الحوثيون.. منع"شعائر الله" بالمساجد ورفض"شريعة الله" في الحوار
6 ذو القعدة 1434
إعداد: محمد الأحمدي، ومصطفى حسان

ملخص
لا يكاد يخلو يوم في حياة اليمنيين من موقف عدائي مشاكس تتخذه جماعة الحوثي، سواء كان على المستوى السياسي أو الإعلامي أو الثقافي أو الديني أو الواقعي، ففيما كان المسلمون في أنحاء العالم يحتفلون بعيد الفطر المبارك، راح الحوثيون يشنون هجماتهم المسلحة على أهل السنة في مركز دار الحديث في دماج بمحافظة صعدة ومناطق سنية أخرى في منطقة منبّه على الحدود اليمنية السعودية، الأمر الذي أسفر عن سقوط قتلى وجرحى.

 

وفي وقت سابق، بينما كان المسلمون في مختلف بلدان العالم الإسلامي يكملون عدة شعبان بعد أن تعذرت عليهم رؤية هلال رمضان عملاً بنصوص القرآن والسنة وإجماع المسلمين، استبقت جماعة الحوثي المسلمين بصيام يوم سابق (الثلاثاء)، كأول يوم في رمضان 1434ه، بعد أن أعلنت معظم الدول العربية والإسلامية أن أول يوم من رمضان هو الأربعاء.

 

 وليت الأمر يقف عند ذلك، بل أقدمت جماعة الحوثي ومنذ اليوم الأول لشهر رمضان المبارك على منع صلاة التراويح بالقوة في العديد من مساجد محافظة صعدة، وتعدى ذلك المنع ليصل إلى العاصمة صنعاء، حيث دارت اشتباكات داخل أحد مساجد العاصمة صنعاء، بين مسلحي الحوثي وبين مواطنين يمنيين كانوا يقيمون على المسجد، أسفرت عن مقتل أحد المواطنين السنة، وإصابة آخرين من الطرفين.

 

وفي سياق آخر، استمرت الجماعة في أعمال العدوان والتحركات العسكرية في المناطق المحيطة بمركز دار الحديث في دماج ذي التوجه السلفي في محافظة صعدة شمال اليمن، من خلال بناء المتارس ونصب نقاط تفتيش جديدة وزرع الألغام في العديد من المواقع، وإطلاق النيران بشكل عشوائي فوق المركز، الذي أنشأه الشيخ مقبل بن هادي الوادعي قبل نحو أربعة عقود.

 

وكانت الجماعة توقفت بشكل مؤقت عن هذه التحركات، على إثر تدخل وساطة قبلية، غير أنها سرعان ما عاودت أعمال العنف والعدوان بالاعتداء على سيارتين تابعتين لمجموعة من طلاب المركز عند نقطة تفتيش حوثية على مداخل منطقة دماج، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين بجروح.

 

وكانت قد تراجعت حدة التوتر بين جماعة الحوثي وبين أهل السنة في محافظة صعدة، في أعقاب مؤتمر علماء وقبائل أهل السنة، الذي انعقد في العاصمة صنعاء، منتصف رمضان المنصرم، محذراً جماعة الحوثي من مغبة الاستمرار في أعمال العدوان والتضييق على طلاب مركز دار الحديث، والانقلاب على اتفاق الهدنة بين الحوثيين وأهل السنة في دمّاج. غير أن عدوان الحوثي لم يتوقف طويلاً، فقد أقدم مسلحوه على قتل خمسة من طلاب مركز دار الحديث بدمّاج وإصابة ثلاثة آخرين، غداة عيد الفطر المبارك أثناء مرورهم من إحدى نقاط التفتيش الحوثية المحيطة بالمركز.

 

أما على الصعيد السياسي، فقد واصلت جماعة الحوثي نزقها من خلال مؤتمر الحوار الوطني، المنبثق عن اتفاق التسوية السياسية بموجب المبادرة الخليجية، والذي توقف أثناء إجازة عيد الفطر المبارك، ومن المقرر استئناف أعماله خلال الأيام القادمة، حيث انضمت الجماعة التي تسمي نفسها بـ"أنصار الله"، إلى طابور الرافضين لأن يكون الإسلام هوية الدولة والشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع.

