شجاعةٌ "شيعيةٌ" نتجاهلها!!
24 جمادى الثانية 1434
منذر الأسعد

تبدو المسافة بالسنين الضوئية، بين "إنجازات" المجوس الجدد أعداء الله وأعداء أمة التوحيد، وبين تراجع الحضور الإسلامي القوي إستراتيجياً في المنطقة وفي العالم.

 

والسبب الجلي هو امتلاك هؤلاء الخبثاء مشروعاً يحشدون له سائر طاقاتهم، ويوظفون جميع كوادرهم في الميادين المختلفة، في حين ليس هنالك مشروع جامع لأهل السنة يتصدى لمؤامرات الصفويين الخطيرة-وذلك التصدي هو أضعف الإيمان لأن المسلمين بسبب كونهم أنصار الحق من جهة، وبتأثير حجمهم العددي وطاقاتهم الهائلة، ينبغي لهم أن يكونوا أصحاب المبادأة وليس رد الفعل. وقد استغل القوم أن الدفاع العربي اتخذ طابعاً خليجياً تقريباً، ولم يكن وقفة حازمة من الأمة جمعاء.

 

وإذ انتهز المجرمون شتات العرب-باعتبارهم عدوهم الأول لأنهم حملة الإسلام في الأصل- فتوغلوا في أكثر البلاد القريبة والبعيدة، وازدادت شراستهم عقب إخراج العراق من موقعه الطبيعي في عام 1991م، مستغلين حماقة غزو الكويت، ثم ألقوا عن وجوههم الكالحة أقنعة التقية الزائفة، منذ الغزو الصليبي للعراق قبل عشر سنوات، بتواطؤ منهم مع الغزاة الذين سلموهم العراق كاملاً، يعيثون فيه فساداً ويتخذون منه منصة لمضاعفة تسللهم إلى دول الجوار. 

 

هذا التمهيد ضروري في رأيي المتواضع، للقضية التي أثيرها اليوم، وهي قضية عامة وإن لاحت كأنها تتعلق بشخص واحد، هو بطلها الجريء حقاً: الدكتور خلدون الأسدي، الشيعي وابن قبيلة كبرى ينتمي أكثر أبنائها إلى الشيعة الاثني عشرية.

 

فقد أطلق الطبيب الكهل صرخة احتجاج على تلاعب كهنة المجوسية الجديدة بالعراق ومجتمعه المثخن بالجراح، والمغرر به من خلال إلغاء العقول فيه ومحاربة أي تفكير موضوعي تبدو بوادره لدى أبنائه. لكنني رصدتُ ردود الفعل على اعتراض الرجل الشجاع فلم أجد أدنى اهتمام في بيئاتنا، ولو في نطاق السياسة المحض!! كل ما ظهر هو حملات تهديد وترهيب له، وتضييق عليه في حياته، وتشويه سمعته بالافتراءات المختلقة-والقوم بارعون في مضمار الدجل براعة لا يجاريهم فيها مخلوق-!!

 

احترز الأسدي مسبقاً مما توقعه من بذاءات الكهنة والقطيع الذي ينعق بما يشتهون، فأشار إلى قبيلته باعتبارها من أكبر القبائل الشيعية بخاصة والعربية بعامة، ونوه بوجود مشيخة بني أسد في مدينة الناصرية جنوبي العراق، والتي يصفها بأنها أم الأحزاب العراقية وأم الشعراء والفنانين ..

 

ثم أدلى الطبيب بشهادة حق قال فيها: على مدى 80 عاماً من حكم السياسيين السُنة وأنا موظف لأكثر من عشرين سنة لم أشاهد في دائرة حكومية أو نقابة أو اتحاد أو جمعية أو منظمة صورة أو عَلَماً أو لافتة عن رجل دين سني أو رئيس جماعة سنية أو جهة دينية سنية أو شعائر دينية سنية وأشهد الله على ذلك!!

 

ولكني وخلال 5 سنوات من حكم الشيعة-أي: قبل 5 سنوات من الوقت الحاضر!!- رأيت اللافتات والصور والأعلام لرجال دين ومراجع دينية ورموز طائفية وطقوس وشعائر طائفية شيعية تملأ الدوائر الحكومية والمؤسسات والمنظمات والاتحادات والأحزاب، وقد وصلت إلى حد أن يترأس مسؤولون حكوميون كبعض الوزراء الشعائر الطائفية في الدوائر وبضمنها اللطميات والطبخ والقرايات وبشكل مقزز للشيعة المتعلمين، فكيف بأبناء الطوائف والأديان الأخرى، والأسوأ إرغام الموظفين جميعاً من مختلف الشرائح على حضورها ومن لا يحضر يعتبر ضد النظام وناصبياً أو وهابياً أو بعثياً..  و(هذه المصطلحات) تسمعونها تتردد في الدوائر وهناك في دوائر الدولة ضباط أمن من أحزاب السلطة الشيعية حصراً لديهم صلاحيات واسعة لإلصاق هذه التسميات بأي شخص لا يعجبهم!

