حرية الإعلام الـ.....فاجر فقط!!
6 رمضان 1434
منذر الأسعد

لم يكن في ادعاءات حلفاء الانقلاب المصري ادعاء أكثر كذباً من تصوير الرئيس المنتخب محمد مرسي في صورة حاكم مستبد، مارس التضييق على الإعلام!!

 

فهؤلاء الساسة الذين فشلوا في الانتخابات فتسلقوا إلى السلطة من خلال الرضوخ للعسكر، يعلمون علم اليقين أن مصر لن تحلم بحاكم أشد صبراً على البذاءة والفحش في حقه من مرسي.

 

لكن المرء حتى لو سَلَّم جدلاً بأن مرسي كان كما يزعمون، فإن إغلاق العسكر قنوات دينية بالعشرات بعد ساعات من انقلابهم المشؤوم، يكفي لفضح تجارة هذه الحفنة المتغربة بشعارات الحرية الإعلامية وبئست التجارة.

 

لم ينبس أحد منهم بكلمة اعتراض واحدة، الأمر الذي يعني أنهم مع حرية الإعلام لتضليلهم وحده، مع كتم كل صوت يخالف أهواءهم، حتى لو كان إعلاماً دينياً لا يتجاوز علوم القرآن والسنة والموعظة الحسنة.فهدف تكميم الأفواه ليس ذا طبيعة سياسية كما يحاول الانقلابيون تصوير الأمر، وإنما المستهدف هوية الأمة في أعز ثوابتها.

 

وليس أدل على ما نقول من الانحطاط المنتشر من قنوات التيه والفجور حتى الآن، من دون أن يوجه لها الانقلابيون كلمة عتاب لا أكثر!!

 

فإذا تجاوزنا هذه الحقائق الكاشفة الناصعة، إلى الجوانب المهنية في وسائل الإعلام التي لا يجرؤ الانقلابيون على المساس بها ناهيك عن إقفالها، فإن الصورة تؤكد عموم المشهد الرهيب، في العداء لكل صوت حر حتى لو كان من خصوم الإسلاميين تاريخياً، لكنه يحتفظ ببعض مهنيته حرصاً على سمعته.

 

فها هو كيركباتريك مراسل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الشهيرة في القاهرة، يكتب على صفحته ما نصه: (بيان إعلامي كاذب بالقبض على ٢٠٠ إرهابي حاولوا مهاجمة الحرس الجمهوري. محاولة تضليل إعلامي)!!. وما من عاقل يستطيع اتهام هذه الصحيفة بالذات بأنها تتعاطف مع الإسلاميين!! فهويتها ومنهجيتها التحريرية ليستا بخافيتين على عاقل.

 

والأمر نفسه ينطبق على الكاتب في جريدة إندبندنت الصحافي البريطاني الشهير روبرت فيسك المعروف بتأييده الصلف لنيرون الشام بشار الأسد، فهو يسخر من الرئيس الأمريكي باراك أوباما سخرية مريرة، ومما قاله: (لأول مرة في التاريخ، الانقلاب العسكري ليس انقلاباً عسكرياً.. نعم فالجيش في مصر عزل الرئيس المنتخب ديمقراطياً، وأغلق عدداً من القنوات الإسلامية، وعلق العمل بالدستور المستفتى عليه شعبياً، ولكن كلمة انقلاب لا يمكن أن تحضر على شفتي الرئيس باراك أوباما أو الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون".

 

فيسك ينتقد الرئيس المنقلَب عليه محمد مرسي ويتهمه بأخونة الدولة، لكنه مع ذلك يعترف بالسبب الجوهري الذي أطاح به من منصبه: (الخطيئة الكبرى التي أججت الموقف وأنتجت بيان العزل، هي دعوة الإخوان للمصريين بالحرب في سوريا لقتل الشيعة وإسقاط نظام الأسد). بالطبع ليس ها هنا المجال لتفنيد ادعاء فيسك أن مرسي دعا إلى قتال الشيعة في سوريا-فما بالنا بزعم فيسك أنه حض على قتلهم!!-، فالذي قاله مرسي لم يكن أكثر من احتجاج متأخر على ولوغ حزب اللات في دماء الشعب السوري. ولم يرد للشيعة ذكر في كلام مرسي. المهم هنا إقرار صحافي ذي صلات غير خفية بأجهزة الاستخبارات الغربية، بأن إزاحة مرسي تمت بسبب فزعته المعنوية للشعب السوري المذبوح منذ ثلاثين شهراً على مرأى ومسمع أدعياء حقوق الإنسان وتجار الديمقراطية!!

 

أعرفنا مبلغ الحقد الصهيوني الصليبي على الشعب السوري، ومدى تواطؤ القوم مع البغضاء الصفوية الدموية، بالرغم من التصريح اللفظي بعكس ذلك؟

إن من لا يرى الشمس من الغربال –وكله ثقوب- أعمى.