 

يخالفون اجماع الأمة ويمنعون شعائر الله
البداية، كانت عندما أعلنت جماعة الحوثي لمؤيديها أن أول أيام شهر رمضان هو يوم الثلاثاء 11 يوليو الماضي، بعد أن أعلنت أغلب الدول العربية والإسلامية أن أول يوم هو الأربعاء 12 يوليو 2013، وهو الأمر الذي  لم يكن جديداً على سياسات الجماعة التي تسعى منذ سنوات؛ لتثبت استقلالها عن الدولة، حتى لو كان ذلك على بمخالفة الجميع. ففي عام 2008، أعلن المكتب الإعلامي لعبد الملك الحوثي أن يوم الثلاثاء "30" هو المكمل لشهر رمضان من ذلك العام . لتشذ عن الإجماع وتفطر نهار أول أيام رمضان، بينما كان اليمنيون صائمون.

 

هذه الخطوة جاءت فيما كانت جماعة الحوثي تواصل هوايتها المفضلة في إشعال الفتنة وممارسة القمع بأسلوب لا يقره دين ولا عرف.. لقد تعدى الأمر مسألة النزق إلى ما هو أكبر منه، وهو الصد عن سبيل الله ومنع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، ففي سابقة خطيرة، أقدم الحوثيون وبشكل سافر وعلني على محاولة منع المساجد في محافظة صعدة من إقامة صلاة التراويح، وإغلاق بعض المساجد التي تقيم هذه الشعيرة التعبدية، وهي التي كانت تقام في السنين الماضية، رغم المضايقات التي كانت تمارسها الجماعة.

 

ولم يقتصر الأمر على محافظة صعدة وما جاورها، بل وصل هذا الأمر إلى العاصمة صنعاء، حين أقدمت الجماعة في اليوم الثالث من شهر رمضان الموافق 12 يوليو 2013، على محاولة منع صلاة التراويح في جامع "التيسير" بحي الزراعة وسط العاصمة صنعاء، حيث تقام فيه الصلوات بشكل منتظم منذ سنوات، الأمر الذي رفضه أهالي الحي، قبل أن يلجأ مسلحو الحوثي إلى مهاجمة المصلين في المسجد بإطلاق وابل من النيران عليهم، أسفر عن مقتل أحد المصلين وإصابة خمسة آخرين.
وقد أفاد شهود عيان، بأن الحوثيين بدؤوا عدوانهم بترديد شعارهم المعروف "الموت لأمريكا واسرائيل" داخل المسجد، أعقبها تهديدات للمصلين من تأدية الصلاة، وقال أحد سكان المنطقة أن الأهالي توجهوا إلى قسم الشرطة، وتم الاتفاق على إقامة الصلاة في المسجد، لكن بدون استخدام سماعات الصوت الخارجية، لكن رغم ذلك بدأت الاشتباكات بين الطرفين ، ما أدى إلى سقوط قتيل على الأقل في صفوف المصلين بالإضافة إلى جرحى من الطرفين.
وفي أعقاب الحادثة، فرض الحوثيون على المسجد حراسة مشددة على مداخل المسجد وخارجه، يقومون بتفتيش المصلين بشكل دقيق، كما انتشر عشرات من مسلحي الحوثي في الشوارع المجاورة، وتحول فناء المسجد إلى ما يشبه استراحة مفتوحة يجتمع فيها مسلحو الحوثي لمضغ القات والتدخين.

 

وقد جاءت حادثة جامع التيسير بصنعاء بعد أيام من مقتل شاب عمره 16 سنة في اشتباكات وقعت، بعد صلاة العشاء داخل "مسجد الريان" الواقع في منطقة "نقم" شرق العاصمة صنعاء، وذلك على خلفية قيام أعضاء الجماعة المسلحة بمحاولة إغلاق المسجد بالقوة.

 

وبالنظر إلى الأسباب الكامنة وراء هذه الخطوة، يبدو جلياً بأن جماعة الحوثي حين تقدم على إغلاق المساجد ومنع الناس من إقامة صلاة التراويح، فهي تنطلق من منطلق عدائي أولاً لشعائر الإسلام الظاهرة، ثم لصحابة رسول الله، بخاصة الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي تكنّ له الجماعة حقداً دفيناً، أفصح عنه مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي بشكل سافر في محاضراته المتداولة من بعده.

