أنت هنا

النفوذ الرافضي في إفريقيا الأثار والتداعيات (ملخص)
19 صفر 1435
د. مدثر أحمد

النفوذ الرافضي في إفريقيا الأثار والتداعيات
إعداد
د/مدّثر أحمد إسماعيل حسين الباهي
عضو رابطة علماء المسلمين
الأمين العام للرابطة الشرعية للعلماء والدعاة بالسودان

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشـــهد أن محمـــــدًا عــبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصــــحابه وسلـــم تسليمًا كثيــــرًا أمّــا بعــــد

 

 فإنّنا حين نتتحدث عن الوجودأو التمدد أو النفوذ الرافضي في إفريقيا لا نتحدث عن نشاط منظمات أو جهود لجمعيات إنسانية وإنما نتحدث عن استراتيجية دولة لها من الإمكانات والطاقات ولديها من العلاقات والمصالح والحضور الدولي القوي ما تدعم به أيدولجيتها , فدين الرافضة بدأ في إفريقيا من لاشيء , كنا قبل زمن ليس ببعيد نتكلم عن وجود الرافضة حتى إذا ما تفاقم أمرهم  بدأنا نتكلم عن التمدد الرافضي  وها نحن اليوم  نتحدث ونتداول حول النفوذ الرافضي في إفريقيا ,وجود فتمدد فنفوذ
وإيران حينما تتجه نحو إفريقيا فإنها تراعي بدقة وعناية فائقة جملة من الأبعاد وكل بعد منها يشكل هدفا استراتيجيا لها وتلكم الأبعاد هي :
1/ البعد الجغرافي: يمكن النظر إلى اهتمام إيران المتنامي بقارة أفريقيا، لأهميتها الاستراتيجية فدول أفريقيا بمجموعها تطل على سواحل وممرات التجارة العالمية سواء المحيطات أو البحار فمثلا دولغرب أفريقيا نجد أنّ  السنغال تتمتع بموقع استراتيجي مهم على المحيط الأطلنطي ودول شرق أفريقيا كجزر القمر  تطل على المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث قناة موزمبيق من ناحية أخرى، ومن ثم فإنها دوله تتحكم في طريق التجارة العالمي؛ خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى أوروبا وأمريكا، حيث يمر في هذه المنطقة ثلثا السفن الحاملة للنفط. وتسعى إيران للحصول على موطئ قدم لها في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا في محاولة لتأمين الطرق التقليدية لحركة التجارة والملاحة الإيرانية.

 

2/ البعد الديني والثقافي: ويمثل البعد الديني والأيديولوجي أحد الأهداف الأساسية التي توجه السياسة الخارجية الإيرانية فيما يسمى بمهمة (تصدير الثورة الإسلامية) من خلال المؤسسات الإيرانية أو المراكز الثقافية التي تنشر الفكر الشيعي، وتعزيز نفوذها من خلال نشر جهودها في البلاد الإسلامية والمجتمعات الإسلامية التي تعيش في أفريقيا.

 

3/ البعد السياسي: تحرص إيران على ترسيخ نفوذها السياسي كجزء من المحور المعادي للغرب الذي تسعى إلى إنشائه في دول العالم الثالث وذلك عبر محاولة بناء تحالفات إقليمية ودولية تستطيع من خلالها مقاومة العزلة والعقوبات الدولية المفروضة عليها وتخفيف الضغوطات الغربية عليها بسبب برنامجها النووي.

 

4/ البعد الاقتصادى: بما أن السياسة لا يمكن فصلها عن الاقتصاد، فلإيران رغبة في الانفتاح الاقتصادي، والتنسيق لاستكشاف الموارد الاقتصادية،النوعية في قارة إفريقيا ابتداء بالنفط ومرورا بالمعادن الثمينة وانتهاء بخام اليورانيوم 
5/ البعد الأمني والاستراتيجي: يرى العديد من الباحثين بأن الدول العربية تتعرض لمؤامرة دولية تحت شعار الهلال الشيعي والذي لا يهدف إلى محاربة إسرائيل والمشروع الصهيوني في المنطقة وإنما إلى مساعدة إيران وواشنطن في تنفيذ مخططاتهما التوسعية.وأمريكا هي المتهم الأول بالتواطؤ مع إيران في خلق تهديد جديد للمنطقة. ولعل التقارب الأخير بينهما يعد من أقوى القراءن عل صحة هذه الرؤية 0

 

6/ البعد العسكري: لعل فضيحة السلاح المهرب عبر ميناء لاغوس بنيجيريا يكشف عن البعد العسكري للشيعة الرافضة في إفريقيا فكمية  السلاح الإيراني الموجود في نيجيريا، يتجاوزها إلى دول أخرى في القارة السوداء. و«قوات القدس» هي الذراع التشغيلي لقوات «الحرس الثوري» الإيراني، وهي المسؤولة عن النشاط الإيراني في مناطق عديدة في العالم بما فيها أفريقيا.

