(اليسوعية والفاتيكان والنظام العالمي الجديد) عنوان كتاب من تأليف فيصل بن علي الكاملي، نشرته مجلة البيان المعروفة، يتكون من أربعة عشر فصلاً بالإضافة إلى مقدمة وخاتمة، وعدد صفحاته 368 –مقاس: 15,5* 21سم-.
تكمن خطورة الكتاب في تقديمه أطروحة غير شائعة حول التآمر الغربي على الإسلام والمسلمين، فالمشتهر تحت هذا العنوان العريض: الماسونية واليهودية العالمية وأشباههما، أما اتهام اليسوعية فجديد على الأقل بالنسبة إلى متابع متواضع الإمكانات من أمثالي.
والمؤلف يدرك هذه النقطة وأهميتها، ولذلك تراه يمهد لقراءته بعرض توضيحات شديدة الأهمية، فيشير إلى قصور الرؤى السابقة عن تفسير المؤامرة بدقة، وعجزها عن تقديم إجابات شافية لأسئلة محورية مثل سؤال عن العلاقة بين الماسونية واليهودية والأصولية النصرانية، وحركة العصر الحديث الوثنية؟
ونكاد نلمس أول خطوط رؤية الأستاذ الكاملي إذ يصف الصهاينة بأنهم أذناب الروم، والروم-عنده- يضحكون على عامة المسلمين وعامة اليهود بمنحهم دويلتين مستقلتين في حين يستأثر الفاتيكان بابتلاع المسجد الأقصى المبارك من خلال لعبة تدويل القدس التي تدل عليها زيارة بابا الكاثوليك للأرض المقدسة الأسيرة مؤخراً، وكذلك رسالة من الخبيث شيمون بيريس إلى رأس الهرم الكاثوليكي في عام 1993م حول هذه القضية!!
وبعبارة أكثر صرامة ووضوحاً: فإن اليسوعية هي رأس الأفعى للتآمر علينا وتضم الماسونية والصهيونية وتقودهما باعتبارها أخطر جمعية سرية ورثت ما سبقها منذ مئات السنين مثل جمعية فرسان الهيكل والمتنورين( ألومبرادو)، لكي تتآمر على الإسلام والمسلمين وعلى البروتستانت وتسعى إلى استئصالهم جذرياً، وبخاصة أنها تحكم العالم اليوم، بتواطؤ بين الفاتيكان والبيت الأبيض وزعامات أوربا الرئيسية...
إلا أن تركيز الكتاب على البعد العقدي لتلك الجهات المختلفة لا يعني التهوين من شأن المصالح المشتركة والأطماع السياسية التي تلتقي أحياناً وتتنافر أحياناً أخرى، ولكن الغاية الكبرى تظل قائمة وتبقى هي الأصل المُجْمَع عليها بينهم.
البند الأول في أطروحة الكاملي يبدأ بعودة تأريخية إلى الباطنية الشريرة التي تعبد الشمس من دون الله تعالى، والتي يُرْجِعها إلى الوثنيات البائدة من بابلية ومجوسية وفرعونية.
وقد انغمس اليهود بعد يوشع في عبادة الشمس متأثرين بالوثنيين الكنعانيين في فلسطين والآشوريين والبابليين، ثم لحق بهم النصارى على يد اليهودي بولس الذي تظاهر بدخول النصرانية لكي يفسدها من داخلها لمصلحة الرومان، فالباحث الكاملي يتهمه بأنه كان عميلاً لهم لأنه كان منهم بالولادة!! وترسخت عبادة الشمس في النصارى بعد تنصر الإمبراطور قسطنطين الوثني وزعيم الروم الذين كانوا وثنيين يعبدون الشمس فدسوا موروثهم الوثني في الملة الجديدة التي اعتنقوها بعد أن شوهوها وحرّفوا أصولها وعقائدها. ويستمر الأمر لتراه في الصور المزعومة لعيسى بن مريم وأمه الطاهر، وصولاً إلى نصب مسلة فرعونية في ساحة بطرس بالفاتيكان فضلاً عن تصميم كرسي البابا نفسه على هيئة شمس... لنصل أخيراً إلى أغناطيوس لويولا المولود في عام 1491م باعتباره منشئ اليسوعية، وهو الذي ترعرع حاجباً في خدمة فرديناند الخامس بإسبانيا ثم تحول إلى التظاهر بالتنسك بعد تعرضه لإصابة أدت إلى إعاقة دائمة في إحدى رجليه ليغدو "قديساً" عند الرعاع المتعصبين.فأسس جمعية يسوع وغايتها الأولى القضاء على الإسلام، ثم توسعت دائرة الأعداء في فترة لاحقة لتضم سائر غير الكاثوليك ولا سيما البروتستانت الذين كانوا عبارة عن ثورة تمردت على سيطرة القسس والرهبان سيطرة مطلقة على الناس باسم المسيح.ثم باتت الكنيسة المحاربة تحت رعاية البابا الذي أصدر أوامره في عام 1541م باعتماد اسم ( جمعية يسوع) ويُعْرَف أتباعها بالـ( اليسوعيين)وشعارها قرص الشمس يعلوه الصليب!! وللجمعية بابا سري هو المسيطر فعلاً ويحظى بالطاعة المطلقة وليس البابا المعلن سوى واجهة!!
وللجمعية هرم يتكون من أربع طبقات عضويتهم جميعاً سرية وطبقة خامسة لا يعرف أفرادها إلا الجنرال المتحكم في كل شيء، وينتهي الأمر من خلال التدرج المدروس والأيمان المغلظة تنتهي بالعضو جاسوساً يتفنن في النفاق ومخادعة الآخرين لمصلحة التنظيم المطلقة.
ونفذت الجمعية سلسلة هائلة من المذابح الجماعية في حق مخالفيها والاغتيالات الفردية لملوك وقادة في كثير من البلدان الأوربية، ثم يفجر المؤلف قنبلة أخرى من عيار أثقل، فيدعي أن الماسونية رومية نصرانية وليست يهودية كما هو شائع بين الناس من قبل.فهي من تأسيس اليسوعيين بحسب شواهد يختارها لباحثين غربيين.. ويرى الكاملي أن اليسوعية بذرت البذرة الأولى للشيوعية ثم يريد إقناعنا بأن الجنرال المستبد فرانكو الذي قمع ثورة الشعب الإسباني في عام1939م كان يسوعياً بعد اتهامه الثوار بالشيوعية!!
كما يزعم المؤلف أن الاتحاد السوفياتي صناعة أمريكية وأن الحرب الباردة كانت من صنع اليسوعيين!!
الحقيقة أن المرء لا يستطيع التسليم بنظرية المؤلف في ضوء كثير من الانتقادات التي يمكن توجيهها إليها مبدئياً، لكنها نظرية جديرة بمزيد من البحث والمناقشة العلمية الموسعة بحثاً عن الحقيقة.
فالمؤلف استند إلى كتب كتبها غربيون متعصبون للبروتستانتية كما أظن وحبذا لو اعتمد على مصادر متنافرة ليقارن بينها بصورة موضوعية تكون أكثر إقناعاً.
وآخذ عليه اعتماده روايات أهل الكتاب في كتبهم المحرفة لتحديد زمان أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام بألفي سنة قبل ميلاد المسيح عليه السلام، كما بنى عليها جزمه عن عبادة اليهود للشمس.