الحرب المستعرة بالصومال.. فوضى وأطماع لا تنتهي
10 ذو القعدة 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

 

تطورات سريعة وخطيرة تلك التي تشهدها الأراضي الصومالية منذ نحو شهر ما بين اغتيالات ومعارك عنيفة تخوضها حركة شباب المجاهدين المعارضة المسلحة مع القوات الحكومية والإفريقية بدعم من كينيا التي تشن هجمات وغارات بين الحين والآخر لتقتل المدنيين في وقت يأمل الصوماليون في استقرار بلدهم في ظل انتخاب برلمان ورئيس وحكومة جديدة.
ووصل الأمر إلى حد تهديد شباب المجاهدين بقتل كل أعضاء البرلمان الصومالي الجديد "الواحد تلو الآخر"، وذلك بعد إقدامها قبل أيام على اغتيال النائب مصطفى حاجي ليصبح الأول الذي يتم قتله منذ تعيين "مجلس الشعب" الجديد (275 نائبًا) ، مشيرة إلى أنه الأول على اللائحة التي وضعوها للانتقام ممن يصفونهم بالمتآمرين على احتلال البلاد، في إشارة إلى قوات الاتحاد الأفريقي (أميصوم) والقوات الأثيوبية التي تساند القوات الحكومية الصومالية في مواجهة حركة الشباب.

وقبل اغتيال النائب،نجا الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود من اعتداء نفذه ثلاثة من حركة الشباب عندما هاجموا الفندق الذي كان فيه، وذلك بعد أقل من 48 ساعة على انتخابه، وهددت أيضا الحركة باستمرار مثل هذه الهجمات حتى "تحرير الصومال"، حيث يصفون  الانتخابات الرئاسية بأنها خدعة من الغرب لتعزيز مصالحه الاقتصادية والاستراتيجية في الصومال.
 وجاء انتخاب حسن شيخ محمود الذي انتخب بغالبية ساحقة لحوالي 270 برلمانيًا لينهي عملية سياسية طويلة برعاية الأمم المتحدة بهدف تجهيز الصومال بمؤسسات دائمة وحكومة مركزية حقيقية، أملاً في خروج البلاد من 21 عامًا من الفوضى.

 ومنذ طردهم من مقديشو في أغسطس 2011 خسر الشباب معظم معاقلهم لكنهم لا يزالون يسيطرون على مناطق شاسعة في جنوب الصومال ووسطها، وقد كثفوا عملياتهم واعتداءاتهم خصوصًا في العاصمة مقديشو.
 جاء ذلك في وقت تتقدم القوات الحكومية الصومالية والكتيبة الكينية في قوة أميصوم منذ أيام باتجاه مرفأ كيسمايو آخر معقل لحركة الشباب معلنة عن هجوم وشيك، فيما تقوم كينيا بغارات وهجمات يسقط فيها ضحايا مدنيين.

 ويأمل الصوماليون في إعادة بناء مؤسسات الدولة المنهارة‏, وإنهاء وجود الشباب المجاهدين، وتحقيق الاستقرار في بلد ذاق الويلات من الحروب الأهلية والفوضى منذ انهيار نظام حكم سياد بري عام 1991 ، لكن ما يخشاه البعض هو ظهور أطماع الغرب الذي يقود حروبا بالوكالة في البلد الإفريقي منذ سنوات.

فعلى سبيل المثال فقد تم اكتشاف احتياطي ضخم من البترول والغاز الطبيعي واليورانيوم في شبيلي السفلي, وجيدو, وبونتلاند, وصومالي لاند وجوبا السفلي, والكثير يأمل في استغلال هذه الثروات.

ويجب ألا ننسي الأهمية الاستراتيجية لهذا البلد الذي يتحكم في ممر حركة التجارة العالمية, وصادرات البترول العربي عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي حيث يمر فيها 40% من بترول العالم, و10% من حجم تجارته بمعدل 22 ألف سفينة سنويا.
 وقد أدت القرصنة الناجمة عن انهيار مؤسسات الدولة الصومالية إلي تكليف العالم سبعة مليارات دولار عام 2011, وخمسة مليارات عام 2010 وحدهما, وهددت الملاحة في قناة السويس التي تعد ثالث أكبر مصدر للعملة الصعبة في مصر بعد السياحة والعمالة في الخارج.

كما لا يمكن أن ننسى أن الفوضي في الصومال جعلت دول مثل كينيا وإثيوبيا لطلب مساعدة إسرائيل التي سارعت بعرض المساعدة في تأمين الحدود من هجمات المتشددين الصوماليين وعناصر تنظيم القاعدة المتسللين, ثم وعد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو بالمساعدة علي إقامة تحالف مناهض للتطرف في شرق إفريقيا يضم كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان وتنزانيا، وهي جميعا توالي "إسرائيل" والغرب.
ورغم أن الاستقرار يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي، إلا أن الصوماليين لا يملكون سوى التفاؤل من أجل صومالٍ جديد لوضع نهاية لإراقة الدماء التي لا تنتهي والفساد والفوضى الذين أضرا بالبلاد لعقود من الزمان.