27 شوال 1434

السؤال

تعرفت على فتاة من منطقتي وأنا أنوي الزواج منها على سنة الله ورسوله لكن عندما قمت بسؤال أهل منطقتها نصحوني بعدم التقدم لخطبتها لأنها شوهدت مرات عدة وهي تخرج مع شبان آخرين، وهناك من اتهمها بفعل الزنا لكنني أريدها في الحلال ولا شيء آخر، فكيف السبيل لهذا مع أن الناس لا ترحم والقيل والقال فأرجوكم أن تنوروني.. أنعم الله عليكم وأدخلكم الجنة.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
بداية جزاكم الله خيرا على ثقتكم في إخوانكم من مستشاري موقع المسلم، كما نسأله سبحانه أن يجري الحق على ألسنتنا وقلوبنا وأن يرينا جميعا الحق حقا ويرزقنا اتباعه.
أخي الفاضل الكريم:
الزواج نعمة من نعم الله على المسلم، وآية من آيات الله التي جعلها للناس، فخلق للرجال من أنفسهم أزواجا ليتحقق للرجل وللمرأة السكن والاطمئنان النفسي ولإشباع الغريزة الفطرية في صورة تعف بها أنفسهم وترضي ربهم سبحانه، فلا مصادمة في الإسلام مع الفطر والغرائز بل يهذبها الإسلام ويوجهها التوجيه الصحيح فلا يطلب من المسلم كبتها فيضر بالنفس الإنسانية ولا يطلق لها العنان فيكون ذلك سببا للهلاك المحقق.
ونظرا لأهمية هذه العلاقة ولشدة خطورتها أمرنا الإسلام بإحسان الاختيار والتدقيق فيه، فالعرق دساس والأخلاق تتوارث، ولهذا حث الإسلام على معايير الاختيار، فجعل الدين هو الأساس الأول للاختيار في كل من الزوج والزوجة، فقد ﻗﺎﻝ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: " ﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀﻛﻢ ﻣﻦ ﺗﺮﺿﻮﻥ ﺩﻳﻨﻪ ﻭﺧﻠﻘﻪ ﻓﺰﻭﺟﻮﻩ ﺇﻻ ﺗﻔﻌﻠﻮﻩ ﺗﻜﻦ ﻓﺘﻨﺔ
ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻓﺴﺎﺩ ﻛﺒﻴﺮ " ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ
وفي شأن الزوجة فقد روى البخاري ومسلم ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ: ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﺗﻨﻜﺢ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻷﺭﺑﻊ ﻟﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﻟﺤﺴﺒﻬﺎ ﻭﻟﺠﻤﺎﻟﻬﺎ ﻭﻟﺪﻳﻨﻬﺎ ﻓﺎﻇﻔﺮ ﺑﺬﺍﺕ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺗﺮﺑﺖ ﻳﺪﺍﻙ.
أما من حيث سؤالك أخي الكريم حيث سمعت عن الفتاة التي اخترتها كزوجة لك كلاما مسيئا وصل إلى اتهامها من قبل البعض بالوقوع في الفاحشة، فلابد من النظر إلى عدة أمور:
- من الواجب عليك وحسنا ما فعلت أنك بدأت بالسؤال والتحري عن زوجة المستقبل، وهذا هو السلوك الصحيح في بداية الزواج، فلا ينساق الإنسان لمجرد استحسان شكل أو هيئة فلابد من السؤال والتدقيق في الاختيار.
- الأصل ألا يسأل المسلم إلا أهل الصلاح والتقوى والعقل الراجح، فلا اعتبار لسؤال أهل الفساد لأنهم غير مؤتمنين على النصيحة، فينبغي عليك أن تتمسك برأي الصلاح فقط وتهدر شهادة أو رأي أهل الفساد أو المفرط في دينه وواجباته، فمن خان ربه سهل عليه أن يخون أو يغش أو يفتري على الناس.
هنا نقطة هامة في سؤالك، وهي أنه لا يجوز إطلاقا أن يقول مسلم ويتهم مسلمة بالفاحشة إلا أن يكون معه أربعة شهود رؤية للفعل أثناء وقوعه لا لمجرد حتى رؤية مقدماته ولا آثاره، ويعتبر قول من اتهمها بذلك - إذا لم يأت بالدليل - قذفا لمسلمة يؤاخذ به القائل ويعاقب عليه، ولا اعتبار لقوله بلا دليل، فإن كان لديهم الدليل على ما قالوا فالواجب ترك الزواج منها لعدم جوازه قبل توبتها التوبة النصوح.
- إذا غلب على ظنك صدق وصلاح من قال بصلاحها وغلب على ظنك بعد بحثك وتدقيقك ورأيك في سلوكها ودينها وخلقها بالصلاح فامض في زواجها ولا تلتفت لذلك، ولكن إذا تشككت في سلوكها وخلقها فلا تقع فريسة للشك واترك زواجك منها، والنساء غيرها كثير.
واعلم أخي الفاضل أنه إذا زرعت بذرة شك صغيرة اليوم لن تمتلكها غدا، وستكبر داخلك في قادم الأيام، فاقتلعها اليوم بالاطمئنان وعدم الشك فيها أو امتنع نهائيا عن ذلك الزواج، فلا تتزوجها وفي نفسك شك فيها طرفة عين حتى لا تعكر باقي حياتك معها، فالحياة إذا دخلها الشك بين الزوجين صارت جحيما لا يطاق، والمسلم ككل إنسان يتزوج ليستريح لا ليبدأ رحلة عذاب دائمة ومتصلة.
وفقك الله أخي الفاضل ورزقك الزوجة الصالحة والذرية الصالحة.