في حوار مطول مع الناشط السياسي والإعلامي الأحوازي عادل السويدي، أجاب في حلقته الأولى عن عديد من الأسئلة الخاصة بالتعريف بتركيبة إيران الداخلية، وتحدث عن مكوناتها الإثنية، وأحجامها، وعن طبيعة هذا البلد غير المتماسكة..
وفي الحلقة الثانية، تحدث عن الفارق بين جهود البلوش والأحواز ضد إيران ومدى اختلافاتها، وتحدث عن فكرة توطين القوميات في مناطق الأحواز، وعن العلاقات الأمريكية الإيرانية..
وفي الحلقة الثالثة، تحدث عن إيران من الداخل ومسألة الإعلام الإيراني..
أما في الحلقة الرابعة والأخيرة فيتحدث عن القضية الأحوازية باستفاضة ويلمس جوانب لم يتم التطرق إليها من قبل..
نص الحوار:
- نعود للأحواز قليلًا، بما أنَّ الأحواز تمتلك ثروات هائلة، واستراتيجيَّة، فإيران لن تتخلَّ عنها أبدًا، إذًا فأنتم تخوضون معركة خاسرة ؟.
إيران مستعدَّة لأن تخسر طهران بشرط ألَّا تخسر الأحواز، ونحن نعلم هذا الأمر جيدًا، لكن! نحن لن نتوقَّف عن إيماننا بحقِّنا في استقلالنا، وخلاصنا من الاحتلال الإيرانيِّ الغاشم، وهذا يحتاج دعم الدُّول العربيَّة، ونحن نقوم بما نستطيع، فقد أفشلنا مشروع إيران في الأحواز، من استيطان وتغيير الهويَّة، والتَّشيُّع، والشِّعار الذي نجتمع عليه جميعًا في الأحواز، هو استمرار الصِّراع مع الفرس فقط، فيكفي أنَّنا لا نعترف بإيران، ولا نقبل بأن نكون إيرانيين، وكلُّ أحوازيٍّ يعتقد أنَّ أرضه محتلَّة، وكلُّ شعبنا ينشد الحريَّة، ونقوم بعمليَّات نوعيَّة بين الحين والآخر، مثل قتل القاضي المجرم المدعو كاكا، والذي أعدم خيرة شبابنا، وكان النَّاس يرتجفون لمجرد ذكر اسمه، فقامت قوى المقاومة بتصفيته، فنحن نقوم بما نقدر عليه، ونحتاج دعم إخواننا ماديًا ومعنويًا وإعلاميًا.
- هل من الممكن الحديث عن حصول تقارب مع إيران لاحقًا، باعتبار أنَّ إيران لها مصالح في الأحواز، ولا بدَّ من مراعاة هذا الأمر، فهل يعتبر هذا الطَّرح مقبولًا بالنِّسبة للفصائل الأحوازيَّة ؟.
تمَّت تجربة هذه المقاربات سابقًا، ولكنَّها لم تؤدِّ إلى نتيجة، ونحن لدينا جهات انتهازيَّة، مرتبطة بالمشروع الأمريكيِّ، وأمريكا لن تقبل بتجزئة إيران أبدًا، وهؤلاء ينادون بالفيدراليَّة في إيران، وقد انسحب من هذا الطَّرح الأكراد والبلوش، بعد أن سلَّم الأمريكيون المجاهد عبد المالك ريجي لإيران، وقد كنَّا حذَّرنا جماعة جند الله تحذيرًا شديدًا، وقد كاتبت شخصيًا جماعة جند الله، وأوضحت لهم هذا المخطَّط، فلمَّا حصل تسليم ريجي، خرجت جند الله من هذه العباءة، وهناك تنسيق بين الفصائل، لكن! لم ينجح، وأستطيع القول: أنَّه لم ينجح أي توافق مع الفرس في أيِّ لحظة تاريخيَّة، فالخميني ذاته قد تباحث معه الأحوازيون والأكراد والأتراك في فرنسا قبل ثلاثين سنة، واتَّفق معهم على توحيد الصَّف لمواجهة الطَّاغية أمريكا، فلمَّا جاء الخميني، قام وفد وطنيٌّ أحوازيٌّ ممثِّلًا لكلِّ قوى المقاومة الأحوازيَّة سواءً التي في سوريَّة، أو العراق، أو