شرف الكلمة.. بين صدق عمارة ودجل أدونيس
17 رمضان 1434
منذر الأسعد

ما أصدق قول القائل: وبضدها تتميز الأشياءُ!!
فليس أبلغ من النظر إلى البياض الناصع والسواد القاتم لكي يدرك الناظر الفرق الجوهري بينهما، وكما في المحسوسات يقع الأمر في المعنويات، فشتان شتان بين الحق والباطل، وما أبعد المسافة بين العدل والظلم، بين الصدق والكذب، بين الأمانة والخيانة....

 

نبحر اليوم مع شرف الكلمة، من خلال نموذجين واقعيين "طازجين"، أولهما هو الباحث المفكر المعروف محمد عمارة، والآخر هو الشاعر السوري المتلبنن أدونيس-اسمه الأصلي الذي انخلع منه هو: أحمد علي سعيد إسبر، وقد آثر عليه اسم معبود فينيقي وثني هو: أدونيس!!-.ونمحص موقف كل منهما من الثورات الشعبية العربية، بمقياس الصدق والأمانة والتزام الحق، بعيداً عن الزئبقية وازدواجية المكاييل، تبعاً للهوى الناشئ عن حقد أو  انتماءات مسبقة دينية أو طائفية أو فكرية أو  حزبية....

 

الدكتور عمارة الذي يقيم في عاصمة بلاده: القاهرة، أعلن موقفه الرافض من الانقلاب العسكري الذي عزل بالقوة الرئيس المنتخب محمد مرسي وعمد إلى تعطيل الدستور وحل مجلس الشورى المنتخب.وذلك في بيان نشره تحت عنوان: ( بيان للناس) نثبت خلاصته لأهميته:

 

(كنت أحسب أن موقفي لا يحتاج إلى إعلان، لكن أمام تساؤل البعض فإني أقول:
1ـ إن ما حدث في 3 يوليو 2013 هو انقلاب عسكري على التحول الديمقراطي الذي فتحت أبوابه ثورة 25 يناير 2011....
2ـ إن هذا الانقلاب العسكري إنما يعيد عقارب الساعة في مصر إلى ما قبل ستين عاما،، عندما قامت الدولة البوليسية القمعية، التي اعتمدت سبل الإقصاء للمعارضين، حتى وصل الأمر إلى أن أصبح الشعب المصري كله معزولا سياسيا، يتم تزوير إرادته، ويعاني من أجهزة القمع والإرهاب.
3ـ إن هذا المسار ـ الذي فتح هذا الإنقلاب أبوابه ـ لن يضر فقط بالتحول الديمقراطي للأمة، وإنما يضر كذلك بالقوات المسلحة، وذلك عندما يشغلها عن مهامها الأساسية، وفي الهزائم التي حلت بنا في ظل الدولة البوليسية عبرة لمن يعتبر.
4ـ ويزيد من مخاطر هذا الانقلاب، أن البعض يريده انقلابا على الهوية الإسلامية لمصر، التي استقرت وتجذرت عبر التاريخ، وفي هذا فتح لباب الفتنة الطائفية التي ننبه عليها ونحذر من شرورها.
5ـ إن الدستور الذي استفتي عليه الشعب قد أصبح عقدا اجتماعيا وسياسيا وقانونيا وشرعيا، بين الأمة والدولة، وبموجب هذا العقد فإن للرئيس المنتخب ديمقراطيا بيعة قانونية وشرعية في أعناق الأمة، مدتها أربع سنوات.... ومن ثم فإن عزله بالانقلاب العسكري باطل شرعا وقانونا.....
وقى الله مصر مخاطر هذا الانقلاب وهيأ لها من أمرها رشدا)..

 

كلام بليغ وقوي يسمي الأشياء بأسمائها، دون أدنى تردد أو مواربة.حتى في نظر أشياع الانقلاب الأثيم، فالدكتور محمد عمارة ظل وفياً لقناعاته الراسخة، باعتباره مثقفاً من كبار مثقفي الأمة وليس في مصر فحسب، وكذلك بوصفه مفكراً إسلامياً ينطلق من رؤية مبدئية ينشرها على الملأ منذ سنوات وسنوات من خلال كتبه ومقالاته وحواراته التي أجرتها معه فضائيات عربية كبرى عدة.

 

المزري في المقابل هو موقف أدونيس، الذي لم يكترث بمصر ولا بثورتها إلا بعد أن اغتالها العسكر في انقلابهم الأخير، فراح يتغزل بـ"ثورة 30 يونيو" –أجل!!- لأنها خلصت مصر من تخلف الإسلام السياسي!!!

 

لن نناقش أدونيس في رأيه هذا فعداؤه العتيق والمديد والشديد للإسلام يجعل من مناقشة خصومته للإسلاميين ضياعاً للوقت. لكننا نصفعه صفعة يستحق ما فوقها، لأن الإسلاميين في مصر فازوا في انتخابات حرة لم تعرف لها مصر مثيلاً منذ ستين سنة على الأقل.أما داعية التنوير الدجال أدونيس فيؤيد طاغية لا يقارنه منصف بهتلر ولا تيمورلنك ولا ستالين..بشار الأسد الذي ورث جمهورية سوريا كأنها مزرعة لأبيه الهالك، هذا لا يتعارض مع "حداثة" تاجر الكلمة وخائن شرف القلم أدونيس الذي يشارك أهله السابقين -إذ كان نصيرياً قبل تنصره- في بغضهم لدين محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم  وحقدهم على أصحاب محمد وعلى تاريخ محمد.

 

جرائم بشار المستمرة منذ ثلاثين شهراً، وجرائم أبيه الذي علمه الكراهية والدموية على مدى نصف قرن، لا تثير مشاعر الزنديق  أدونيس  المتقلب من ملة إلى أخرى ومن هرطقة إلى غيرها لكن مع الاحتفاظ بثابتين هما: الكراهية المطلقة للإسلام واللهاث وراء الغرب ولعابه يسيل طمعاً إلى جائزة نوبل!! لكن يغيظه رئيس جمهورية يصلي!!

 

أدونيس الطائفي الدنيء المناوئ للإسلاميين جملة وتفصيلاً، هو نفسه الذي أطلق البشائر بمؤامرة الغرب التي أطلقت الحقد المجوسي مجدداً من خلال جمهورية الموت الخمينية!!

 

إنه مهووس بكراهية الإسلام وأهله إلى درجة ربما يشمئز منها حتى سادته في الغرب المنافق.. فهم يحبذون المبغضين الأكثر  قدرة على إخفاء مخالبهم!!