 

وكذلك الوجود العسكري عبرارتريا حيث قامت إيران باستئجار ثلاث جزر في البحر الأحمر ومنها جزيرة "دهلك" وهي تابعه لاريتريا لتزويد الحوثيين بالسلاح والدبابات عبر ميناء ميدي
ويتضح ذلك جليا من خلال إهتمام رؤوساء حكومات إيران بإفريقيا ومانشرته الصحافة الإيرانية من تصريحاتهم خلال السنوات العشر الماضية ؟
يقول خاتمي (إن إفريقيا أرض بكر تخلصت من الاستعمار ,كذلك فإن سوء ظنهم بالدول الاستعمارية يجعلهم يميلون إلى دول كإيران. إن هذه الدول لديها معلومات كافية عن النجاحات التي حققتها إيران في مختلف المجالات، كما أعلنوا استعدادهم للتعاون معها، ونحن علاقاتنا طيبة معهم، وهم قريبون منا في المحافل الدولية، وقد وقفوا إلى جانبنا في لجنة الحكام التابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 

ويشير خاتمي إلى الاحتياجات الإفريقية فيقول:( لقد انتهى عهد المساعدات المجانية، لأننا مع مساعداتنا لإفريقيا ينبغي أن نتحرك لاستكمال تقدمنا وتنمية بلادنا. إن إفريقيا أفق جديد، لو لم نستطع أن نستفيد منه لخسرنا ماديا ومعنويا).
ويؤكد خاتمي أنّ رحلته الأخيرة إلى إفريقيا لم تكن رحلة مجاملة، بل استهدفت دعم العلاقات الأساسية الأصولية والجديدة بين إيران والدول السبع أنفة الذكر ، من أجل تحقيق المصلحة المتبادلة، مؤكدا أنّ إيران ترغب في تعميم العلم والصناعة في إفريقيا)
وفي يناير "كانون الثاني" 2008 أعلن منوشهر متقى، وأثناء حضوره لقمة الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا، أن عام 2008 سيشكل حدثاً مهما في العلاقات بين إيران وإفريقيا وبأن طهران مستعدة لاستضافة الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية الأفارقة
وفي كلمة الرئيس الإيراني السابق  محمود أحمدي نجاد أمام القمة الثانية عشرة للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا عام 2009، التي قال فيها: (إفريقيا قارة تعج بالقيم البشرية والثقافية وقدرات كبيرة في مجالات مختلفة، وفي المقابل تتمتع إيران بقدرات هائلة تمكنها من الدخول في تعاون عملي ومربح مع القارة الإفريقية).

 

 ويقول سيد حسين حسيني مدير المكتب التجاري للشؤون العربية والإفريقية التابع لمنظمة تعزيز الشؤون التجارية الإيرانية: (بلغت قيمة الصادرات غير النفطية لإفريقيا 228.6 مليون دولار، بارتفاع عن 200.8 مليون دولار العام 2009. واستطرد المسؤول موضحا ارتفاع صادرات إيران للمغرب بنسبة 145 في المائة، على رأسها الفستق والتمر والفواكه والنشادر. وأضاف أن الصادرات غير النفطية ارتفعت بنسبة 8 في المائة لكوت ديفوار، و12 في المائة للسنغال، و50 في المائة لمصر. وأشارت تقديرات إلى أنه في العام 2009 بلغ إجمالي الزيارات الوزارية رفيعة المستوى من الجانب الإيراني لإفريقيا 20 زيارة تمخضت عن توقيع مجموعة واسعة من الاتفاقات التجارية والدبلوماسية والدفاعية). 
هكذا تبدو إفريقيا في عيون إيران ، وهو ما عبر عنه أيضا أحد كبار رجالات السياسة الإيرانية في بدية التسعينات  الدكتور علي أكبر ولايتي بقوله: (إن جمهورية إيران الإسلامية لها اهتمام خاص بإفريقيا، هذه القارة الواسعة التي يجب أن نتعرف عليها من جديد، ونعيد تقييم موقعها الحقيقي في النظام العالمي، وإن معرفة الحضارة البكر لإفريقيا أساس لعلاقة عظيمة اقتصادية وتجارية، مما يجعلنا نبذل الجهد بجدية أكبر لنبني سبل الارتباط اللازمة بأسرع ما يمكن). ومن أدلة جدية إيران في هذا الأمر ما صرح به علي حسن موويني رئيس جمهورية تنزانيا في ذلك الوقت بأنه( إذا كانت الدول تساعدنا بإعطائنا السمك، فإن إيران تساعدنا بتعليمنا صيد السمك، وهذا أجدى لنا).

 

وتنظم إيران علاقاتها ومصالحها في إفريقيا من خلال أولويات واضحة، يأتي على رأسها التقارب المذهبي والعرقي والديني بهذا الترتيب، ثم التقارب الاستراتيجي والنضالي، ثم احتياجات المصالح الإيرانية.. (وقد أنشأت الحكومة الإيرانية مايسمّى بالمجلس الأعلى لشئون إفريقيا من أجل مركزية التعامل مع هذه القارة، كما أنشأت بنكا للمعلومات يتبع هذا المجلس لتوفير المعلومات عن هذه القارة ، وأصدرت وزارة الخارجية مجلة فصلية تضم دراسات علمية عن إفريقيا، كما تعقد مؤتمرا دوليا كل عام لبحث العلاقات مع دول هذه القارة). 