الكويت، بزيارة الخمينيِّ، وكان على رأسه الأب الرُّوحي للوفد الوطنيِّ الشَّهيد شويل رحمه الله، وهو مدرِّس الخميني ومن الأحواز، فتكلَّموا معه في مسألة الحكم الذَّاتي، فقال لهم: بما أنَّ هذه الشُّعوب ليست فارسيَّة، فلهم حقُّ الحكم الذاتيِّ، فلمَّا وصل إلى السُّلطة تنكَّر للاتِّفاقيَّات، وقال للقوى التي تجمَّعت وجاءته للمطالبة بالحكم الذَّاتي: لا يمكن أن يكون هناك انفصال، قالوا: في ظلِّ دولة إسلاميَّة، تطبِّق شعارات الإسلام، فقال لهم: نعم. قالوا: في تطبيق الإسلام نحن متفقون، لكن! نشترط ألَّا يكون هناك مشروع قوميٌّ، فوعدهم الخميني بهذا، ونحن قد اتفقنا مع الخميني - وكنَّا في وفد يضمُّ ثلاثين شخصًا - فتكلَّم الشَّيخ: شوبير خاقاني مع الخميني باللُّغة العربيَّة، فردَّ الخمينيُّ عليه باللُّغة الفارسيَّة، فقال له: أكلِّمك بالعربيَّة فتردُّ عليَّ بالفارسيَّة، فقال الخمينيُّ: أنا رجل دولة وأكلِّمك بالفارسيِّ، فقال له الشيخ شوبير: دعنا من اللُّغة، نحن جئناك على الوعد الذي وعدتنا إياه، ونحن قد أنجزنا المطلوب منَّا، فقال الخمينيُّ: حالكم حال الطَّهرانيين، فقال الشَّيخ شوبير: ولكنَّا كنَّا قد اتَّفقنا على اثنتي عشرة بندًا، كالمدارس العربيَّة، ووسائل الإعلام العربيَّة، واللِّباس العربي وغير ذلك، فردَّ عليه: حالكم حال الطَّهرانيين، فنحن خُدعنا كما خُدعنا بال 51، علمًا بأنَّ الشَّيخ: شوبير خاقاني، هو الذي أفتى بالفتوى التي انهار الاقتصاد الأحوازيُّ بسببها، فقد أفتى بأنَّه يحرم على أيِّ فارسيٍّ أو عربيٍّ أن يعمل في شركات النِّفط، لأنَّ الشَّاه عميل لبريطانيا وأمريكا، وقاتل سفَّاح، فتوقَّف العمل في شركات النِّفط، وبعد ستَّة أشهر انهارت الدَّولة الإيرانيَّة، لكن! بريطانيا وأمريكا كانتا تريدان أمرًا آخر لم ننتبه إليه نحن، عندها لم يدر الشَّيخ: شوبير خاقاني، ماذا يصنع ؟. وفي ذلك الوقت كان أحمد مدني وزيرًا للدِّفاع، فأنزل الدَّبَّابات للشَّوارع، نتيجة مطالبة السُّكَّان بحقوقهم المشروعة، والمتَّفق عليها مع الخميني، ووقعت المجزرة المشهورة، والتي سميت بالسَّوداء، وقد كتبت عنها الكثير، وقمت برفع دعوى على أحمد مدني قبل وفاته، وكان في أمريكا، وصارت تأتيني تحذيرات أنَّ طرح أمر كهذا ستتعرَّض بسببه للقتل والخطف من قبل CIA، فقلت: سأتحمَّل العواقب مهما كانت، والإطار القانونيُّ سنستفيد منه إعلاميًا، وهذه المجزرة فظيعة سقط فيها حوالي خمسمائة إنسان، وتمَّ خطف شوبير خاقاني، وأصبح تحت الإقامة الجبريَّة في قم حتَّى مات، هذا ما حصل بأستاذ الخميني ومعلِّمه، فماظنُّك بالآخرين، فهذه تجربتنا معهم، وكلُّ من يظنُّ أنَّ أنصاف الحلول تأتي بثمرة مع هؤلاء فهو مخطيء، ثمَّ حاولنا ثانية مع خاتمي، الأمر الذي أدَّى إلى انتفاضة وقتل واضطهاد، وكذلك أبطحي رئيس مكتب خاتمي، فتمَّ إعداد وثيقة للتَّفريس أشد من الخميني، ومن الشِّيعة، فالآن أصبحت بيننا وبينهم دماء، فكيف نقبل بأنصاف الحلول ؟.
