الغرب والمخدوعون به.. ليس في سوريا ثورة!!
29 جمادى الثانية 1434
منذر الأسعد

ما أكثر الذين راهنوا في بدايات الثورة السورية على موقف غربي حاسم، في مواجهة طغيان عصابات الأسد المستمرة منذ نصف قرن حالك الظلام.

 

لقد انخدعوا-ونعني هنا الغافلين لا الخبثاء- لجملة أسباب يصح وصفها بأنها ظلمات بعضها فوق بعض، حتى إذا أخرج الغائص فيها يده لم يكد يراها. أولها: أن الغرب حريص على نشر بضاعته "الديموقراطية" فكيف وهذا الغرب وصل في تأييد حق الشعوب في التحرر من طواغيتها، إلى حد التدخل الجوي الكاسح لمساعدة الشعب الليبي في استئصال معمر القذافي؟

 

الخديعة الأخرى تتمثل في أسطورة أن الغرب يبغض نظام الأسد، ويتربص به الدوائر، وها قد حانت فرصة ذهبية باندلاع ثورة شعبية قوية وجذرية، فهل يُعْقَلُ ألا ينتهزوها لإزالة نظام لطالما اعتبروه ركناً من أركان محور الشر وهو يؤازر خطط إيران ويدعم حزب اللات المعتبر في القائمة الأمريكية منظمة إرهابية؟ ورأى هؤلاء في شعارات الثورة السورية: الشعب السوري واحد، لا سلفية ولا إخوان،... رأوا فيها عنصر إغراء للغرب الذي لا يكتم عداوته العميقة لأي صلة لشعوبنا بإسلامها. فهذه بوادر علمنة بالمعايير الغربية.

 

نحمد الله على أن وفقنا إلى أن نكون في موقع "المسلم " سباقين إلى تعرية هذه الأراجيف في وقت مبكر، ولم نكن نرجم بالغيب أو نعتمد تخميناً رغبوياً. أبداً، فكل ما فعلناه هو مناقشة الحاضر وإمكانات المستقبل بعقلية نقدية تأبى الركون إلى ما يطفو على السطح من زَبَدٍ يذهب جُفاءً، فكيف وكثير من هذا الزبد ليس مجرد فقاعات معتادة، وإنما هو عبارة عن طبقة طلاء زائفة تخدم المؤامرة الغربية على الأمة بعامة، وفي سوريا بخاصة!!

 

فعائلة الأسد عريقة في الخيانة منذ جد بشار الذي ألح مع زعماء النصيرية على الاحتلال الفرنسي أن يستمر في احتلال سوريا، وأبدى هؤلاء الخونة حرصاً مبكراً على الكيان الصهيوني من قبل قيامه على اغتصاب فلسطين عام 1948م. وجاء حافظ وسلم الجولان لليهود بلا قتال، ثم تولى حراسة احتلالهم الهانئ له منذ 1974م حتى اليوم، حيث يكمل ولده المعتوه أداء مهمته نفسها.

 

لذلك لا نستغرب أن يصر الغرب على دعم نيرون الشام من خلال تركه يذبح السوريين يومياً بجميع أصناف السلحة، ومن خلال منعهم وصول أي سلاح فعال إلى الجيش السوري الحر للدفاع عن نفسه ومواطنيه العزل.

 

الآن، بعد أن أسقطت الثورة السورية المدهشة جميع أقنعة الغرب، تجاوز الغربيون مرحلة التقية وأخذوا يتحدثون بصفاقة لتزوير هذه الثورة التي أربكت جميع حساباتهم، فصاروا يرفضون الاعتراف بوجود ثورة، وساروا وراء دجل أبواق النصيرية والصفوية فراحوا يتكلمون عن أزمة ثم انتقلوا في دجلهم مرتبة أخرى أشد وضاعة، فباتت الثورة اليوم في سوريا حرباً طائفية!!

 

لم يقف الأمر عند الساسة المجرمين –من حاليين كأوباما أبي الخطوط الحمراء المتحركة ومن سابقين مثل الخنزيرين كيسنجر وبريجنسكي-بل إن داء الكذب البواح وصل إلى تجار الرأي وتجار النصرانية.

 

ولأن الشواهد كثيرة، أكتفي بمثلين حدثا في يوم واحد، هو يوم الجمعة 24/6/1434 الموافق 4/5/2013م، حيث استضافت قناة العربية تيري ويت المبعوث الأسبق لكبير أساقفة كنتربري، والذي اختطفه حزب اللات في بدايات تأسيسه وأخفاه قسرياً مدة أربع سنوات.

 

فهذا المخاتل الذي يفترض فيه أن يتضامن مع آلام الشعب السوري لأنه شخصياً ذاق بعض ويلات العنف الرافضي، يصر على نفي الثورة السورية، وينسب إلى الطرفين ارتكاب جرائم حرب..... ويتشبث بفرية الغرب عن تنظيم القاعدة وكأنه هو صانع الثورة السورية.

 

والشهادة لله سعى المذيع حسن معوض إلى كبح جماح دجل ويت، لكنه لم يكن موفقاً، وإلا فأين كان السلاح كله في السنة الأولى من الثورة السورية وما الذي فعله الغرب الدجال غير منع السوريين من الذود عن أنفسهم!! وعندما تحدث القس الكذاب عن حتمية الحل السياسي كان في وسع المذيع أن يسأله: ألم يكن من الأفضل لبريطانيا إذاً تسوية الخلاف مع هتلر سياسياً بالرغم من أن هذا الأخير لم يبدأ بريطانيا بالحرب أصلاً؟

 

وفي اليوم نفسه خصصت قناة الجزيرة حلقة برنامجها حديث الثورة لمتابعة أحدث مجريات الثورة السورية، فاستضافت ثلاثة ضيوف غير سوريين، هم: د. خطار أبو ذياب من باريس، والشبيح اللبناني يونس عودة، والشبيح الأمريكي جوشوا لانديز، الذي يؤكد عدم ضرورة تدخل أمريكا في مشهد عبثي فالنظام يقتل أهل السنة وأهل السنة يريدون استئصال العلويين!! هكذا اخترع الكذبة وصدّقها!!

 

حاول أبو ذياب تصحيح الخلل الواضح في الحلقة غير المهنية لكنه لم ينجح تماماً، لأنه في مواجهة اثنين من الشبيحة مغلظي الوقاحة-فكل شبيح وقح لكن بعضهم أشد وقاحة من بعض-. وكانت حلقة تثير علامات استفهام غير بريئة!!