 

تاريخ الوجود الرافضي في إفريقيا
يعود الاهتمام الرافضي ( الإيراني) بالقارة الإفريقية إلى عقود الستينيات والسبعينيات، منذ حكم الشاه، وعقب استقلال الدول الإفريقية، حيث بدأت إيران في إقامة علاقات دبلوماسية مع دول القارة. وبعد قيام الثورة الإيرانية تراجعت العلاقات الإيرانية ـ الإفريقية بسبب الاضطرابات التي أعقبت الثورة، وانشغال إيران في حربها مع العراق حتى عام 1988 إلا أنه مع بداية التسعينيات عاد الاهتمام الإيراني بالقارة الإفريقية إلى سابق عهده، ، إلا إنها لم ترق إلى المستوى المطلوب إلا في عهد الرئيس محمد خاتمي حيث  تعد جولتة الإفريقية التي زار خلالها كلا من نيجيريا والسنغال وسيراليون ومالي وبنين وزيمبابوي وأوغندا، في يناير 2005 على رأس وفد رفيع المستوى، ضم وزراء الخارجية والصناعة والمناجم والتجارة والتعاون بمثابة البداية الجادة والتوجه الرافضي  الاستراتيجي نحو إفريقيا

 

النتائج التي حققتها الرافضة في إفريقيا
لغة الأرقام لا تعرف الكذب، وهي تكشف بجلاء عن حقيقة الانتشار الرافضي في إفريقيا
وقد  صدر تقرير ميداني خاص باتحاد علماء المسلمين، صدر بإشراف لجنة تقصي الحقائق عن مركز نماء للبحوث والدراسات سنة 2010م   بعنوان (التشيع في أفريقيا)( ) لرصد ظاهرة التشيع في اثنين وثلاثين بلداً إفريقياً

 

والتي قسمت إلى أربع مجموعات:
1- دول غرب أفريقيا: بنين، بوركينا فاسو، توغو، سيراليون،غامبيا، نيجيريا، النيجر، غانا، غينيا كوناكري، ليبيريا، مالى، موريتانيا، ساحل العاج، غينيا بيساو، السنغال.
2- دول وسط أفريقيا: تشاد، الغابون، الكاميرون، الكنغو.
3- دول شرق أفريقيا: السودان، أوغندا، جيبوتي، الصومال، كينيا، تنزانيا، موزمبيق، جزر القمر، إثيوبيا.
4- دول شمال أفريقيا: مصر، الجزائر، المغرب، تونس.   

 

وقدكشفت مجلة "البيان" في عددها الصادر غرة المحرم 1432هـ, عن المخطط الفارسي الشيعي الايراني في غزو إفريقيا, من خلال استخدام امكانات مالية هائلة ومؤسسات بحثية, وتمويل للجامعات الإفريقية, وإقامة المراكز والمستشفيات ودور الرعاية الاجتماعية, وشبكة إعلامية ضخمة تضم صحفاً ومجلات ومحطات فضائية وإذاعية, وقالت "البيان" في دراستها الوثائقية التي أعدها الباحث أمير سعيد بعنوان "إيران المتجهة إلى إفريقيا تبشيراً واستثماراً": "إن حركة التشييع ماضية على قدم وساق في إفريقيا، مشفوعةً بعدد من العوامل المساندة لها وهو ما وفَّر لها أعداداً تتحدث بعض المصادر أنها نحو 7 ملايين ينتشرون في الغرب الإفريقي، ومليون في غانا وحدها وَفْقاً لتقرير صادر عن بعض دعاتها السُّنة، وبعضها تتحدث عن عدة آلاف في الجزائر (1700 وَفْقاً للكاتب والباحث رضا مالك)، وفي تنزانيا وغينيا وتونس والسودان وكينيا ومصر وغيرها (طبقاً لمصادر أوردتُها ــ والكلام للباحث ـ تفصيلياً في كتاب خريطة الشيعة في العالم)، وجُزُر القمر وإرتيريا وجنوب إفريقيا".
وأوردت الدراسة عبارة للداعية الشيعي بالسودان معتصم سيد أحمد، يقول فيها في حوار مع موقع المرجع الديني الشيعي المدرِّسي: (هنالك تربة خصبة في القارة الإفريقية؛ فإذا نظرنا للجزء الشمالي من القارة الإفريقية من مصر والجزائر والمغرب والسودان نجد أن هناك حُبّاً متجذراً في نفوس هذه الشعوب بالولاء لأهـل البيت - عليهم السلام - كذلك هنالك نوع من البساطة في قبول الطرف الآخر؛ فالإفريقي بشكل عام متسامح يقبل الحوار ويقبل الطرف الآخر بعكس بعض العقليات المتشددة الموجودة في البوادي)( ). وفيما يلي بعض الأرقام والحقائق التي تبين حجم النفوذ الرافضي في إفريقيا وقد اخترت نماذج من غرب افريقيا وشرق أفريقيا والقرن الأفريقي وشمال أفريقيا