- هل هناك مشاريع اقتصاديَّة في الأحواز بهدف تطوير المنطقة ؟.
لا توجد مشروعات اقتصاديَّة أبدًا في الأحواز، ولا يمكن أن يفكروا- مجرد تفكير- بتطوير الأحواز.
- وماذا عن النفط؟
النُّواب العرب المرتزقة في البرلمان الإيرانيِّ، طالبوا باثنين من ألف بالمئة من عائدات النِّفط للأحواز، 0.002 %، فلم توافق إيران، واعتبرت أنَّ هذا الأمر فيه اعتراف سياسيٌّ، فإذا كانوا لا يوافقون على نسبة 0.002 %، فهل سيوافقون على تخصيص عوائد النِّفط لتطوير الأحواز.
وقارن بالحالة العراقيَّة، فقد كان صدام حسين يخصِّص نسبة 17% من عائدات النِّفط لكردستان العراق، ولم يكتفوا بهذه النِّسبة بل هم يطالبون الآن بنسبة 34%، مع أنَّنا نحن-الأحوازيين- ضعف الشَّعب الكرديِّ بمرتين، فانظر إلى المفارقة العجيبة.
- ماذا يريد الأحوازيون من الجامعة العربيَّة ؟.
نريد من الجامعة العربيَّة أن تمنح الأحوازيين كرسي مراقب، وعندما نطلب هذا يأتينا الردُّ: نحن جامعة دول عربيَّة، وليس جامعة شعوب عربيَّة، نريد منهم دعمًا إنسانيًا فقط، ونشرًا لقضيَّتنا، وتأييدًا لها.
- ألا توجد دول عربيَّة تتبنى قضيتكم ؟.
كان سابقًا جمال عبد النَّاصر، ثمَّ صدَّام حسين، يعني فقط: مصر والعراق، لكن! اليوم للأسف لا يوجد أحد، نحن نتقوَّى بأمَّتنا العربيَّة، ولذلك نحن نحاول القيام بأنشطتنا في الدُّول العربيَّة لإحياء قضيتنا بين أبناء أمَّتنا، على الرَّغم من ذلك باستطاعتنا الذَّهاب لأوروبا لفتح مؤسَّسات ثقافيَّة تُمَوَّل عبر القانون الموجود في الدَّولة، وهذا متيسِّر هناك، وقد تركت هذا كلَّه، مع أنَّنا نقوم بهذا العمل الثَّقافيِّ هناك، لكن! ارتباطنا هو مع أمَّتنا العربيَّة، وأوَّل من وضع مفهوم الأمن القوميِّ هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين قال لما وصل الأحواز: ربَّنا اجعل بيننا وبين الفرس هذا الجبل من نار، فصارت العراق والأحواز سدًا منيعًا في وجه الفرس، لكنَّهم اليوم استعادوا هذا السَّدَّ، ودمَّروه فيما بعد بتخاذل العرب وضعفهم، وأنا أؤكِّد أنَّ دولة المشرق العربيِّ، التي تبدأ من الأحواز والعراق، إن لم تصبح في وضع سياديٍّ عربيٍّ، فالأمَّة ستبقى بهذا الهوان، وضفتا الهلال الخصيب، تبدآن من فلسطين وتنتهيان بالأحواز، مرورًا بلبنان، وسوريَّة، والعراق، والضِّفتان محتلَّتان من ألدِّ أعداء العرب والمسلمين، وهما: الفرس والصَّهاينة.
- القضيَّة الأحوازيَّة تعاني من التَّعتيم الإعلاميِّ، بينما القضيَّة الفلسطينيَّة، استطاعت أن تكسر الحواجز، وأن تظهر المنظمات الفلسطينيَّة بشكل إعلاميٍّ مميَّز، يتناسب مع الفضائيَّات والصُّحف وغيرها من وسائل الإعلام، لأنَّ الإعلام يعتمد على الإثارة، وينبني على تصوير الأحداث بطريقة تبرز أهميَّة القضيَّة المطروحة، فالإعلام يريد بيانات أحوازيَّة قويَّة، وأن تشكلوا مجلسًا سياسيًا تنسيقيًا واضحًا يبرز أهميَّة القضيَّة الأحوازيَّة، هل استفدتم من محاكاة وسائل المنظمات الفلسطينيَّة في إحياء قضيتكم بشكل أفضل ؟.
