إلى حرب حقيقية.

واعترفت جوبا بأن قواتها تقدمت إلى هجليج بدعوى الرد على الهجمات الجوية والبرية التي شنتها القوات السودانية" في اشتباكات اندلعت قبل أسبوعين.

ووضعت جنوب السودان لائحة شروط محددة على الخرطوم للموافقة على سحب قواتها من منطقة هجليج تتعلق ب"وقف السودان لكل اعتداءاته البرية والجوية فورا وأن تنسحب القوات المسلحة السودانية من أبيي المتنازع عليها بين البلدين والموجودة بها منذ العام الماضي، فضلا عن نشر "مراقبين دوليين" للقيام بدوريات على طول منطقة حدودية منزوعة السلاح الى ان يتم الاتفاق على ترسيم الحدود المشتركة بين البلدين بموجب تحكيم دولي.
وفي المقابل نفذ الجيش السوداني حملة عسكرية كبرى شاركت فيها الطائرات والمدفعية الثقيلة لاستعادة منطقة هجليج التي توجد فيها حقول النفط الرئيسية المسؤولة عن نحو 70 % من إنتاج البلاد.

وقرر البرلمان السوداني إعلان التعبئة العامة ووقف التفاوض مع دولة الجنوب الذي يجرى برعاية الاتحاد الافريقي، والرامي الى تهدئة العلاقات مع جوبا ، فضلا عن سحب الوفد المفاوض من أديس أبابا وسط تعهدات من مسئولين ووزراء بالرد وتلقين الأعداء درسا لن ينسوه، مؤكدين أن العدوان الذي شنه الجيش الشعبي على منطقة هجليج يهدف إلى ضرب البنيات الاقتصادية بالبلاد.

وأعلن المكتب القيادي لحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم بالسودان في اجتماعه الطارئ عن "نفرة شعبية شاملة حث فيها أهل السودان على التوجه لمعسكرات التدريب وجبهات القتال لرد عدوان دولة الجنوب على الأراضي السودانية".
وبحسب وكيل وزارة الخارجية السودانية رحمة الله محمد عثمان ف"من المستحيل مواصلة ضخ النفط طالما ظل جنوب السودان مسيطرا على هجليج الذي يعتمد عليه السودان ويسهم بمقدار كبير في ميزانية الدولة"، متوقعا أن يكون له أثر اقتصادي سلبي على السودان جراء ذلك.

وقد كشف مسؤول رئاسي في الخرطوم لصحيفة الحياة أن حكومته تلقت تقارير استخباراتية عن تخطيط دولة الجنوب لإطاحة نظام الحكم في البلاد عبر خنقه اقتصادياً، موضحاً أن جوبا أوقفت انتاج النفط وضخه عبر الشمال ثم استولت على مواقع حقول النفط الرئيسة بمساعدة أطراف خارجية ومرتزقة.

وفي تصريحات قوية عقب هذه التطورات، اتهم الرئيس السوداني عمر حسن البشير جنوب السودان بأنه اختار "طريق الحرب" تنفيذا لأجندات خارجية لجهات كانت تدعمهم خلال الحرب الأهلية" التي استمرت لعقود في إشارة بالأخص إلى الكيان الصهيوني.

ومنذ انفصال جنوب السودان، ما زالت العلاقات متوترة بين الجانبين ولم يتوصلا إلى الاتفاق على ترسيم حدودهما وتبادلتا الاتهام بأن كلا منهما يؤجج تمردا على أراضي الآخر.
ويشكل النفط الذي يقع أبرز حقوله في الجنوب مسألة خلافية كبيرة، ولدى انفصاله ، ورث الجنوب ثلاثة أرباع الاحتياطات النفطية، لكنه يحتج على الرسوم التي تريد الخرطوم حمله على دفعها لاستخدام منشآتها التحتية، ولا تزال جوبا تعتمد بالكامل على أنابيب النفط السودانية لتصدير نفطها.

ويرى المراقبون أن هذه الجولة من الصراع هي الأعنف منذ انفصال جنوب السودان في يوليو 2011، معربين عن تخوفهم من تطور هذا الصراع إلى حرب مدمرة بين الدولتين خاصة أن السودان، الذي فقد غالبية انتاجه النفطي عقب انفصال الجنوب، لن يتسامح في فقدان المزيد.