أسد الله خرقاني.. جرأة محمودة وأوهام ذميمة!!
1 ربيع الثاني 1434
منذر الأسعد

الدين الشيعي دين شديد الانغلاق والتزمت في القضايا الأساسية التي يقوم عليها الدين الاثني عشري وبخاصة في نسخته الصفوية الأشد غلواً وزندقة، فكل من حاول مراجعة مسائل جوهرية مثل زواج الزنى المُقَنّع "المتعة" ونهب خمس أموال الرعية، يتعرض إلى حرب شرسة يشنها عليه المنتفعون من أصحاب العمائم الذين يؤلبون عليه الدهماء، وقد يكون القتل مصيره. فكيف إذا اجترأ صاحب عمامة على توهين أكذوبة النص الإلهي على اثني عشر إماماً معصوماً، ودعا إلى الشورى لاختيار الحكام، مع علمه أن أسطورة الوصية هي الركن الأكبر في الدين الرافضي المختلق، وبدونها تنهار قضايا المتعة والخمس تلقائياً؟

 

ربما تكون هذه الحقيقة وراء حرص الشيخ عمر الزيد على نشر مؤلفات لعلماء ومفكرين كبار من الشيعة كان فيهم من الجرأة على الصدع بالحق ما يكفي لمواجهة طوفان أهل الباطل، ودفع ثمن تلك الجرأة. وهذه الصيغة من خصائص موقع (اجتهادات) الذي يشرف عليه الشيخ الزيد، ويرفده بأعمال من هذا النوع، له الفضل بعد الله تعالى في تعريف الأمة بها، بعد سنوات من تعتيم القوم عليها بخبثهم الفظيع.

 

ومن المؤلفات المهمة التي اطلعتُ عليها في الموقع منذ فترة، كتاب: (محو الموهوم وصحو المعلوم-أو: السـبيل إلى عودة العزَّة والعَظَمَة والسيادة الإسلامية) من تأليف المرجع الشيعي أسد الله موسوي مير إسلامي المعروف بـ «أسد الله خرقاني» (1254 - 1355هـ الموافق 1839 – 1936م)، والذي ترجمه إلى العربية وقدَّم له وعلَّق حواشيه سـعد محمـود رسـتم.

 

وصف المترجمُ في مقدمته صاحبَ الكتاب أسد الله خرقاني بأنه من أوائل المنادين بالتصحيح والتجديد والاعتدال ومن أبكر من طرح إعادة النظر في عدد من العقائد الشيعية الإمامية الموروثة الخاطئة، وأكد رستم أن كتاب خرقاني الذي نعرض أبرز ما فيه هنا، من أهم وآخر كتبه التي تركت تأثيراً كبيراً في أفكار العلماء الإصلاحيين ودعاة التصحيح والتجديد من بعده.

 

وبعد إبحار المترجم في سيرة المؤلف العلمية والعملية-حيث عمل فترة في السياسة في نطاق الحركة الدستورية ثم اعتزل السياسة وتفرغ للعلم والبحث-، يعرض السيد رستم نبذة وافية عن كتاب محو الموهوم وصحو المعلوم، الذي نشره بعد وفاة خرقاني وقدم له " آية الله" محمود طالقاني.وفيه يحمل خرقاني حملة ضارية على مراجع الدين الشيعية في زمانه، الذين لزموا الصمت أمام تغيير أحكام الشرع وإقصاء الإسلام عن الحكم كما وجه انتقادات لبعض الآراء والأفكار الشيعية الإمامية السائدة، وأبدى إعجابه الواضح بما كان عليه حال المسلمين مدة أربعين سنة من صدر الإسلام في عصر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وبخاصة في المدينة المنورة ثم في فترة الخلفاء الراشدين؟! واعتبر أن سبب انحطاط المسلمين يكمن في تركهم العمل بأحكام الإسلام وشريعته وقواعده وأن السبيل إلى عودة العزة والسيادة للمسلمين يتمثل في استلهامهم  فترة الخلفاء الراشدين واتخاذها أسوةً. ودافع أيضاً عن النظام الجمهوري الإسلامي الذي ميزه تماماً عن النظام الجمهوري لدى سائر الشعوب والملل غير الإسلامية حيث إن النظام الجمهوري الإسلامي أساسه الدين وعبادة الله والمساواة الدينية والأخوة الإسلامية أما الجمهورية لدى الآخرين فهي انتخاب رئيس جمهور بهدف الرقي بالبلاد فقط مع الحفاظ على العقيدة المادية الدهرية، أي أن الهدف مادي محض. وفي خلال دفاعه عن صحة الجمهورية طرح خرقاني نظرية الانتخاب والاختيار للإمامة مخالفاً بذلك نظرية النص الإمامية الاثني عشرية حتى أنه شكك في دلالة واقعة الغدير وفي دلالة الآيات التي يستند إليها الإمامية لإثبات نظريتهم في الإمامة القائمة على النص والتعيين الإلهي لأولي الأمر!!

 

الكتاب مفيد لإيقاظ الجاهلين غير المتعصبين من الشيعة، لأنه يبقى من تأليف رجل له مكانة علمية عندهم وليس من أهل السنة والجماعة.لكن هذا العمل المهم-وكل كتاب من صنفه- يحتاج في رأيي المتواضع إلى دراسة يضعها الشيخ الزيد أو أي طالب علم يثق به، توجز أهم ما في الكتاب وتنبه في الوقت نفسه إلى نقاط ضعفه أو عوراته، لئلا يتأثر بها القارئ غير المُحَصّن إزاء خرافات القوم، ولا سيما أن كثيراً من علمائهم الشجعان لا يستطيعون التحرر تماماً من رواسب دينهم التي نشؤوا وتربوا عليها سنوات طويلة، وقد يكون بعضهم مع الحق في قضية ويتمسك بالباطل-عمداً-في أخرى.فالتحذير واجب في مثل هذه الأحوال.

 

وسوف أضرب بعض الأمثلة من كتاب محو الموهوم الذي نطالعه في هذه العجالة، فإذا كنا نحمد للمؤلف شجاعته في الثناء على الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين سبقوا علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً، فإن موقفه الشنيع من معاوية رضي الله عنه بخاصة ومن بني أمية بعامة، يستحق الرد والتفنيد وهو ما لم يفعله المترجم في هوامشه التي كان موفقاً في معظمها.كما فات المترجم أن يعترض على كلمات قصد المؤلف فيها الثناء على الله عز وجل ولكن الصواب جانَبَه، كقوله عن الله سبحانه بعد إيراد آيتين قرآنيتين: فحبذا وطوبى لقائلها جل جلاله. فالتحبيذ والدعاء بطوبى يليق بالعباد ولا يليق بالله تبارك وتعالى!!

 

ومما يؤسفني سكوت المترجم عن فرية أثبتها المؤلف ظلماً وهي فرية يلصقها الرافضة منذ القديم بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذ يزعمون أنها حرّضت على قتل عثمان ذي النورين رضي الله عنه والعياذ بالله!!