بالتَّأكيد استفدنا، فالقضيَّة الفلسطينيَّة، هي إحدى المدارس في حركات التَّحرُّر الوطنيِّ العربيِّ، ياسر عرفات، هو أول زعيم عربي، وأتمنَّى ألا يكون آخر زعيم عربيٍّ وصل إلى الأحواز، لما انتصر المقبور الخميني، جاء مهنئًا فزار الأحواز، وقال بالحرف الواحد: هنا فلسطين، وقد استقبلته مئات الآلاف من الأحوازيين لأنَّه قائد عربيٌّ، وقد تمَّ التَّنسيق مع المقاومة الفلسطينيَّة، واستشهد كثير من الأحوازيين على ثرى فلسطين، وأمَّا من بقي في المنفى مرغمًا، فإنَّه لم يعد بهذه التَّجربة الغنيَّة إلى داخل الأحواز حتَّى يستفيد منها شباب الأحواز.
وهناك أمر مهمٌّ في الفرق بين القضيَّة الفلسطينيَّة والقضيَّة الأحوازيَّة: وهو الفرق بين الكيان الصُّهيونيِّ والكيان الفارسيِّ، فالكيان الفارسيُّ أكثر عتمة ووحشيَّة من الكيان الصُّهيونيِّ، لأنَّ الصَّهاينة كان يعيش أغلبهم في أوروبا، فهم يفهمون شيئًا ولو قليلًا في حقوق الإنسان، وسيكولوجيَّة الصَّهاينة تتمتَّع بانفتاح، مقارنة مع المتوحِّش الفارسيِّ، الذي لم يفقه العيش المتحضِّر، فالكيان الفارسيُّ أشدُّ وحشيَّة في التَّعامل من الكيان الصُّهيونيِّ، وإن كان كلاهما مغتصب للحقوق العربيَّة، ومتوحِّش مجرم، ولكن! القضيَّة الفلسطينيَّة استفادت منها قوى عدَّة أحوازيَّة، وهي تنشط الآن في المنفى على الصَّعيد الكتابي، والإعلاميِّ، فالتَّجربة الفلسطينيَّة هي التَّجربة الأكثر جذبًا للمناضلين، على الرَّغم ممَّا أصابها من انزواء من عمل قوميٍّ كامل، إلى عمل قطريٍّ، لتصل إلى حالة التَّردِّي بسبب الأوضاع الرَّاهنة في السَّاحة الفلسطينيَّة، فبمقارنة وضعنا الحاليِّ مع القضيَّة الفلسطينيَّة، يشبه الحال التي جاء بها ياسر عرفات إلى القاهرة لوحده، محاولًا أن يجد مكانًا يروِّج لقضيَّته، وقد ساعدته الظُّروف، كون القضيَّة الفلسطينيَّة لها امتداد دينيٌّ، وأسباب موضوعيَّة، وغير ذلك، لذا أقول: من الصَّعب تغيير هذه المعادلة في ظلِّ هذا التَّعتيم، والأمر يحتاج إلى تضافر الجهود العربيَّة، لتبنِّي قضيَّتنا ونشرها وتوعية المجتمع إلى أهميَّتها.
- بالنِّسبة للعمليَّات التي تحدُث في الأحواز، أو في إيران بشكل عام، ولدى مقارنتها مع ما يحدث في فلسطين، نجد أنَّه في فلسطين دائمًا توجد روايتان تخرج للإعلام، رواية فلسطينيَّة ورواية "إسرائيليَّة"، بينما ما يجري في إيران فلا توجد إلا رواية واحدة، فإذا كان مصدر صور الأحداث إيراني، فأين من صنع الحدث نفسه، لماذا لم يرسل صوته للخارج ليوضِّح حقيقة ما جرى، فأين صوتكم الإعلامي الذي يوضِّح حقيقة ما يجري ؟.
