السؤال
قامت فتاة بالتحدث إلى شاب، وإرسال صور عارية لها، والحديث في أمور جنسية، والتقت به في إحدى الأماكن، وسببت المشاكل لعائلتها، فما الحل؟، وهل الضرب سيحل المشكلة؟
الجواب
أخي الفاضل:
السلام عليكَ ورحمة الله وبركاته، وأهلا ومرحبا بكَ، وشكر اللهُ لكَ ثقتكَ بإخوانِكَ في موقع (المسلم)، ونسأل الله (عز وجل) أن يجعلنا أهلا لهذه الثقة، آمين.. ثم أما بعد:
للأسف فإن ما تشكو منه في رسالتك، تصلنا منه مئات بل آلاف الشكاوى من الآباء والأمهات، في كل بلد من بلداننا العربية، فالحدث عظيم والخطب جلل، والمشكلة تعدت الخصوصية إلى التعميم، وليس لها من دون الله كاشفة، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
نعم.. نحن لا نستطيع أن ننفي أن الثورة التكنولوجية كان لها بعض المنافع لكنها في الوقت نفسه، يسرت الحرام، وهتكت الأستار، وكشفت المحارم، ونشرت الفواحش، وساهمت في إذاعة الرذائل، من خلال نشر المقاطع الصوتية والمرئية التي تغضب الله عز وجل، وتشجع على معصيته سبحانه وتعالى، وتحض على الرذيلة وسوء الخلق.
غير أن الله عز وجل أنعم علينا بنعمة الإسلام خير الأديان، وأنزل علينا القرآن خير البيان، وأرسل لنا محمدًا خير الأنام، رسولاً يبين لنا ما يحل وما يحرم، ويهدينا إلى أقوم السبل وأيسر الطرق. كما أنعم علينا سبحانه وتعالى بنعمة العقل لنفرق به بين الحق والباطل، والخير والشر، والنفع والضر، فنأخذ من هذه الثورة التكنولوجية الكبيرة ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، وندع ما يضرنا دنيانا ويخرب أخرانا.
أخي الكريم:
بعد هذه المقدمة التي كان لا بد منها، فإنني أوضح أنه مما ابتليت به أمتنا الإسلامية، سماح بعض الدول بدخول المواد المخلة بالآداب، من أشرطة مصورة، وأسطوانات مدمجة، وصور عارية، ومجلات مطبوعة، دون رقابة واعية، تتقي الله في شباب الأمة وبناتها.
كما يجب على الحكومات القائمة في البلدان العربية والإسلامية على الأقل أن تضع من الضوابط ما من شأنه أن يقوم بفلترة المواد التي تبثها الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، فتمنع الضار بشبابها وتمرر ما ترى فيه النفع لأمتها، من خلاص منع دخول المواقع الإباحية، إلى الشباب المسلم عبر الكابلات التي تنقل الإنترنت من أوروبا وأمريكا إلى بلداننا العربية والإسلامية.
أما بخصوص ما قامت بها تلك الفتاة من "التحدث إلى شاب"، و"إرسال صور عارية لها"، و"الحديث في أمور جنسية"، واللقاء به في إحدى الأماكن، وتصدير المشاكل لعائلتها، فهذا كله مما نهانا الله عنه، ويجب التوقف عنه على الفور، غير أنني أرى – والله أعلم- أن الضرب كحل واحد لن يحل المشكلة، وأنصح بالآتي:
1) أن يقوم ولي أمر هذه الفتاة بقطع الإنترنت عن البيت لفترة محددة.
2) أن يجلس معها أحد عقلاء محارمها، ممن وهبهم الله الصبر والحكمة والقدرة على الإقناع، وأن يكاشفها بما فعلت، وأن يبين لها حرمة ما قامت به، وسوء عاقبة صنيعها في الدنيا والآخرة.
3) أن يضع لها برنامجًا شاملاً للإصلاح والتقويم، يشارك فيه أفراد الأسرة، والصالحين الأتقياء العقلاء من أقاربها وأرحامها وجيرانها وزملائها، عن طريق عملية دراسة للأسباب التي دعتها لذلك وما هي طرائق الحل.
4) ألا تترك هذه الفتاة لشيطانها، وأن تلازمها أختها في البيت، وتتابعها إحدى الأخوات الصالحات خارج المنزل.
5) إن كانت هذه الفتاة في سن الزواج فإنني أنصح ولي أمرها بتزويجها، دون إجبارها على القبول بمن لا ترغب، مع تفهيمها وتعليمها وتبيان الأمر لها.
6) وإن لم تكن قد بلغت سن الزواج بعد، فتعرف بخطئها، وينبه عليها عدم العودة إلى مثل هذا الذنب، مع إحكام الرقابة عليها، داخل البيت وخارجه بشكل غير مباشر.
7) يجب أن تسعى أسرتها لتغيير البيئة التي تحيط بالفتاة إن كانت تتعرض لبيئة معاص أو بيئة منحلة أو صداقات منحرفة أو حرية زائدة عن اللزوم بعيدة عن ضوابط الشرع الحنيف
8) يجب إيقاظ ضمير الفتاة وتخويفها من ربها سبحانه ومن عاقبة الذنب ومن خوف الفضيحة أمام الخلائق
9) على الأم دور كبير في احتواء الفتاة وتقويم سلوكها
10) لا مانع من الحزم والوضوح ووضع خطوط حمراء مع عدم الأذى الذي يدفعها إلى العند
11) يجب أن يدعو الوالدان للفتاة أن يهديها الله سبحانه
12) إن أمكن منع هذا الشاب المنحرف عن انحرافه بتحذيره ونصحه فهو حسن وكل أهل بلد أعرف بظروفهم وما يستطيعونه تجاه هؤلاء
وختامًا؛ نسأل الله (عز وجل) أن يجعل لك من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا وأن يرزقك من حيث لا تحتسب، وأن يرزقك الصبر والحكمة والهدى والرشاد، وأن يصرف عنك الأسى والحزن، وأن يصلح هذه الفتاة وأن يردها إلى دينها وخلقها ردًا جميلاً، كما نسأله سبحانه أن يصرف عنها كيد الشيطان ومكره.. اللهم آمين.. وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.