 

والغريب في الأمر أن جماعة الحوثي وهي تكشف عن عدائها الشديد لصلاة التراويح، لا تزال تستغفل الكثير من أتباع المذهب الزيدي بأنها حامية حمى المذهب، وأنه لا وجود لصلاة التراويح في مذهبهم الذي تقول إنه مذهب آل البيت، بينما حقيقة الأمر أنها بإنكارها صلاة التراويح تخالف المذهب "الزيدي" نفسه، الذي لطالما صمت آذان الناس بانتمائها إليه.

 

فقد أقر كثير من العلماء المنتمين إلى هذا المذهب، إقامة صلاة التراويح، وقد كتب بذلك أحد الباحثين المعاصرين رسالة بمثابة ردّ على تصرفات الحوثيين، عنونها بـ "البُرهان في استحباب مذهب آل البيت صلاة التراويح جماعةً" ، أكد من خلالها بأن أداء التراويح جماعة في ليالي رمضان سنة عند الإمام زيد بن علي - رضي الله عنه - وعبدالله بن الحسن وعبدالله بن موسى بن جعفر. ومن غير الخوض في تفاصيل مشروعية التراويح جماعةً في المذهب الزيدي، يبدو جلياً أن الحوثية في اليمن لا تزال باضطراد تقطع أي صلة بالمذهب الزيدي وتقترب أكثر فأكثر من الرافضة الاثني عشرية.

 

نزق في صنعاء عدوان في دماج
قبل أن يهل هلال رمضان المبارك بأيام، كان اليمنيون يتوافدون على الأسواق لشراء احتياجات شهر رمضان المبارك، لكن جماعة الحوثي كان لها نشاط آخر تعده أكثر أهمية من احتياجات رمضان، يتمثل في بناء المتارس على الجبال المتاخمة لمركز دار الحديث في دماج لتدريس العلوم الشرعية ذي التوجه السلفي، وصعدت جماعة الحوثي حشدها وتمترسها المسلح تجاه سلفيي دماج وبدأت منذ مطلع شهر رمضان بتحريض أتباعها تجاه من تصفهم بالتكفيريين والعملاء.

 

وفي حوار صحفي لممثل الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، طالب أحمد شرف الدين بنقل مركز دماج من صعدة إلى محافظة صنعاء، مضيفاً بأن صعدة هي للحوثيين وحدهم، بينما صنعاء للجميع، وقال "أن السلفيين ليسو من أبناء المنطقة، وأنهم مجموعة مزروعة من خارج صعدة، ومعظمهم جاء من الخارج منهم أجانب ومنهم عرب"، حسب تعبيره، وأضاف أن في دماج مستحدثات، "هناك متاريس وهناك أيضا تدريب عسكري وتحصينات يضعونها، أضف إلى كل ذلك بأن هناك جلباً للسلاح إلى داخل المركز وهم الذين يصعدون من أجل إثارة الحرب، ومركز دماج قائم على دعوى سياسية استخدم الدين كغطاء لها، ويمول من جهات خارجية وداخلية"، وأكد أن "الحوثيين ليس هم من يقرعون طبول الحرب، بل السلفيون من يقرعون طبولها" .

 

وقال مصدر سلفي لوسائل إعلام إن ميليشيات الحوثي بدأت بخرق الهدنة الموقعة بين الطرفين والاستيلاء على نقطة الخانق بمدخل دماج والمدرسة القريبة منها. . كما بدأت منذ الأسبوع الأول في رمضان ببناء المتارس في الجبال المطلة على دماج واستحداث الكثير من المواقع ومضايقة الداخلين والخارجين إلى دار الحديث وتفتيشهم، والتحرش بأبناء دماج عامة، والذي يعد، حسب المصدر، خرقاً واضحاً لاتفاق الهدنة الموقع بينهما.

 

وأضاف المصدر أن ميليشيات الحوثي تلقت كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة وصلت قبل أيام إلى صعدة للحوثيين لم تعرف مصادرها، استعداداً لبدء الحرب على "دماج".. مشير إلى أن عملية التصعيد الإعلامية التي يقوم بها الحوثيون يرافقها استعدادات عسكرية وحشد مسلح لأنصارها.

 

وفي محاولة للتضليل على حقيقة الأمر، على ما يبدو، سارع محافظ صعدة فارس مناع، المعين من قبل الحوثيين في هذا المنصب، إلى الإعلان عن انتهاء حالة التوتر في منطقة دماج بين أهالي المنطقة والحوثيين. موضحاً بأن توجيهات رئيس الجمهورية وراء احتواء وإنهاء التوترات التي حدثت في دماج بين الأطراف المتنازعة، مؤكدا أن الأوضاع عادت إلى ما كانت عليه سابقا في المنطقة.