سأجيبك بسؤال، هل يعقل بأنَّ هذه الشُّعوب بملايينها، وتنوُّعها بين أكراد، وبلوش، وأحوازيين، لا يوجد فيهم ولو خمس خلايا تستطيع كسر هذا التَّعتيم الإعلاميَّ، وتوصل الحقيقة للعالم الخارجيِّ ؟. وأقول: نعم، لا تستطيع، لأن الأمر أكبر من قدرتها، فالزَّمان مهمٌّ جدًا، والجغرافيا هي التي صعبت المهمة علينا، وشكَّلت عائقًا يمنع من التَّواصل، وعدوُّنا الإيرانيُّ المرتبط ارتباطًا معقَّدًا جدًا مع الغرب، وهذه المصلحة الغريـبة في السُّكوت عن الجرائم رغم معرفتها بها، كلُّ هذه العوامل تمنع صوتنا من الخروج للعالم.
- هل يعقل أن تقدم أمريكا مصلحة إيران على مصلحة الكيان الصُّهيونيِّ ؟.
أنا أقول: بنفس القدر، لأنَّ المصلحة استراتيجيَّة، يمكن القول بأنَّ الكيان الصُّهيونيَّ مقدَّم على إيران بشكل عام، لكن! مثلًا في الملفِّ العراقيِّ، فإيران أشدُّ خطرًا من الكيان الصُّهيونيِّ، لكن! من ناحية الوجود الجغرافيِّ، فالكيان الصُّهيونيُّ بشكل أكيد هو المقدَّم.
- أنا أتحدَّث عن الجانب الإعلاميِّ، فعلى الرَّغم من الآلة الصُّهيونيَّة العالميَّة، والمسيطرة بشكل شبه كامل على الآلة الإعلاميَّة العالميَّة، تتسرَّب الرِّواية الفلسطينيَّة وتصل إلى العالم، حيث أنَّه لا يمكن مقارنة قدرات الكيان الصُّهيونيِّ الإعلاميَّة الضَّخمة والكبيرة بإمكانات إيران الإعلاميَّة، فكون الفلسطينيين يفلحون في نقل صورتهم، ويخفق الأحوازيون، فهذه نقطة تحتاج لإعادة النَّظر مرارًا من قبل الأحوازيين أنفسهم ؟.
أؤيد ما تقوله تمامًا، ولكن! أشير إلى أنَّه حصل في عام 2005م أوَّل تجربة في هذا الميدان، فقد صوَّر المناضلون حركة نضالهم، وأعمالهم،، وكان هذا سابقة في هذا المجال، حيث أنَّهم صوَّروا العمليَّات أثناء القيام بها، والتَّفجيرات أثناء انفجارها، وتمَّ توزيعها، فبدأ الإيرانيون يشتمُون حركة النِّضال في أيِّ دولة عربيَّة، ويقتصُّون منها بأيِّ شكل، حتَّى لو تطلَّب الأمر دفع ملايين الدُّولارات، فبشكل مؤكَّد يوجد مجال لهذا، لكن! تواصلها فهذا ما أبحث عن إجابته، وقد حدث أنَّ فضائيَّات معارضة ألقت الضَّوء على مجاهد أحوازيٍّ، قام بعمليَّات مشتركة مع أخيه وأخته، فبقي هؤلاء الثَّلاثة لمدَّة أسبوع يقاومون، وكانت لديهم قنابل يدويَّة، ورشَّاشات، فاستشهد الأخ والأخت، وبقي الأخ الثَّاني، فكلَّمناه فحدَّثنا بما جرى، وقد تمكَّنوا هم الثَّلاثة من قتل ثلاثة ضباط، بعد حصار للمنطقة دام أسبوعًا كاملًا، أعترف بأنَّنا ضعيفون إعلاميًا، ونحتاج لجهود كبيرة في هذا الجانب، إضافة إلى تعاوُّن الإعلام معنا في نشر قضيَّتنا، كما يتوجَّب علينا الاهتمام بالإعلام بشكل أكبر لإيصال الرِّسالة الحقيقيَّة لما يجري.
- حتَّى على مستوى اسم الأحواز، فما زالت تدور حوله الشُّكوك ؟.
قمت أنا شخصيًا بكتابة دراسة حول هذا الأمر، تصدر قريبًا بإذن الله.
- صحيح أنَّكم نجحتم في ذلك، لكن! أقصد الإعلام العربيَّ لا يدرك إن كانت أحواز أم أهواز عربيَّة أم غير عربيَّة ؟.
