
لا أدري لماذا تهجم على مخيلتي هذه الأيام حكاية غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق، والزلزال الشديد، والابتلاء العظيم الذي زُلزل به المؤمنون زلزالًا كبيرًا.
لكن أرجوك.. تمهل.. لا يلقين في روعك شيطان من الإنس، أو عفريت من الجن أنني أقارن!
فحاشاي أن أقارن الدكتور مرسيًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ وإن كنت أقدره، وأحبه في الله تعالى، وأدعو له كثيرًا!
وحاشاي أن أقارن أحدًا من إسلاميي اليوم – كلهم - بأحد من الصحابة – علمًا أنني أحبهم كلهم في الله تعالى، وأدعو لهم كثيرًا على اختلاف انتماءاتهم، وعلمًا أيضًا أنني في الوقت نفسه شديد الحزن و(القرف) والغضب منهم جميعًا أيضًا، لمواقفهم الصادمة، والمتخلفة، والرديئة..
وحاشاي أن أقارن أحزاب الماضي ومنافقيه بمنافقي عصرنا (المنيل بستين نيلة) وأحزابه؛ فالمنافقون القدامى كانوا مساكين، لا يصلحون تلاميذ في KG2 عند أساتذة إبليس الحاليين، الذين يتضاءل بجانب أحدهم الشيطان الكبير نفسه، كما قال الشاعر على لسان إبليس إنسي منهم:
وكنت فتىً من جند إبليس فارتقى ........ بي الحال حتى صار إبليس من جندي
وكما قال مطر: وجوهكم أقنعة بالغة المرونة/ طلاؤها حصافة، وقعرها رعونة/ صفق إبليس لها مندهشًا، وباعكم فنونه/ وقال: إني راحل/ ما عاد لي دور هنا/ دوري أنا أنتم ستلعبونه!
بل إن العامة فطنوا لشيطنة منافقي وحكام وأبالسة بعض هذا الزمان، وتفوقهم على إبليس نفسه – بل على الأبالسة كلهم عليهم لعائن الله – فاخترعوا النكات عن شيطنتهم، فزعم أحدهم أن حاكمًا (ديمقراطيًّا) من إياهم عثر على فانـوس سحـري، فدلكـه ليخرج له من الفانوس إبليـس الكبير ليسأله: شبيـك لبيـك، تؤمر عبدك بإيه؟ فقال له الحاكم الديمقراطي جدًّا: بـص بقـى: أنا عمـلت فى الشعـب بتاعـى كل حاجـة.. ونفدت أساليبي، ولم يعد عندي جديد، فدلني أرجوك علـى حاجـة جديـدة أعملـها عشان أخلي الشعب يبطل كلام عن الحرية والديمقراطية والحاجات دي، فقال له: بس كـده.. بسيطـة.. هـات ودنـك.. وش وش وش وش وش..
فقال الحاكم مستغربًا من سذاجة إبليس: انت عبيط يا له؟ إيه لعـب العيـال ده؟ إنت شكـلك كـده لا إبليس ولا بتفهم في الأبلسة، هات ودنـك بقـى أقـول لك أنا بأعمـل إيه في الشعـب بتاعي.. وش وش وش وش وش!
اصفرّ وجه إبليس، وهتف في انفعال: يا راجـل اتّـق الله، حرام على أهلك!
وفي نكتة ثانية أن الشيطان غضب ذات صباح، وجمع أدواته الشيطانية، ووضعها في خُرج، وحملها وتحرك مغادرًا المدينة، فهرع الفلول كلها وراءه متوسلين: هاتسيبنا وتروح فين؟ مين لنا غيرك يا حبيب الملايين!؟ هتلاقى ناس زينا فين: كدابين وحلنجية ومنافقين وحرامية..
