أن يتولى تركي الحمد تقديم كتاب فذلك دليل صارخ على هوية الكتاب وصاحبه، فالرجل هو من يتولى كِبْرَ الفكر التغريبي الصريح-لئلا نستخدم وصفاً آخر!!-.
وأحمد عدنان ابتداء من عنوان كتابه، لا يخفي تطلعه الوقح إلى نسف جذور المجتمع السعودي نسفاً مطلقاً، فالعنوان يقول: السعودية البديلة/ ملامح الدولة الرابعة!! وبعبارة أكثر دقة، فإن القوم تجاوزوا مرحلة التقية السياسية نسبياً، فهم لا يجرؤون على الجهر برغبتهم الدفينة بقلب نظام الحكم، ولكنهم يغازلون الدولة زاعمين أنهم موالون للنظام السياسي وذلك في مراهنة موقوتة على متابعة التسلل في مفاصل القرار والحصول على حماية رسمية لعدوانهم المستمر على هوية الأمة وسعيهم المحموم لتقويض أُسُسِها تدريجياً. والشاهد الجلي يأتي في ثنايا هذا الكتاب الذي كان في الأصل مقالات صحفية، نشرتها صحيفة الأخبار اللبنانية المعروفة بأنها بوقٌ من أبواق حسن نصر الله والمشروع الصفوي في المنطقة.فالكاتب يهاجم بمكر لا يخفى على اللبيب وزارة الداخلية تحديداً ويتهم وزيرها ولي العهد سمو الأمير نايف بتأييد القوى الدينية التي تعارض التوجهات الإصلاحية للملك عبد الله-بحسب ادعاء الكاتب الذي يسعى بصورة فجة ومكشوفة ويائسة هو ورهطه إلى شق صف القيادة السعودية !!
وفي هذا الباب يخص الملك فيصل رحمه الله بالنصيب الأوفى من الافتراء فهو يجعله المسؤول عن "التطرف الديني" لأنه تبنى قضية التضامن الإسلامي ضد التعصب القومي الذي كان يدعو إليه الرئيس المصري جمال عبد الناصر!!!
ويقر عدنان بأن الليبراليين الذين يعنيهم في سطوره ويتبنى طروحاتهم، هم الذين حملوا "لواء الإصلاح بعد أحداث سبتمبر/أيلول 2001م"!! لكنه يقفز بخبث رديء فوق هذا الإقرار، فهو لا يفسر لقارئه السر وراء نشاط هذه الفئة الضالة فور هياج أمريكا عقب تفجيرات نيويورك وواشنطن؟!والرجل يدعوهم إلى تأسيس تحالف مع نخبة من رجال الأعمال، وإلى استقطاب النسيج القَبَلي في المجتمع...ناصحاً الغلاة من الليبراليين بضرورة التحلي بالواقعية فهم ليسوا أنداداً للنظام مثلما تخيلوا عشية ظرف دولي طارئ!!ولذلك يجب عقد مصالحة بين نظام الحكم والليبراليين لتجاوز سوء التفاهم العابر.
وهو يثني ثناء كبيراً على ما يسميه "المعارضة البنّاءة" وعلى "شيعة السعودية"!! فمتصنع الليبرالية يهتك قناعه بيده فيمجّد شيعة السعودية، الذين لطالما تصرفت زعاماتهم كعملاء لإيران ضد البلاد التي يحملون جنسيتها وينعمون بخيراتها الوفيرة.لكن العين العوراء التي ينظر بها عدنان إلى الشيعة تجعله يبرر إنشاءهم منظمتهم الإجرامية الخائنة" الثورة الإسلامية في الجزيرة العربية: التي قامت بتخطيط وتوجيه وتمويل ثورة الهالك الخميني في عام 1400 حيث قامت بأعمال إرهابية لخدمة نظام أحفاد أبي لؤلؤة المجوسي.
بل إن المتخفي برداء ليبرالي مزعوم يهوّن من شأن إفساد الرافضة في البقيع وكذلك من فجور نمر النمر الذي دعا بوقاحة إلى سلخ المنطقة الشرقية من المملكة لكي تتبع سادته في قم، ويدعي الكاتب الكذاب وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان في العوامية من قبل سلطات الأمن، ويكاد يفاخر بعجز الحكومة عن إلقاء القبض على المجرم النمر، ويقول: وما زال النمر حتى اليوم بعيداً عن أيدي السلطات!! ويتجاهل الأفاق أن إخفاء الرافضة للنمر بعد خيانته العلنية يتناقض مع المدائح التي دبجها لهم ومزاعمه عن وطنيتهم!! ولو كان لديهم ذرة مما زعم عدنان لسلموا النمر إلى العدالة وأعلنوا براءتهم من دعاواه الفاجرة!!
والكاتب يحقد حقداً دفيناً على ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب بالرغم من قدرته على المراوغة وتقديم ضغائنه بأسلوب ماكر، ولذلك يحمل بشدة على علماء البلاد ويفتري عليهم، ويسرد فتاوى لهيئة كبار العلماء يتخذ منها مادة للتطاول والهزء، ويشن حملة ضارية على مجلس القضاء الأعلى وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يخفي تطلعه إلى إنهاء دورهما ولو بصورة متدرجة مثلما تنطق خفايا ما بين سطوره.
وختاماً: فإن هذا الكتاب الرديء مهم جداً للنخبة المثقفة من علماء ودعاة فضلاً عن صانعي القرار السياسي لأنه يفضح نيات القوم بالرغم من البراعة الهائلة في الخداع وإخفاء الباطن التي يتمتع بها المؤلف.