انتخابات تاريخية في ليبيا وحظوظ الإسلاميين
18 شعبان 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

وسط التكبيرات والزغاريد، انطلق الليبيون في طريقهم لاختيار قياداتهم في أول انتخابات ديمقراطية تعددية انتظروها أكثر من أربعة عقود بعد أن حكمهم الرئيس الراحل معمر القذافي الذي قتل على أيدي الثوار بعد انتفاضة شعبية هائلة قتل وعذب فيها الآلاف على مدار عدة أشهر ، وقد حان الوقت الآن للشعب الليبي أن يقطف ثمار هذه التضحيات ويبدأ أولى مراحل الديمقراطية .

وكما هو الحال في دول الربيع العربي المجاورة تونس ومصر فيبدو أن ليبيا ستشهد بدورها، صعود التيار الإسلامي وهيمنته في انتخابات المؤتمر الوطني العام الذي سيقوم بإعداد الانتخابات التشريعية والرئاسية عام 2013 .
ومن أصل 200 مقعد في المجلس الوطني، يخصص 120 مقعدا للمرشحين المستقلين والمقاعد ال80 المتبقية للأحزاب السياسية، لكن ذلك لم يمنع بعض الأحزاب من الاعتماد على مرشحين مستقلين.

 

ورغم أن التوقعات تبدو صعبة مع تنافس أكثر من 100 حزب في هذا الاقتراع التاريخي الذي جرى اليوم السبت في ليبيا ، هناك ثلاثة أحزاب رئيسية هي العدالة والبناء الإسلامي المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وائتلاف الليبراليين الذي تشكل من أجل الانتخابات برئاسة رئيس الوزراء السابق للمجلس الوطني الانتقالي خلال الثورة محمود جبريل.

 

الحزب الثالث هو "الوطن"، وهو جماعة إسلامية يتزعمها القيادي الإسلامي عبد الحكيم بلحاج الذي كان يتزعم من قبل الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة التي تم حلها وقامت بحركة معارضة ضد القذافي في تسعينات القرن الماضي.
كما تتنافس أيضا في الانتخابات التي تعلن نتائجها الإثنين القادم الجبهة الوطنية، وهي مرتبطة بالجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا المنبثقة بدورها عن جماعة الإخوان بزعامة المعارض الليبي محمد المقريف وحزب الأصالة، وهو جماعة سلفية يتزعمها الشيخ عبد الباسط غويلة، إضافة الى التيار الوطني الوسطي، يتزعمه علي الترهوني وهو مرشح ليبرالي شغل منصب وزير النفط أثناء الانتفاضة الليبية.

 

وعلى خطى جماعة الإخوان في مصر وما حققته من مكاسب في الانتخابات، تتوقع قيادات بحزب العدالة والبناء في ليبيا أن يحصد حزب الجماعة مابين 25 إلى 35 % من إجمالي الأصوات في انتخابات المؤتمر الوطني العام، معتبرين أن الحزب قوي بفضل "القواعد الشعبية" مقللين من شأن "التكنوقراط" الليبراليين.

 

ولم تمانع تلك القيادات في تصريحاتهم من التحالف مع الأحزاب التي وصفوها ب"القريبة أيديولوجيا" لتشكيل كتلة إسلامية متينة، ملمحين إلى حزب الوطن أو جبهة الإنقاذ الليبية التي شكلها في الخارج معارضون في المنفى في عهد نظام القذافي.

 

ويعتبر حزب العدالة والبناء، الجناح السياسي لجماعة الإخوان في ليبيا، وأنشئ على نسق نظيرتها في مصر بعد الثورة الليبية، ويتزعم الحزب محمد صوان وهو معتقل سياسي سابق في عهد القذافي دخل السجن لمحاولته تأسيس حزب سياسي.
ورغم ما يقوله البعض من أن ليبيا تسير على خطى النجاح الإسلامي فى دول الربيع العربي , إلا أن مراقبين يرون في المقابل أن ظروف نشأة الإخوان في ليبيا وتأسيسها لحزب سياسي يختلف مع نظيراتها العربية, حيث إن الإخوان في ليبيا يعود تأسيسها إلى عام 1949, لكنها ومع صعود القذافي إلى الحكم شهدت تجميدا لأنشطتها عام 1969، ولم يسمح لها بالعمل في العلانية فضلا عن معاناتها للقمع الشديد خلال فترة حكمه، وحين حاول بعض أعضاء الجماعة العودة للأنشطة وإعادة بناء الجماعة كان مصيرهم إما السجن أو الإعدام.

 

هذا الأمر يفرض عدة تحديات سياسية على الإخوان وحزبها السياسي حيث إن تاريخها فى التعامل مع الجماهير قليل، ولم تتح لها فرصة العمل في الشارع أو النقابات أو بناء أية منظمات ومؤسسات داخل ليبيا للخدمات الاجتماعية والعمل العام مثلما هو الحال فى مصر وتونس، وهو ما قد يؤثر بشكل ما على حظوظها في هذا الاستحقاق.