 

لكن المتحدث باسم السلفيين في منطقة دماج الشيخ سرور الوادعي كذّب تصريحات محافظ صعدة حينها، موضحاً بأن الحوثيين مازالوا يتمترسون على الجبال المحيطة بمنطقة دماج ويوجهون أسلحتهم الثقيلة تجاه أهالي المنطقة، وأن التوتر مازال مستمراً باستمرار تمركز الحوثيين على الجبال المحيطة بدماج. وطالب الوادعي من محافظ صعدة أن يتحرى الدقة في ما يقول، كما ناشد رئيس الجمهورية بوضع جنود من الجيش للتمركز في الجبال المحيطة بدماج بدل ميليشيات الحوثي التي توجه أسلحتها لأهالي المنطقة. 

 

ربما استشعر الحوثيون أنه من الأفضل إرجاء أي عدوان عسكري ضد أهل السنة في دماج خلال رمضان، خصوصاً مع توجه الأنظار تجاه الأوضاع في دماج، بعد التحذيرات التي أطلقها علماء من أهل السنة وقبائل حلف النصرة ومشايخ ووجهاء القبائل المتضررة من انتهاكات الحوثية في محافظة صعدة وما جاورها، خلال اجتماعهم الذي عقدوه في العاصمة صنعاء خلال يومي 13، 14 رمضان، محذرين الحوثي و"عصابته" من مغبة الأعمال الإجرامية العدوانية المتكررة، مؤكدين أن الاستمرار في التضييق والاعتداءات وإهدار دماء السكان من طلاب العلم وأبناء المنطقة سيكون له ردة فعل قوية.

 

وقد كان المئات من العلماء ورجال القبائل ناقشوا، في اجتماعهم، ما تقوم به جماعة الحوثي من اعتداءات متكررة على أبناء صعدة وغيرها وما قامت به خلال أيام شهر رمضان ومعاودتها التضييق والعدوان على مركز دار الحديث بدماج والمناطق المجاورة له. وحمل الاجتماع الحوثي مسؤولية كل الدماء والأعراض التي تم سفكها والفتنة الطائفية التي تشعلها جماعة الحوثي، حسب بيان الاجتماع. وأهاب المجتمعون برئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي وحكومة الوفاق القيام ببسط نفوذ الدولة على كامل مناطق صعدة وسفيان والمناطق المجاورة لها، للحفاظ على الأمن والمواطنة الصالحة، وقالوا إن أهل السنة والجماعة من العلماء والمشايخ والدعاة ومشايخ القبائل ورجالها، ومن إليهم في اليمن عموماً وأبناء صعدة وسفيان والمناطق المجاورة لحجة والجوف وعمران خصوصاً، يدٌ واحدة لحماية عقيدتهم وأعراضهم ومراكزهم، ولن يتركوا إخوانهم الذين يكتوون بنيران الإرهاب الحوثي في صعدة والجوف وحجة وعمران وغيرها. 

 

ولم يكد اليمنيون يودعون شهر رمضان حتى استهل الحوثيون أول أيام عيد الفطر المبارك بمجزرة جديدة ارتكبتها مليشياتهم المسلحة ضد أهل السنة، أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ثلاثة آخرين، وذلك في نقطة تفتيش لمسلحين حوثيين في محيط منطقة دماج، وقال مصدر سلفي في منطقة دماج بصعدة إن نقطة تفتيش لمسلحين حوثيين في محيط دماج أطلقت النار على سيارتين تقل ثمانية أشخاص بعد أدائهم صلاة العيد في مركز دماج. مشيراً إلى أن الكمين الحوثي أدى إلى تدمير السيارتين، واتهم المسلحين الحوثيين باحتجاز الجثث ورفض تسليمها .

