الشيخ الضاري: الاعتصامات فعالة وستستمر برغم استخفاف المالكي بالمعارضة.. الفيدرالية ليست واقعية.. هذه أسباب التفجيرات
23 ذو القعدة 1434
جاسم الفرحان

أكد الشيخ حارث سليمان الضاري أمين عام هيئة علماء المسلمين في العراق أن المعتصمين العراقيين عازمون على الاستمرار في اعتصاماتهم حتى تحقيق مطالبهم، رغم التهديد والوعيد والاتهامات الباطلة لهم من قبل المالكي وحاشيته الشريرة.

وأضاف الضاري في لقاء خاص بموقع المسلم أن الأمور في العراق تسير نحو الأسوأ يوماً بعد يوم، ولا تلوح أية بادرة للاصلاح، أو الرجوع عن الخطأ، بل إن الاصرار على الاستمرار على التحدي والإجرام، وإقصاء الغير هي الصفات الغالبة على سياسات الحكومة الحالية، حكومة ( نوري المالكي).

وفيما يلي نص الحوار:-

فضيلة الشيخ، برأيكم لماذا تتجاهل حكومة المالكي الاعتصامات المستمرة في العراق منذ عام تقريباً؟

 بسم الله الرحمن الرحيم، يتجاهل المالكي هذه الاعتصامات، وليست الحكومة، إذ لا حكومة في العراق، فهو الحاكم بأمره في العراق، ولهذا يتجاهل مطالب المعتصمين والمتظاهرين المطالبين بحقوقهم المشروعة، ورفع المظالم المسلطة عليهم من قبله ومن قبل أجهزته الأمنية المجرمة.
ويعود تجاهله لمطالب المعتصمين الى أمور:-

 منها استخفافه بالمخالفين له سياسياً وفكرياً، وعدم اعترافه لهم بأية حقوق.
ومنها اعتقاده أن المطالبين بالحقوق ارهابيون، وقد صرح بذلك يوماً لأحد شركائه في العملية السياسية من(السنة) بقوله: (السنة كلهم إرهابيون).
ومنها ظنه الفاسد أن المعتصمين قد وصلوا إلى حالة من الضعف نتيجة ممارساته الجائرة ضدهم المتمثلة بالاغتيالات والاعتقالات والتهجير والمداهمات، التي طالت مئات الآلاف من العراقيين، وما زالت مستمرة، فضلاً عن ضغوطه السياسية والنفسية عليهم، التي لا يستطيعون معها الوقوف في وجهه وأخذ حقوقهم منه بالقوة.

ومنها دعم أسياده في واشنطن وطهران له في سياساته وأعماله الاجرامية ضد أبناء الشعب العراقي؛ وكأنه ينتقم لأسياده من العراقيين؛ لرفضهم هيمنة الأمريكيين، وتدخلات الإيرانيين في شؤون العراق ومشاريعهم التخريبية فيه. ولم يكتف بذلك، بل أساء إليهم بالقول والفعل، حيث وصفهم بالإرهاب، والنتن والفقاعات، واعتدى على ساحاتهم بجيشه وأجهزته الأمنية وقتل وجرح المئات منهم في الفلوجة والحويجة والموصل وديالى، وما زال يتابع الناشطين منهم بالاغتيالات والاعتقالات.

 

هل ترون الاعتصامات مجدية في هذه المرحلة؟

نعم نرى أن الاعتصامات والمظاهرات مجدية لأمور، منها:-
اظهار حالة الثبات والإصرار على المطالبة بالحقوق ورفض الظلم الواقع عليهم، رغم كل ما يتعرضون له من ضغوط وأذى من قبل المالكي وأجهزته الامنية.
 ومنها أن عدم استمرارها قد يفسر بأن المالكي قد استجاب لمطالبهم كلا أو بعضاً، أو أنهم قد تراجعوا أمام تهديدات المالكي وضغوطه عليهم.
ومنها أن استمرارها قد يوسع دائرتها، ويشجع فئات أخرى على المطالبة بالحقوق المسلوبة من قبل المالكي وحكومته، وهذا ما حدث في عدد من المحافظات الجنوبية، من مظاهرات واعتصامات في الأيام الأخيرة.
ومنها: التشهير بأعمال المالكي الإجرامية، وممارساته الطائفية المكشوفة ضد (أهل السنة) بالذات، وإطلاع الناس عليها في الداخل والخارج.

 

هل تعتقدون أن هذه المظاهرات والاعتصامات ستستمر حتى تحقيق أهدافها؟

نعم، سيبقون وهم عازمون على الاستمرار في اعتصاماتهم حتى تحقيق مطالبهم، رغم التهديد والوعيد والاتهامات الباطلة لهم من قبل المالكي وحاشيته الشريرة.