ابن كثير وابن الأثير لا يعرفون، كما أنَّ الإعلام اليوم لا يدري، والمسمَّى الصَّحيح هو الأحواز، وقد ناقشت هذا سابقًا، وتسمية الأهواز كانت عبارة عن ثقافة عامَّة خاطئة، ياقوت الحموي هو أدرى بالتَّسمية الصَّحيحة من ابن كثير وابن الأثير، فقد بحث في أصل الكلمة وتسميتها واشتقاقها، وكلُّ من يبحث عن اللَّفظة الصَّواب فسيجد أنَّها الأحواز، ونحن الآن قد ولجنا مرحلة أعمق من المرحلة السَّابقة، فمرحلة التَّسمية انتهينا منها، إنَّما ما نودُّ نشره وإيصاله للجميع، ماذا يعني انتمائي للأحواز ؟. هذا الانتماء يعني مشروع مقاومة حتَّى الاستقلال من الاحتلال الفارسيِّ، وليس الاختلاف على كلمة الأهواز التي لا يوجد لها معنى حتَّى عند الفارسيين.
- هل أنتم دولة محتلَّة، أم جمهوريَّة محتلَّة، أم إمارة محتلَّة ؟.
وفق التَّاريخ نحن إمارة محتلَّة، ولم نصل إلى مفهوم الدَّولة بعد.
- هل استطعتم خرق الجدار الإعلاميَّ بتثبيت اسم إمارة الأحواز المحتلَّة في الأذهان ؟.
مسألة الموضوعيَّة والعلميَّة فيه إشكاليَّة بالتَّأكيد، فنحن نتمنَّى لوكنَّا وصلنا لمفهوم الدَّولة، ولكن! الحقيقة نحن بقينا على مصطلح الإمارة، وقد قيل لي مرَّة على إحدى الفضائيَّات اللِّيبيَّة: أنتم تقولون عن الأحواز أنَّكم دولة محتلَّة، وهذا المصطلح بعد الحرب العالميَّة الثَّانية انتهى، قلت: لا مشكلة سأتَّفق معك لو أردت، ولكن! وفي قوانين الأمم المتَّحدة أليس لكلِّ شعب حقَّه في تقرير المصير؟.
- سيقال: أنتم قومية فقط وليس شعبًا ؟.
نعم، شعب عربيٌّ، وقوميَّة تابعة للدَّولة الإيرانيَّة، فكأنَّه مكوَّن من إحدى مكوِّنات الدَّولة الإيرانيَّة، وهناك مخطوطات ومعاهدات بين بريطانيا والشَّيخ خزعل كأمير في ذلك الوقت، فالكويت كانت إمارة آل صباح، والسُّعودية كانت إمارة آل سعود، وهكذا، بينما نحن وقف عندنا هذا المفهوم بسبب الاحتلال، منذ عام 1925م، ولو سارت الأمور بالشَّكل الطَّبيعي لكنَّا دولة ككلِّ دول الخليج.
- ما المشكلة في أن تقولوا إمارة الأحواز ؟.
نحن نقول إمارة الأحواز المحتلَّة.
- لكنَّها لا تكتب على الخرائط بهذا الاسم ؟.
تكتب الأحواز، ربما كدولة، ستنضج لاحقًا لتصبح دولة.
- ربَّما تقول إيران عن الأحواز أنَّها محافظة أو إقليم ؟.
هذا مستحيل لأنَّ الأحواز ست محافظات: خوزستان ـ عيلان ـ أبو شهر ـ جرون ـ وأيضًا هنا محافظة 40 % منها عرب، وجعلوا الفرس يستوطنون فيها إلى جوار العرب، فإذًا هي: ست محافظات: أربع محافظات عرب أقحاح، ومحافظتان مناصفة بيننا وبين اللُّورد.
- هل هناك تواصل مع القبائل العربيَّة الأحوازيَّة المهجَّرة خارج الأحواز ؟.
بكلِّ تأكيد، فقبيلة بني كعب التي حكمت الأحواز، ما يزالون في العراق يرفعون صورة الشَّيخ خزعل في بيوتهم، وهو أميرهم الكبير.
- وهل يكفي هذا ؟.
المقصود أنَّهم ما زالوا يؤكِّدون انتماءهم للأحواز.
- ما هي ظروف المهجَّرين خارج الأحواز في الدُّول العربيَّة المجاورة ؟.
هم يعيشون في ظروف أفضل خصوصًا من النَّاحية الماديَّة.