 

وفي وقت سابق، كان مسلحون يعتقد أنهم حوثيون حاولوا اغتيال الناشط السياسي اليمني غائب حواس، أحد أبناء محافظة صعدة، الذين نزحوا إلى العاصمة صنعاء بسبب سياسات القمع التي تمارسها جماعة الحوثي بحق المواطنين، سيما المعارضين لأفكار الجماعة، عندما أطلق عليه النار مسلحون يعتقد بأنهم حوثيون، في العاصمة صنعاء، فجر الثلاثاء 14 رمضان 1434هـ الموافق 23 يوليو/ تموز 2013، بينما كان في طريق عودته إلى منزله، ما أدى إلى إصابته. وقد سبق له أن تعرض حواس لاعتداءات سابقة، حيث أصيب بطلق ناري في يده عام 2010، خلال هجوم شنه الحوثيون على قريته إبان الحرب السادسة، كما أقدم مسلحو جماعة الحوثي على اختطاف والده الطاعن في السن، مطلع أكتوبر العام الماضي 2012، رافضين الإفراج عنه قبل أن يستجيب لمطالبهم بإهدار دم أبنائه، الذين يعتبرون من أبرز المقاومين لتعسفات الحوثيين بالمحافظة.

 

ويعمل الناشط غائب حوّاس كمستشار علمي لمركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام، ويمارس نشاطه الإعلامي والحقوقي المناهض للحوثي وممارساته القمعية بحق أبناء صعدة، ويبذل جهده منذ سنوات في إيصال أصوات المقهورين من أبناء محافظته الواقعة تحت سطوة القمع الحوثي.

 

مؤتمر الحوار وعودة الحوثي الأكبر
نزق الحوثيين لم يقف عند المنع من صلاة التراويح والاعتداءات العسكرية في دماج ومحاولات الاغتيال، فقد بدا الحوثيون هذه المرة جزءاً من الترويكا العلمانية في اليمن، المطالبة بإسقاط "هوية الدولة الإسلامية" و "الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع"، بل ذهبت الجماعة كعادتها إلى أبعد من ذلك، حين أكدت وبوضوح رفضها للإسلام أن يكون دين الدولة، معتبرة بأن "الدولة شيء وصفي لا معنى له"، حد تعبيرها، وأن الدين هو دين الشعب وليس دين الدولة، وطالبت بإلغاء المادة الثالثة في الدستور اليمني، والتي تنص على أن "الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريعات".

 

وفي جلسة التصويت على مواد الدستور المقترحة، في فريق بناء الدولة، وقف الحوثيون في صف العلمانيين والليبراليين، والاشتراكيين، في رفضهم للشريعة الإسلامية كمصدر وحيد للتشريع، وهو التصرف الذي أثار استغراب الكثير من السياسيين، حيث دارت نقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، متسائلين عن سبب تناقضات الجماعة، التي تنادي بشعار النصر للإسلام، وفي الوقت ذاته ترفض الإسلام، في أروقة الحوار الوطني.

 

سياسات النزق التي تمارسها جماعة الحوثي في مؤتمر الحوار، تزامنت مع الحديث عن عودة أحد زعماء الجماعة كان لاجئاً في ألمانيا منذ عدة سنوات هو البرلماني يحيى بدر الدين الحوثي، للانضمام إلى ممثلي الجماعة في مؤتمر الحوار.
ووفقاً لمصادر صحافية مقربة من جماعة الحوثيين فإن الحوثي عاد بتأريخ 16 رمضان إلى اليمن. ويحيى الحوثي العائد من ألمانيا هو نائب برلماني عن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهو الأخ الأكبر لزعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، وقالت وكالة اليمن الإخبارية إن موكبه تعرض لإطلاق نار بعد خروجه من مطار صنعاء.

 

وغادر يحيى الحوثي اليمن قبل سنوات إلى ألمانيا بعد طلبه اللجوء السياسي عقب اندلاع الحرب بين جماعته في صعدة والقوات الحكومية. وعاد إلى اليمن بموجب ضمانات من الرئاسة اليمنية للمشاركة في مؤتمر الحوار بعد تعيينه عضواً فيه. وفي مطلع مارس الماضي، وجه الرئيس عبدربه منصور هادي برفع اسم يحيى بدر الدين الحوثي من قائمة المطلوبين المدرجين ضمن "النشرة الحمراء" لدى شرطة الإنتربول الدولي، وإغلاق ملف القضية.

 

وكان الأنتربول الدولي وافق في العام 2007 على إدراج يحيى الحوثي ضمن قائمة "الإرهابيين" المطلوبين دولياً، بناءً على طلب تقدم به النظام السابق، بتهمة تشكيل جماعة مسلحة مع آخرين بهدف القيام بأعمال "إرهابية" .