 

هل تعتقدون أن الفيدرالية، كما يقول بعض العراقيين، هي الحل للمأزق الحالي لأهل السنة في العراق؟

 لا نعتقد أن الفيدرالية هي الحل للمأزق، أو المشكلة الحالية في العراق؛ لأنها تمثل مشروعاً للهروب من السيئ إلى الأسوأ، إذ أنها ستمزق كيان (أهل السنة)، وستضعهم في كانتونات ضعيفة ومقزمة، ومحكومة عسكرياً وأمنياً من قبل قوات (الحكومة المركزية) العسكرية والأمنية، وستزداد تبعيتها السياسية والمادية لإرادة هذه الحكومة وسياساتها الاقصائية والاستبدادية، كما أنها ستؤدي في النهاية إلى تقسيم العراق لا محالة؛ لأنها تمثل الغطاء لمشاريع التقسيم، التي يقف وراءها أعداء العراق الإقليميون والدوليون، وما أكثرهم.
وفضلاً عن ذلك كله، فإنه لا إمكانية حقيقية لإقامة الإقليم- حتى لو خلا من أية معارضة شعبية له- وذلك بحسب الواقع السياسي في العراق، الذي تهيمن عليه دكتاتورية المالكي، التي لن تسمح بذلك لأسباب عديدة تظهر مما تقدم من اجابات على الاسئلة، وكل هذه الأسباب بعيدة عن الحرص المزعوم على وحدة العراق.

 

ما هي تداعيات سقوط نظام الأسد على المشهد العراقي؟

لا شك أنه ستكون هناك تداعيات كبيرة لسقوط نظام الأسد على المشهد العراقي، ونسأل الله تعالى اللطف بسوريا والعراق وشعبيهما البائسين.

 

هل من الممكن أن تعطونا فكرة عن اللقاء التشاوري لكبار علماء العراق، الذي عقد تحت رعايتكم قبل ثلاثة أسابيع تقريباً، وماذا يعني هذا اللقاء في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق والمنطقة؟

عقد هذا اللقاء العلمائي التشاوري بناءً على ما اقتضته ظروف المرحلة الحالية في العراق، وكان يهدف إلى ضرورة معرفة رأي المشاركين في هذا اللقاء فيما يجري في العراق اليوم، وفي بعض القضايا المصيرية والمهمة، ومنها سيادة العراق المفقودة، ووحدته المهددة، وهويته، والعملية السياسية والدستور، وقد أوصوا بضرورة التمسك بسيادة العراق، ووحدته، والمحافظة على هويته العربية والإسلامية، وعلى أن العراق لكل أبنائه بكل فئاتهم ومكوناتهم دون اقصاء أو تمييز لفئة على أخرى، كما هي الحال اليوم.

 

وأن العملية السياسية ودستورها هما المسؤولان عن كل ما جرى –ويجري- في العراق من خراب ودمار وفساد وإجرام، وأنهما لا يصلحان لخلاص العراق مما هو فيه، ونقله إلى جانب الأمن والاستقرار والرخاء.
وتعرضوا فيه لعدد من الأحداث الخطيرة التي تعصف بالعراق والعراقيين، وتهدد أمنهم، واستقرارهم ومستقبل حياتهم، منها الاغتيالات والاعتقالات والإعدامات والتهجير والتفجيرات، وغيرها من الأعمال والممارسات الاجرامية واللاإنسانية، وبينوا موقفهم منها ورأيهم الموحد فيها، وفي نهاية البيان حيَّ العلماء المتظاهرين والمعتصمين، وحثوهم على الصبر والثبات، وبينوا أن ما يقومون به هو عمل مشروع، وهو من قبيل (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر).

 

وفي ختام البيان دعوا المجتمع الدولي ومؤسساته الحقوقية والإنسانية والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى أن ينصفوا العراق ويولوه شيئاً من الاهتمام؛ لأن ما يجري فيه من انتهاكات لحقوق الانسان لا تقل خطورة عما يجري في غيره من دول العالم من انتهاكات لهذه الحقوق، إن لم تكن أكثر فظاعة وشناعة.

 

في ظل هذه الظروف المعقدة التي يمر بها العراق والمنطقة، برأيكم ما هو المخرج للعراقيين من أزمتهم الحالية؟

لا مخرج للعراقيين من ازمتهم الحالية لا بتجديد العملية السياسية بانتخابات طائفية مزيفة تطيل عمرها وتطيل معها ازمة العراق والعراقيين ومآسيهم، ولا بالهروب الى الفيدراليات والأقاليم، مجهولة المصير والنتائج. وإنما الحل في تقديرنا يكمن في أحد أمرين:
إما اللجوء الى حكومة انتقالية تشكل من الكفاءات العراقية المستقلة المشهود لها بالخبرة والإخلاص لمدة محدودة، تدير فيها الأمور، وتعمل على بناء عملية سياسية حقيقية، وعلى وضع دستور عراقي يحقق مطالب العراقيين المشروعة بكل أطيافهم ومكوناتهم، بعيداً عن التدخلات الخارجية والهيمنات الداخلية، وتشرف على انتخابات برلمانية نزيهة، باشراف دولي محايد، تؤدي إلى تشكيل حكومة عراقية وطنية، بعيدة عن المحاصصات الطائفية والعرقية.

