رويترز تدخل حقل التزوير!!
8 ربيع الأول 1435
منذر الأسعد

كان تزوير التاريخ عملاً نمطياً في الدهاليز التي تقوم عليها عقول بلا ضمير، يستأجرها الطغاة لصياغة الحاضر الراهن والماضي القريب بما يخدم عملية غسل الأدمغة، من خلال الطمس والحذف والإضافة فينقلب الحق باطلاً والباطل حقاً..

 

ومع ذلك، أبت الحقيقة إلا أن تتسلل ولو ببطء فتبدد زبد الكذب والتزييف، مصداقاً لقول الحق جل شأنه: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [الرعد:17]. في وقتنا الحاضر بات التزوير أشد صعوبة نتيجة الانتشار الهائل لوسائل التوثيق ونقل المعلومات بالصوت والصورة بوسائط تعذر على أجهزة القمع السيطرة عليها.

 

فبالرغم من الوحشية غير المسبوقة التي تهيمن بها استخبارات عائلة الأسد على سوريا فإنها لم تنجح في منع آلاف المقاطع المصورة التي توثق كثيراً من جرائم عصابات المجوس الجدد والنصيريين الحاقدين في حق المدنيين العزل بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ.

 

والانقلاب العسكري في مصر قبل ستة شهور، لم يُفْلِحْ في تسويق نفسه مع أن وسائل إعلام ضخمة عربية وعالمية تضافرت جهودها لأداء هذه المهمة البائسة.

 

يضاف إلى ذلك تكميم الانقلابيين أفواه جميع وسائل الإعلام الرسمية والأهلية المحلية والأجنبية التي ترفض المشاركة في عملية التزوير المخيفة.

 

وكم كان أداء أدوات التطبيل المصرية مثيراً للسخرية، لما امتلأت به من فضائح وما وقعت فيه من مطبات تضحك الثكالى. فلم يكن تزويرها احترافياً، ربما بسبب المسافة الشاسعة بين الحقيقة والدجل المراد تقديمه بديلاً لها، حتى في المواقف التي لا يستطيع المعارضون توثيق حقيقتها، بتأثير القبضة القمعية الشرسة.

 

وجاء الاستثناء ليكمل الفضيحة المدوية، عندما قدمت قناة النيل الحكومية برنامجاً وثائقياً عن أحداث العام الميلادي المنصرم-2013م-، وكان التقرير موضوعياً فاشتمل على بضع جُمَلٍ تشير إلى شيء من إنجازات الرئيس المختطَف محمد مرسي..
قامت قيامة الانقلابيين فأطاحوا عدداً من كبار المسؤولين في القناة عقاباً لهم على أمانتهم!!

 

قبل مدة دخلت وكالة رويترز الشهيرة على خط حملة التزوير المستمرة، فنشرت تقريراً عما أطلقت عليه وصف: ثورة الدولة، وتعني بالوصف انقلاب مخالب أجهزة الأمن على الرئيس المنتخَب محمد مرسي..فوصفُ الانقلاب بأنه ثورة تزوير فاضح لا يليق بوكالة عريقة في مكانة رويترز.. وتغييب الجيش عن مشهد الانقلاب وخلفياته، تزوير آخر لا يقل قبحاً عن سابقه فلولا السيسي لما كان في وسع فلول أمن الدولة أن يفعلوا شيئاً بمفردهم، ولما تم الانقلاب بكل تأكيد!!

 

اتكأت أسطورة رويترز على خرافة "هروب" مرسي وعدد من زعامات الإخوان من محبسهم في وادي النطرون..ونسيت الوكالة "العريقة" اتصال مرسي يومئذٍ بقناة الجزيرة، وهو الاتصال الذي ينسف حكاية الفرار الملفقة من أَلِفِها إلى يائها..

 

بحسب مهزلة رويترز:شعر رجال القمع في أمن الدولة وسلك الشرطة بالمهانة من هروب مرسي، فقرروا الانتقام وقاموا بالانقلاب!!
إنه تبسيط يستحيي من الوقوع فيه صحافي مبتدئ فكيف بكيان إعلامي ذي تاريخ عريض مثل رويترز؟

 

صحيح أن التقرير المشين من إعداد صحافيَّيْن مصريين يعملان في رويترز وأن الذي تولى تحريره زميل لهم مصري أيضاً.. لكن ذلك كله لا يشفع لرويترز التي أساءت إلى تاريخها إساءة شديدة القبح..