كانت حلقة مميزة من برنامج (هنا سوريا)، تلك التي بثتها قناة أورينت نيوز في يوم الأربعاء 20/2/1434هـ الموافق 2/1/2013م، إذ كان موضوعها ساخناً جدّاً، وهو مناقشة الفيلم/ الفضيحة الذي بثته فضائية بي بي سي عربية قبل أيام لتلميع صورة العصابات الأسدية وبخاصة بوقها الرسمي: قناة الإخبارية وجاء تحت عنوان: شاشة للرئيس، لكن الموضوع الفعلي للفيلم المخزي هو تلميع مذيعة بائسة في قناة الإخبارية، أسرها الجيش السوري الحر ثم أطلق سراحها بلا أي مقابل!! غير أن أبطال الجيش الحر "ارتكبوا جناية فظيعة" إذ إن أحدهم طلب من المذيعة الشبيحة تغطية شعرها عند تصوير لقاء معها تم بثه على النت ثم تناقلته الفضائيات!!
وكان ضيوف البرنامج في أورينت، هم:
المُعَارِض السوري المعروف: عبد الرزاق عيد، والإعلامي السوري الخلوق: أحمد كامل،
والمصور المنشق عن قناة الدنيا: يونس اليوسف.
وهنا نجد لزاماً علينا أن نقف وقفات مع الحلقة:
الوقفة الأولى: تستحق أورينت الشكر على مبادرتها المتميزة فقد تجاهل الإعلام العربي فضيحة بي بي سي هذه، ولو سئل هؤلاء المتجاهلون عن سبب موقفهم العجيب لتذرعوا بأنهم لا يسيئون إلى وسائل إعلامية أخرى. وهذا عذر أقبح من ذنب فالمهمة الأصلية للإعلام السليم هي البحث عن الحقائق وتقديمها إلى الجمهور بأمانة، فهل تنتهي الأمانة عندهم إذا خانها زملاء مهنتهم؟!
الوقفة الثانية: تستحق قناة أورينت الثناء على حسن إعدادها للحلقة ولقد أبدعت المذيعة وضيوفها في مناقشة القضية بموضوعية وكفاءة واضحتين.
الوقف الثالثة: للعبد الفقير شخصياً ولهذا الموقع الكريم –موقع المسلم- حق معاتبة أورينت عتاب محبة، لأنها تأخرت كثيراً في التصدي لانحياز بي بي سي إلى عصابات بشار وعدائها للثورة السورية. وبما أن العاملين في القناة من محررين ومعدين ومقدمين هم من أهل المهنة، فقد كان ينبغي لهم متابعة ريادتنا في كشف اللثام عن بي بي سي وسقوطها المدوي، منذ أكثر من سنة كاملة. وإذا رغبوا في التثبت من دعوانا فليضعوا اسم كاتب هذه السطور في جوجل، أو فليدخلوا إلى موقع المسلم وليبحثوا عما سطرتُه في زاوية رصد الإعلام.
بقيت مفارقة جديرة بالحديث عنها، ففي اليوم التالي لبث حلقة أورينت (أي يوم الخميس 22/2/1434)، كانت فضائية بي بي سي عربية تحتفي بمرور 75 سنة على انطلاق البث الإذاعي لهيئة الإذاعة البريطانية باللغة العربية، وكان من ضيوفهم في احتفاليتهم تلك، عبد الباري عطوان الذي أطلق قصائد تشبه المعلقات في المبالغة وليس في الجودة، كلها ثناء فج وغزل ممجوج بالقناة حتى في تغطيتها الدعائية للثورة السورية، وشكك عطوان في المقابل في مواقف الإعلام العربي من ثورة الشعب السوري فقد اعتبرها المرتزق عطوان أحادية وغير موضوعية!!
ولأن كلامه اتسم بمديح رخيص ومُبَالَغٍ فيه، كما ترافق مع هجاء بذيء للقنوات العربية يبدو للعيان أنه يصفي حسابات شخصية معها، فإن المذيعة شعرت بالحرج من هذا الدجل غير المهني الذي تأبى أي قناة محترمة بتمريره مهما كانت الظروف، فقد لجأت إلى اعتراض شكلي يخفي تحيزها الضمني للقناة التي تعمل بها، حيث تظاهرت بالدفاع عن القنوات الغائبة المشتومة، فغمزت منها بأسلوب ماكر بشتمها المشاهد العربي زاعمةً أن تلك القنوات تقدم له ما يشتهيه ولذلك فهو يتابعها!! أي أنها في المحصلة النهائية شتمت القنوات العربية وشتمت جمهورها في الوقت نفسه!! وكذلك تكون "الموضوعية" المزعومة وإلا فلا!!
وقد كان الضيفان الآخران: الدكتور حمزة بيت المال والدكتور ياسر عبد العزيز أكثر إنصافاً وموضوعية نسبياً، وبخاصة إذا قسنا رأيهما المتوازن بهراء عطوان الذي فضحه الربيع العربي منذ ثورة أحفاد المختار على طاغية ليبيا الهالك، حتى ثورة الشعب السوري العملاق على طاغية الشام الوريث القاصر والصبي الذي يخدم أحفاد أبي لؤلؤة المجوسي، الذين كان عبد الباري يحاربهم سنوات طويلة، فربما انتهت مواجهته معهم وانقلب إلى أجير لديهم بعد زوال صدام حسين الذي كان يمول صحيفته التعسة.