 

وإما اللجوء إلى خيار الشعب، وهو القيام بانتفاضة شعبية عامة؛ لتغيير الواقع المأساوي في العراق، وتصحيح الأوضاع فيه، وإعادته إلى وضعه الطبيعي المطلوب، كبلد حر مستقل ومستقر، يحقق لأبنائه جميعاً الأمن والعدل والاستقرار والعيش الشريف، مثل غيرهم من شعوب المعمورة.

 

فضيلة الشيخ: العراق يشهد في كل يوم العديد من التفجيرات، منْ المسؤول عنها، وبتقديركم إلى أين تسير الأمور فيه، وهل من الممكن حدوث حرب أهلية في بلاد الرافدين؟

المسؤول عن نحو 90 بالمائة من هذه التفجيرات هما:
المخابرات الإيرانية، وأجهزة الأمن (العراقية) الحكومية الحالية، والهدف منها هو:-
أولاً: توسيع دائرة التدخل الأمني الإيراني في العراق، من خلال إشعار حليفتهم الحكومة الحالية، بأنها بحاجة الى مساعدتهم في ضبط الأمن، ومقاومة الإرهاب المزعوم.

ثانياً: التغطية على أعمال القتل والتهجير الممنهجة ضد (أهل السنة) في بغداد والبصرة وديالى، وغيرها من المحافظات العراقية الأخرى؛ لتغيير الواقع السكاني في العراق، فبعد كل حملة من حملات التفجيرات الإجرامية تقوم أجهزة الحكومة الأمنية وميليشياتها بحملات الدهم والاعتقالات والاغتيالات، والسلب والنهب، والتهديد والوعيد لأهل السنة، فيما ذكرنا من محافظات، تحت اسم الثأر للشهداء، ومكافحة الإرهاب، التي أصبحت غاياتها معروفة ومكشوفة للقاصي والداني.

ثالثاً: إثارة الفتنة بين الشعب العراقي، بإتباع بعض الأساليب الشيطانية، كالتفجير بالأحياء الشيعية- أحياناً- لإيهامهم أن السنة هم من قام بالتفجيرات ضدهم، وبالأحياء السنية- أحياناً أخرى- لإيهامهم أن الشيعة هم الذين قاموا بالتفجيرات في أحيائهم، وقد انكشفت هذه الألاعيب الماكرة لأبناء شعبنا من سنة وشيعة، وعُرفت في نهاية الأمر الجهات التي تديرها، وتقف وراءها.

وأما التفجيرات الأخرى، فتقوم بها –في تقديرنا- بعض القوى الشريرة المدعومة من هذا الطرف أو ذاك من الأطراف الداخلية والخارجية؛ ليبقى العراق ضعيفاً وفريسة للحاقدين عليه، والطامعين فيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وبالنسبة لسؤالكم: أين تسير الأمور في العراق؟

فأقول بكل تأكيد وأسف: إن الأمور في العراق تسير نحو الأسوأ يوماً بعد يوم، ولا تلوح أية بادرة للإصلاح، أو الرجوع عن الخطأ، بل الاصرار على الاستمرار على التحدي والإجرام، وإقصاء الغير هي الصفات الغالبة التي تتحكم في سياسات الحكومة الحالية، حكومة  نوري المالكي.

وأما بالنسبة للحرب الأهلية فقد تراجعت، والحمد لله، احتمالات حدوثها، بعد أن اكتشف الشعب العراقي على مدى السنين العشر الماضية تآمر أعدائه عليه، وعلى وحدة بلده ومقدراته، وفي مقدمتهم إيران الجارة، التي تسعى بكل امكاناتها وأساليبها الاجرامية الماكرة لإثارة الفتن، وخلق المشاكل بين أبنائه؛ لتفريق صفوفهم، والقضاء على تعايشهم الاجتماعي السلمي التاريخي، وأملنا بالله تعالى، ثم بوعي العراقيين الأصلاء- من شيعة وسنة وغيرهم- وحبهم لدينهم وبلدهم، أن تفشل كل مخططات أعدائهم فيهم وفي بلدهم، بعد أن اتضحت نواياهم السيئة، وأعمالهم الإجرامية، ولم تعد تنطلي على أحد شعاراتهم الزائفة، وأضاليلهم الخادعة، فما من أحد اليوم في العراق إلا ويشير بأصابع الإتهام، بعد كل تفجير، أو عمل إجرامي إلى إيران، إلا حلفاؤهم من الحكومة الحالية وأنصارها، ممن ارتبطت مصالحهم بمصالح أسيادهم في الخارج.