حتى أنت يا عبد الباري؟ عطوان وعمى الألوان!!
2 شعبان 1433
منذر الأسعد

عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة القدس العربي كتب  في  يوم الخميس 4/7/1433 الموافق 14/6/2012 م، معترضاً على وصف  ما يجري في سوريا بأنه حرب أهلية، فتلك-برأيه-حالة تم تجاوزها منذ شهور لكنها اليوم حرب إقليمية بين معسكرين أولهما يضم إيران وروسيا وحزب الله وميليشيات عراقية شيعية بدعم مباشر من الصين وغير مباشر من الهند والبرازيل، والمعسكر الثاني أمريكي يضم تركيا والسعودية وقطر بدعم غير مباشر من الأردن!!!

 

نلاحظ ابتداء أن هنالك استخداماً واسعاً لمصطلح الحرب الأهلية في توصيف ما يجري في سوريا أو في التحذير من نشوبها في المدى المنظور، مع التلاعب من أطراف شتى في التهديد بالحرب الأهلية ونفيها من قبل الطرف الواحد نفسه.

 

وسوف نغض النظر عن النيات الخبيثة وراء تلك الألاعيب لأن أصحابها المختلفين يتفقون على تأييد نظام القتل الأسدي إما علانية كروسيا والصين وإيران وإما خفيةً كالغرب المنافق. فالثورة وأهلها وأنصارهم من الشعوب الشقيقة لا يستخدمون المصطلح المشوش لأن الحرب الأهلية تكون بين شرائح اجتماعية تتسلح لمقاتلة بعضها بعضاً على أسس طائفية أو عرقية، مثلما جرى في لبنان 1957-1991م، وفي عدد من البلدان الإفريقية كرواندا والكونجو..

 

أما في سوريا فهنالك نظام يقتل شعبه بجيش يفترض فيه أنه الجيش الوطني، وبين القتلة مجرمون من طوائف مختلفة وكذلك بين الضحايا، حتى لو كان هنالك لون غالب في هذه الضفة أو تلك.فالحرب الأهلية لا تكون بين جيش ومواطنيه، وتكون كل جهة من لون واحد!!

 

فاعتراض عطوان يمكن قبوله لولا أنه اعتبر الحرب الأهلية قد وقعت في سوريا وأن الوضع الراهن تجاوزها!! فمتى وقعت حرب طائفية في سوريا إلا من طرف النظام حتى يتكلم عطوان عنها كماضٍ انقضى؟

 

لكن الأسوأ من ذلك الخلل خرافة عطوان التائهة بادعائه أن ما تشهده سوريا في الوقت الحاضر هو حرب إقليمية بين المعسكرين اللذين تحدث عنهما!! فهذه إهانة للشعب السوري وتضحياته التي تحظى باحترام عالمي، بالإضافة إلى ما فيها من كذب رخيص لا ندري الدافع وراء وقوع عبد الباري في براثنه. وإلا فليقدم عطوان دليلاً واحداً مثلاً على ما قدمته واشنطن للثورة السورية غير تصريحات هلامية عن وجوب تنحي بشار؟ وتركيا التي شبع النظام الصفيق في استفزازها لم تجرؤ على رد حازم يتيم دفاعاً عن إطلاقه النار على مخيمات اللاجئين السوريين في داخل الأراضي التركية؟

 

ألا يستحيي عبد الباري وهو يضع وقاحة روسيا وإغداقها السلاح الثقيل الفتاك على نظام يذبح المدنيين العزل صباح مساء، يضع هذه الوقاحة مع كلام خليجي عن حق السوريين في الدفاع المشروع عن أنفسهم؟ وكذلك عندما يجعل الأردن بظروفه وهواجسه التي يعرفها في موازاة نظام خامنئي الذي يزود القتلة بالسلاح والخبراء والقتلة المستعارين وأموال الخمس وفتاوى التحريض النتنة بوجوب "مساندة آل البيت في تحرير الشام من النواصب"!!
وهل يستكثر عطوان على قلة من العرب أن يعبروا عن تعاطفهم مع الشعب السوري المرابط الشجاع الذي ينزف على مدار الساعة؟
ثم أليس عجيباً أن يغازل عطوان ملالي قم وشركائهم وعملاءهم وهم الذين قاموا بالدور الأكبر في تفتيت العراق وتحويله محمية فارسية صفوية؟
ومن المفارقات المحزنة أنني في أثناء تسجيل هذه الملاحظات على هراء عطوان في صحيفته، فوجئتُ بمسؤول الشؤون " الخليجية" في  الصحيفة ذاتها(القدس العربي)   المشارك في برنامج 7 أيام بقناة بي بي سي العربية يوم  السبت 26/7/1433 الموافق 16/6/2012 م يسير على درب التيه الذي يمشي فيه رئيس تحريره، فهو يدعي بجراءة لا يُحْسَدُ عليها  أن المعارضة السورية تمارس الطائفية وتطرد المسيحيين من المناطق التي تبسط سيطرتها عليها!!!وأشهد ان كذباً مفضوحاً كهذا لا يمكن الحصول عليه إلا في محطات النظام الأسدي والجهات التابعة له طائفياً في لبنان والعراق وإيران.

 

ولو كان الرجل عاقلاً لاستحيا من دجله الذي جاء بعد ثلاثة أيام من برنامج بلا حدود بقناة الجزيرة الذي استضاف المعارض السوري الحر المعروف جورج صبرة فقد كانت شهادته الصادقة نقيض دجل مسؤول الخليج بجريدة  القدس العربي 100%!! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.