
في وقت تشتعل فيه الاحداث في سوريا ويوشك نظام الاسد على الزوال تقف حكومة لبنان موقفا مخزيا من ثورة الشعب السوري بسبب تسلط الشيعة عليها وخوفها من سلاح حزب الله, ورغم ذلك أبى الشيعة بقيادة حزب الله إلا أن يجروا البلاد إلى صراع دامي أعاد أجواء الحرب الاهلية التي شهدتها لبنان في منتصف السبعينيات وحتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي والتي أكلت الاخضر واليابس ولا زالت ذكراها المؤلمة تعيش في وجدان اللبنانيين...
لقد ظهرت حقيقة سلاح الشيعة في لبنان مرة أخرى للعيان لتكشف أن الشيعة أصبحوا دولة داخل الدولة غير مدركين لحجم الاستفزاز الذي يصيب بقية الطوائف جراء هذا الوضع العجيب والذي باركته لسنوات طويلة سوريا الاسد ودعمته إيران بالمال والعتاد..
في تصرف مفاجئ شنت مليشيات شيعية مسلحة حملة لخطف الرعايا السوريين اللاجئين في لبنان هربا من مجازر نظام الاسد وتعدى ذلك لخطف مواطن تركي والتهديد بخطف رعايا خليجيين خصوصا من السعودية مما دعا السلطات الخليجية لإجلاء مواطنيها من لبنان ووصل الامر أن قطعت المليشيات الشيعية طريق المطار حتى تمنع رعايا هذه الدول من الوصول إليه وتحتجزهم في البلاد ليكونوا فريسة لها ومع تصاعد الاحداث ووقوف الحكومة اللبنانية موقف المراقب دون تدخل حاسم خرجت أصوات سياسية ودينية لبنانية منددة بهذ العبث ومهددة بإشعال حرب أهلية في البلاد..
جاءت هذه الاحداث في أعقاب تفجر فضيحة بكل المقاييس وإن كانت معتادة في لبنان وهي اعتقال وزير سابق مناصر لحزب الله ولسوريا بسبب اتهامه بالتخطيط لتفجيرات في مناطق "مسيحية" لإشعال حرب بين المسلمين و"المسيحيين" في لبنان لصرف الانظار عما يحدث في سوريا وهو المخطط الذي دأب النظام السوري على استخدامه في لبنان كلما تعرض لمأزق, ولكن هذه المرة لن تكون مجرد مناوشات بل حرب حقيقية, وأعلنت أجهزة التحقيق أن الوزير السابق تم تصويره بالصوت والصورة وهو يستلم ويسلم المتفجرات, ولولا أن القضية محكمة ما أقدمت الحكومة الخائفة من حزب الله على اعتقال الوزير وهو ما يثير المخاوف حول عمليات أخرى لأشخاص أقل درجة يخططون لتنفيذها في لبنان وقد تكون بعيدة عن أعين أجهزة الامن حتى الآن..
والسؤال هل تدفع لبنان بسبب حزب الله ثمن انهيار نظام الاسد؟ إن التصريحات التي أطلقتها المليشيات المسلحة الشيعية في لبنان عقب اختطاف السوريين والممارسات التي قامت بها وكيفية رد فعل الحكومة يؤكد أن الوضع اللبناني على شفا الانفجار خصوصا أن الطوائف الاخرى ومنذ وقت طويل تتحدث عن اختطاف الدولة عن طريق سلاح حزب الله وتحذر من تداعيات ذلك وتلمح إلى امكانية العودة للتسليح مرة أخرى...
طول أمد الصراع في سوريا نتيجة لتخاذل القوى الدولية وتردد الكثير من الدول المجاورة عن دعم ثورة الشعب السوري أعطته فرصة لنقل الصراع إلى مناطق أخرى وقد تمنحه الفرصة أيضا من أجل تقسيم البلاد على اساس طائفي...وما يبعث على الارتياح أن النظام بدأ في التآكل من الداخل وأن المعارضة استطاعت أن تحقق اختراقات كبيرة في الدائرة المحيطة بالاسد لكن الدعم الخارجي للأسد من إيران وروسيا لا زال يشكل عقبة أمام انهيار النظام مع تغاضي الغرب عنه وكأنه يسعى لحل معين في سوريا يرضي أطماعه خصوصا مع خروج دول الربيع العربي من بين يديه ووصول الإسلاميين للحكم فيها وهو ما لا يتقبله في سوريا على ما يبدو حتى الآن وقد يكون للأمر علاقة بالصفقات المبرمة مع طهران حول تقسيم النفوذ في المنطقة .