- هل تتواصلون معهم بغرض تبنِّي قضاياكم بشكل أو بآخر ؟.
نحن نتواصل معهم بشكل مستمرٍّ بهذا الخصوص، لكن! الخوف يسيطر عليهم، لأنَّهم ليسوا بأصحاب قرار، وحقيقة فنحن نتمنَّى ألَّا نصبح مثل إخواننا في الضِّفَّة الغربيَّة، لأنَّهم يعيشون في ترف أنسى الكثير منهم قضيَّته ووطنه، ونحمد الله أن رزقنا هذه المنحة بأن نكون أصحاب قضيَّة، ولا نعيش أصحاب كروش وقروش، فالضِّفَّة الأخرى نعيب عليها هذا الجانب فقط، وهو أنَّها لا تقوم بدورها الحضاريِّ والإنسانيِّ، كما هو مطلوب منها، ليس نحونا فقط، بل نحو ذاتها لبناء مجتمع يسهم في تقدُّم الحضارة الإنسانيَّة عمومًا، وتحقيق استقلال وطنها المحتل خصوصًا.
- الخليج الفارسيُّ، ماذا فعلتم إزاء هذه الافتراءات الفارسيَّة ؟.
أفادتنا كثيرًا، فالخطأ الاستراتيجيُّ الإيرانيُّ استفدنا منه كثيرًا، وأستطيع القول بأنَّ ما نسبته 90 % من الكتَّاب العرب أصبحت لديهم جرأة لأن يكتبوا عن الخليج العربيِّ، بفعل هذه الخارطة، وهذا التَّواجد العربيُّ، فالجنوب الأحوازيُّ فيه مائتان وثمانون عشيرة عربيَّة مختلفة، وأسماؤها كلُّها مدرجة، هذا سوى العشائر الموجودة في الشَّمال، فهذه الخارطة، وأخطاء أحمدي نجاد الاستراتيجيَّة كلُّها صبَّت في صالحنا - والحمد لله -، ولأجل هذا لم تعد إيران لتقع في هذا الخطأ ثانية، فأحمدي نجاد لما أثار الموضوع، وثارت عليه بندر عباس، ذهب إليهم، والتقى بالعرب واعتذر، وصار يبذل الأموال ليستقطب بها هؤلاء النَّاس، ولكنَّه لم يستفد شيئًا، لأنَّ بندر عباس كلُّهم عرب أقحاح.
فعلى الصَّعيد الدُّولي يمكن أن تقوم دول عربيَّة بتأجيج الموضوع والتَّحرُّك على هذا الصَّعيد، لكن! ما يهمُّنا هو على الصَّعيد العربيِّ، فاليوم يقولون ضفتي عرب، وآخر أكبر دبلوماسي عربي قالها والتقيناه، كان السَّفير السُّعوديُّ في لندن، قال على قناة العربيَّة: نحن والإيرانيون أصدقاء، وجيران تاريخيون، لكن! لا ننسى أنَّ على ضفة الخليج العربيِّ مائتان وثمانون عشيرة عربيَّة.
- كلمة أخيرة، إلى أي مدى أنتم متفائلون بالنِّسبة للقضيَّة الأحوازيَّة ؟.
أنا متفائل جدًا، فنحن باعتمادنا على الله أولًا، ثمَّ على تضحيات شعبنا والدِّماء الطَّاهرة التي سالت ثانيًا، ثمَّ على أحرار أمتنا الذين مازالت عيوننا تتطلَّع لدورهم وبذلهم، فإنَّنا متفائلون، لأنَّنا نحسُّ أنَّنا في كلِّ يوم نتقدَّم عن اليوم الذي سبقه، توضيحًا ونشرًا لقضيَّتنا، فندعو الله أن يوفِّقنا لتحرير أرضنا، وكلُّ أرض مغتصبة، في فلسطين، ولواء إسكندرون، وأوجادين، والجولان، وسبتة، ومليلة، ونتمنَّى لكلِّ شعوب العالم أن تعيش حياة هانئة، وفي شأننا الأحوازيِّ، ندعو إخوتنا العرب لأن يصبُّوا شيئًا من تركيزهم على القضيَّة الأحوازيَّة، وأن يروِّجوا لها، لتعلم كلُّ الأجيال حقَّها المسلوب. وشكرًا جزيلًا لكم.