رد الشيطان بانفعال: أنتم ما بتخافوش ربنا! أنا باخلي الواحد منكم يسرق، ويبقى من الأغنياء/ وباخلي الواحد يغش ويبقى من الحيتان/ والواحد يزوّر في الانتخابات ويدخل مجلس الشعب ويكبر الناس لحد ما يبقى رئيس الجمهورية/ أو حوت عنده مليارات، أو بالع 20 مليون متر مربع ببلاش، وفى الآخر أدخل على أي حد منهم ألاقيه معلق يافطة كبييييرة مكتوب عليها: هذا من فضل ربي.. وعايزيني أرجع؟
المهم: أعود لأتحدث عن غزوة الأحزاب المرتقبة بعد أن أذكِّر بالغزوة القديمة التي وقعت في شهر شوال سنة خمس من الهجرة، الموافق مارس 627 م، بين المسلمين من جهة؛ بضعفهم، وقلتهم، وغياب تسليحهم، ومن جهة أخرى: الأحزاب الذين جمعهم الحقد المعلن، والعداوة للإسلام وأهله، رغم اختلاف أهوائهم ومقاصدهم: اليهود الخبثاء الناقضون للعهود، وقريش المشركة التي أقبلت بخيلها ورجلها، والمنافقون المرجفون في المدينة، الذين يلتمسون من المسلمين غرة، أو نهزة، ليجهروا بكفرهم وقبحهم، وحلفاء قريش من غطفان، وفزارة، ومرة، وأشجع، وبنو أسد، وغيرهم، بجانب الفارق العددي الكبير لصالح الأحزاب، وقلة السلاح، والجو البارد الصرصر، والخوف على النساء والذرية..
فلما رأى ضعاف الإيمان هذا، والذين يعبدون الله على حرف، ومرضى القلوب، قالوا: خدعنا محمد وربه، وغرروا بنا، فلا ربَّ، ولا رسول، ولا دين: (قالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا)..
أما المؤمنون الراسخون الواثقون – رغم كل هذا الجمع المروع – فقالوا بثبات الجبال: (هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله) رغم الأحزاب، والتحالفات، والجيوش الضخمة (وما زادهم إلا إيمانًا وتسليمًا) وواجهوا عدوهم المنوع، المتنمر، الحقود، الذي لا يرضى بأقل من استئصالهم، فـ(صدقوا ما عاهدوا الله عليه) بشهادة ربهم تبارك وتعالى، الذي كتب لهم النصر والتمكين؛ رغم ضعف الأسباب البشرية للنصر والتمكين!
وأما أحزابنا اليوم فهي أكثر وألأم وأخبث، وأشد نذالة وحقارة وأبلسة: الصهاينة البطاشون الجبارون، المدعومين من داخلنا ومن خارجنا/ العرب الممالئون للنظام المجرم البائد، والذي يغمرون البلاطجة، والفلول، والجهلة بالمال، والبانجو، والسلاح الأبيض/ الإعلام المتصهين العميل لإسرائيل وإيران ومبارك وكل شيء؛ إلا الإسلام/ رجال الأعمال الحيتان الذين لم تشبعهم الملايير التي انتهبوها/ رجال العهد البائد الذين لا يرضون بأقل من أعناق المتدينين/ رجال الأحزاب الهزلية التي كانت تمثل المعارضة أمام مبارك وهم خدامه ونافخو كيره كما اتضح في العامين الأخيرين، والذين لا يرضيهم أقل من استئصال الإسلام وإبادة أهله (السجن أو المصحة العقلية كما أعلنوا)/ البؤر الفاسدة في الشرطة والقضاء والإدارة، المتناثرة في جسد مصر كالبثور المتعفنة، تريد أن تنهك الجسم وتقضي عليه..
زد على ذلك فريق من الناس الذين ظنوا أنهم في الصدق ولا أبا بكر، وفي السياسة ولا عمرو بن العاص، وفي العلم ولا أبا حنيفة، وصاروا يكيدون للرئيس – على أخطائه، وليس معصومًا، بل معذورًا عندي – أكثر مما يكيد له الفلول الأغبياء الآخرون!
ثم إن الأحزاب تعاقدوا وتعاهدوا على استخدام السلاح والعنف (جهارًا نهارًا – لا يخشون من قانون، ولا يردعهم جهاز أمن، ولا يقفهم خلق ولا دين ولا شرف نفس! ليتضح أن دم المصري عندهم أرخص من شمة بانجو أو شفطة بيرة، أو ضحكت أجلكم الله صايعة!
لقد نصر الله المسلمين في الأحزاب الأولى، والطمع في وجه الكريم أن ينصر مصر في الأحزاب الثانية، وأن يبطل كيد الصهاينة والمتصهينين، والبلاطجة والممولين، والشتامين والرداحين، والمتربصين والمتآمرين، والمجرمين والقتلة وأصحاب السوابق والهجامين، والفلول والذيول والعجول، وكارهي الإسلام والمسلمين..
أرجوك: قل معي آمين!
المصدر/ المصريون