بئس "الراعي"
6 ربيع الثاني 1434
منذر الأسعد

صدق الله تعالى القائل في محكم التنزيل العزيز: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].

 

سبحان الله!! حضرت الآية الكريمة إلى ذهني وأنا أتابع زيارة الحقد التي قام بها رأس الكنيسة المارونية في لبنان بشارة الراعي إلى "سوريا الأسد"!! فبالرغم من مخاتلاته وألاعيب حلفائه في حلف الأقليات، كانت الزيارة من أولها إلى آخرها انحيازاً مطلقاً إلى جانب عصابات القتل الوحشية الأسدية، فذريعة تنصيب بطريرك للروم الأرثوذكس أوهن من أن تنطلي حتى على صبيان النصارى المميزين، فأنى لها أن تخدع ملايين المسلمين الذين يعلمون مدى حقد الراعي على الإسلام وأهله، وهو الذي استهل تزعمه لكنيسة الموارنة بهجوم مليء بالكذب على الثوار السوريين، وبتأييد أعمى لحزب الولي السفيه بزعامة مسيلمة العصر حسن نصر الله!!

 

ولعل المطلعين على خفايا الأمور يدركون سر اختيار الراعي لزعامة الكنيسة المارونية تحديداً، مع تنحية سلفه البطريرك صفير. فالأخير كان شوكة في حلق النظام السوري الخسيس، وعنصراً مهماً في وقف مؤامرات الرافضة وركوبتهم النصرانية ميشيل عون عند حدود لا يستطيعون تجاوزها بسهولة. وكان صفير خصماً عنيداً في وجه مؤامرة تحالف الأقليات الذي تؤسسه أمريكا بالتعاون مع الكيان الصهيوني ودولة أبي لؤلؤة في طهران، منذ عقود من السنين.

 

ولم يكن صفير ينطلق في ذلك من أي ود إزاء أمة الإسلام فنحن قد علمنا ربنا تبارك وتعالى أنه لن ترضى عنا اليهود ولا النصارى حتى نتبع ملتهم!!لكنه كان يفهم حقائق التاريخ ومقتضيات الجغرافيا، ولذلك اتخذ مواقفه حرصاً على رعيته النصرانية، بعكس ما يقترفه الراعي الذي يخون النصارى أدرك ذلك أم لم يدركه!!

 

ويكفي الراعي خزياً وعاراً الاحتجاجات الواسعة التي قوبلت بها جريمته ضد الشعب السوري، من مثقفين بارزين كثر من النصارى بمن فيهم الموارنة أنفسهم.وأبان هؤلاء أن بطريرك الموارنة المذكور إنما يسيء إلى نصارى المشرق الذين عاشوا مئات السنين في ظل عدالة المسلمين.

 

وما لم يقله له رهطه لانشغالهم بمخاوفهم من تبعات موقفه الوضيع على حاضرهم ومستقبلهم، أن نظام عائلة الأسد قتل من الموارنة في لبنان ألوفاً مؤلفة بينهم مفكرون وساسة وضباط في الجيش.فهل نسي الراعي ذكريات لم تمر عليها سوى عشرين سنة؟ أم أن بغضه الشديد للمسلمين أكبر من جرائم عصابات الأسد الأب ثم الابن؟

 

إنه عار لن تمحوه الأيام وفضيحة عند الساذجين من المنتسبين إلى الإسلام الذين يضحك عليهم بنو علمان، فهذه هي حقيقة من يرفعون شعارات: أحبوا أعداءكم وباركوا لاعنيكم، ومن ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر!!

 

أما الذين يعرفون أبرز المحطات في تاريخ سوريا الحديث، فإن ازدراءهم لبشارة الراعي يتضاعف، عندما يتذكرون سياسياً نصرانياً وطنياً –لم يكن رجل دين يتاجر بالمحبة المفتراة-.

 

إنه فارس الخوري الذي استفزه الغزو الفرنسي الصليبي لسوريا –ولبنان كان جزءاً منها حتى ذلك الوقت-، فقد ادعى الجنرال الدنيء غورو قائد قوات الغزو أن جيشه جاء إلى المشرق لحماية نصاراه!! فما كان من فارس الخوري إلا الذهاب إلى الجامع الأموي الشهير في دمشق، واستأذن فخطب في الناس خطبة جريئة، قال فيها: إذا كان الاحتلال الفرنسي يتعلل بأنه أتى لحمايتنا نحن النصارى فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله!!!

وسبحان الله، ما أبعد الثرى عن الثريا!!