 

ويمضي الرجل الحر في شهادته فيقول: وعلى نطاق المناطق السكنية قام أفراد جيش المهدي خلال سطوتهم وخلال المناسبات الدينية التي أصبحت لا تعد ولا تحصى بتبليغ الناس بوضع الأعلام الطائفية والصور والشعارات خلال هذه المناسبات ويبدو أن بعض الناس في الأحزاب الطائفية متخصصون في البحث عن المناسبات الدينية التي لم نكن نعرفها ولم يسجلها المؤرخون مثل استشهاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على أساس أن عمر وأبا بكر أعطيا عائشة السم لتقتل به زوجها الرسول، صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء لا يعرفون أن مقام النبوة أعلى من مقام الشهادة وبسبب ولعهم التاريخي الماسوشي بالتغني بالشهادة التي بدؤوا يطلقونها على كل من هب ودب ويكتشفونها من سنة إلى سنة ليزيدوا المناسبات الدينية التي يستخدمونها لتحويل الناس إلى قطعان من الأغبياء الذين ليس لهم هدف في الحياة سوى البكاء وإحياء المناسبات الدينية المزيفة التي حولت حياة الناس العاديين من الواعين إلى قرف في قرف وخصوصاً وهم يعلمون البرنامج المخابراتي والسياسي من وراء ذلك والذي يقصد منه إبقاءهم متخلفين وجهلة في قطعان الخرفان التي يقودونها عدة مرات كل شهر إلى المقامات الدينية والمدن المقدسة ليعلنوا الزيارات المليونية ويتفاخروا بعدد الزوار ضد الخصوم السياسيين مما يدل على الهدف السياسي وراء هذه المناسبات!

 

في خلال 80 عاماً من حكم الساسة السُنة; لم نرَ على شاشة التلفزيون أو الإذاعات إلا برامج في شهر رمضان بعد الفطور يظهر رجل دين يلقي موعظة وتكون مقسمة يوماً بيوم بين رجل دين شيعي وآخر سني، ويمكنكم التأكد من ذلك من الولي الفقيه حسين إسماعيل الصدر، الذي كان يأخذ الحصة الأكبر هو والشيخ المدني ..  وبعد تأسيس تلفزيون الشباب كان يظهر كل جمعة الشيخ العباسي يوم الجمعة ليجيب عن أسئلة الناس وكان برنامجاً كاريكاتورياً يقصد منه الاستهزاء بالدين ولا علاقة له بسنة أو شيعة..

 

حاليا تمارس علينا الإذاعات والقنوات الفضائية والأرضية عقوبات دينية وبلغ التنافس بينها لتحقيق "مرضاة الله" أن تظهر لنا كل من هب ودب وكل من حفظ مجموعة من الروايات ولبس عمامة وارتدى عباءة ولبس عدة محابس ليذيقنا الويلات في الدنيا قبل الآخرة برؤية وجوههم الوسخة وسماع ألفاظهم الممطوطة بسبب جلوسهم مع الإيرانيين وتعلمهم على أيديهم وكأن الدين الإسلامي نزل على زرادشت!!

 

وقد بلغ ببعض الإذاعات والفضائيات الأمر أن بدأت تسرح وتمرح وتقدم (معممين) مختصين بتفسير الأحلام وطب الأعشاب وطب الأئمة والطب النبوي والحجامة وتجبير الكسور والأحوال الشخصية والأحوال السياسية والرياضية وكل شيء (إنهم يعلمون كل شيء)!

 

ويختم الرجل صرخته الحزينة على حال قومه، برواية عن حال زميل له، ألغوا عقله كلياً بالرغم من أنه تخرج في الجامعة:

في أحد الأيام كنت في نقاش مع أحد المغيبين عن الوعي وقد بين لي بأن رجال الدين وخصوصاً السيستاني درسوا كل شيء: العلوم والفيزياء والكيمياء والطب واللغات، فلما سألته هل بإمكانه معالجة المرضى؟!، قال لي بالتأكيد، قلت طيب نحن ندرس الولادة والجراحة أين تعلمها هو؟!، قال لديه علم لدني، قلت هل يستطيع توليد امرأة أو إجراء عملية؟!، قال لي نعم ولكن هذا غير عملي بالنسبة له..  فتصوروا هذه العقول مع العلم أن هذا الشخص خريج كلية!!!

******

 

وسؤالي أنا لسائر الجهات السياسية والعلمية والإعلامية والاقتصادية في بلادنا الإسلامية كافة، هو: بالله عليكم لو أن أحد المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة تكلم على أهله كلاماً كهذا، بالرغم من كونه كذباً، فما تتوقعون أن يفعل نظام الملالي الخبيث في حاله؟ أدع الإجابة لكم لأنها تفتح أبواب الحقيقة التي يصر بعضنا حتى الآن على ألا يراها، بعد خراب البصرة وبغداد ودمشق!!

 

أليس تجاهل الإعلام العربي كله شخصاً بهذه الشجاعة ولو من باب الإثارة المهنية، أليس يطرح علامات استفهام وتعجب كثيرة؟