مسلمون تحت النيران
30 محرم 1435
خالد مصطفى

كشفت التقارير التي نقلتها العديد من وسائل الإعلام عن الاضطهاد الذي يعانيه المسلمون في أنجولا وهدم السلطات هناك لعشرات المساجد ومنع المسلمين من إقامة شعائرهم الدينية عن كارثة كبيرة يغض العالم الطرف عنها بل ويحاول بعض المسلمين تناسيها ألا وهي أن ملايين من المسلمين في العديد من الأقطار يتعرضون للعنف والقتل والإبادة والمنع من أداء شعائرهم التعبدية أو التضييق عليهم وسط حالة من الصمت التام أو الحديث القليل على استحياء...

 

إن العجب يتزايد عندما ترى أحوال النصارى في بعض البلدان التي يشكل فيها المسلمون أغلبية كبيرة عندما نرى ما يحصلون عليه من امتيازات قد تزيد عن امتيازات بعض المسلمين فيها وعندما يتعرض أحدهم لحادثة فردية تنقلب الدنيا ولا تقعد ونسمع جميع أجهزة الإعلام تندد بالاضطهاد الديني وتطالب بفرض عقوبات على هذه البلد ثم تسارع حكومة هذه البلد للاعتذار وإبداء حسن النوايا ونفي أي محاولة للتعرض للنصارى بينما يقتل الآلاف من المسلمين في عدة بلدان وسط تواطؤ على كل المستويات ولا نسمع أدنى إدانة وإذا سمعنا لا نرى أفعالا وتتبجح حكومات هذه البلدان وترفض معالجة سوء أوضاع المسلمين متذرعة "باستقلالها" ...

 

هل يعقل أن يدافع الغرب عن دينه وعن أتباع دينه  في أقصى بقاع الأرض بهذه القوة ثم يكتفي المسلمون بالتنديد والشجب أو بالقليل من المساعدات في أحسن الأحوال؟!..مأساة أنجولا ليست الأولى ولن تكون الأخيرة فقبلها ومعها كانت بورما حيث تم قتل الآلاف من مسلمي الروهنجيا وتشريد عشرات الآلاف في جريمة عنصرية مكتملة الأركان ورغم أن الكارثة مستمرة منذ أشهر إلا أنه لا موقف حاسم ضد حكومة بورما بل على العكس فقد رفعت أمريكا العقوبات التي كانت مفروضة عليها ولم نر موقفا من الدول الإسلامية للضغط على أمريكا من أجل مواصلة العقوبات في ظل القتل اليومي للمسلمين وحرق بيوتهم  بواسطة جماعات بوذية متطرفة ولم نسمع عن وضع هذه الجماعات على قوائم الإرهاب كما تفعل أمريكا مع الجماعات الإسلامية حتى لو كانت تدافع عن أرضها ضد الاحتلال كما هو الحال مع جماعات المقاومة في فلسطين...

 

التعتيم الإعلامي هو سيد الموقف في أغلب الأحيان بشأن الجرائم التي ترتكب في عدد من البلدان ضد المسلمين وإذا حدث وخرجت مجموعة من الاخبار يتم ذلك لفترة وجيزة ثم فجأة تصمت أجهزة الإعلام وكأنها تلقت أوامر بذلك...على سبيل المثال يعاني المسلمون في جنوب تايلاند منذ سنوات طويلة من ممارسات الحكومة البوذية والتضييق عليهم في شغل الوظائف العامة ومنع النساء من ارتداء الحجاب في هذه الوظائف وعدم الاكتراث بأعيادهم رغم أنهم أغلبية في الجنوب كما عانوا في وقت سابق من سلسلة من الاغتيالات استهدفت عددا من الناشطين المسلمين قامت بها فرق تابعة للأمن ومع ذلك لا تسمع الآن في أجهزة الاعلام إلا عن المحتجين البوذيين ضد الحكومة أما المسلمون الذين يبلغ عددهم أكثر من 7 ملايين فلا تسمع عن معاناتهم شيئا ...

 

وقريب من ذلك ما يحدث للمسلمين في الصين وخصوصا بتركستان الشرقية المحتلة أو ما يعرف حاليا بإقليم شينجيانج حيث يمنع المسلمون من الحديث بلغتهم أو تعليم الدين لأولادهم ولا تسمع في أجهزة الإعلام إلا عن "مسلحين أو متطرفين" ـ كما تسميهم السلطات الصينية ـ يحكم عليهم بالإعدام في حين تترك السلطات جماعات مسلحة من البوذيين تحصد أرواح المسلمين بلا عقوبة وإذا تجرأ المسلمون وانتفضوا فالتهمة جاهزة لهم "الإرهاب والتطرف" أما الغرب فهو لا يهتم إلا بالعلاقات الاقتصادية مع الصين وتوزيع النفوذ في آسيا  وإذا تحدث عن الحريات فهي حرية للناشطين الليبراليين المعارضين للحكومة أما المسلمون فلا مدافع عنهم سوى الله...

 

إن السؤال الذي يطرح نفسه دائما عندما نستمع لمثل هذه القصص هو لماذا لا يشكل المسلمون حلفا ضاغطا يدافع عن مصالحهم كما يفعل الغرب وكما تفعل "إسرائيل"؟ لماذا أصبح المسلمون منكفئون على ذواتهم بهذا الشكل؟ ولا تفكر كل دولة مسلمة إلا في رعاياها فقط رغم أن الإسلام يوصي بالاهتمام بجميع أبناء العقيدة ويعتبرهم أخوة خلافا للعقائد الأخرى؟