26 جمادى الأول 1435

السؤال

أنا عفوية ومسامحة، لكن صديقاتي لا يحبونني ويخدعونني بسهولة؛ فماذا أفعل؟

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
بنيتي
خلق الله الإنسان ليعيش في الكون ككائن اجتماعي بطبعه يحب الناس ويتعامل معهم ولا يعيش بدونهم، وسعادة المسلم وتمام نعمة الله في الدنيا عليه أن يؤلف الله بينه وبين من حوله من المؤمنين فقال سبحانه: {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً} [آل عمران: من الآية103]، وربط النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بين خلق الألفة بالإيمان فقال: "المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس"(1).
ولهذا فأنا أؤيد سؤالك عن ما تشعرين به وأتفهمه وسنناقشه وسأعرض عليك بعض الاقتراحات لكي تندمجي مع صديقاتك وأخواتك في مدرستك وأيضا مع مجتمعك الأكبر من ذلك الحيز الحالي، وهناك بعض الأمثلة على ذلك مثل:
- بالعطاء تأسرين قلوب زميلاتك، النفس الإنسانية بنيت على ان ترتبط بمن يعطيها، ولا اقصد بالعطاء مادة أو مالا فقط بل على العكس فالعطاء المطلوب معنوي بالأصل، فالعلاقات بين الناس تبنى بداية على فكرة العطاء المتبادل، فكلما كان العطاء متبادلا بين الصديقتين كانت المحبة كبيرة، ففكري بداية في العطاء من الوقت والاهتمام، ومن يعط لا شك انه سينال من الآخرين مثل الاهتمام الذي أعطاه.
- بحسن القول تلين القلوب: فقد أمرنا الله سبحانه بأن نتخير من ألسنتنا أطيب الكلمات، فقال: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً} [الإسراء:53]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة"، فالكلمة يمكنها أن تفتح مغاليق القلوب، فتخيري من كلماتك أطيبها وفكري جيدا قبل أن تتكلمي بما لا يُعتذر منه.
- عاملي زميلاتك بالحسنى: أظهري يا بنيتي كل جميل من سلوك لا بمثل ما يعاملك الناس به بل بما تتمنين أن يعاملوك به، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(2)، فما تحبينه لنفسك من معاملة غيرك فتعاملي به معهن.
- عدم الدخول فيما لا يعنيك: إن آفة المجالس والتجمعات هو دخول كل إنسان فيما لا يعنيه، فتدخله في ذلك يزهد غيره فيه ويجعله غير مرغوب به، وقد نصحنا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"(3).
- ستر ما تراه عينك أو تسمعه أذنك: المؤمن للمؤمن ستر ووقاية، فليس كل ما تسمعينه يمكن إعادته وليس كل ما ترينه يمكنك إعلانه فالمؤمن يستر على أخيه المؤمن مرات عديدة وإذا أعلن يعلن في المكان الصحيح للإعلان حيث يرجى النفع من النصح، وهذا من الأسباب الكبيرة التي تجعل الفتاة محبوبا بين أخواتها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة".
- تجنب الغيبة والنميمة: فهما عادتان ذميمتان لا ينطويان على خير، ولا يمكن للناس أن تحب صاحبهما أو تقربه من مجالسها، وقد قال عز وجل: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: من الآية12].
فهذه بعض النصائح ابنتي الكريمة، ولا تظني أنهم سيستمرون على ما هم عليه، فبحسن أخلاقك ستجمعين القلوب المؤمنة النقية حولك بإذن الله، والأيام قادمة بإذن الله ستتعرفين على زميلاتك وأخوات يقدرنك ويحترمنك ويحببنك.
أسأل الله أن يحفظك وان يحفظ كل بنات المسلمين.

______________________
(1) السلسلة الصحيحة للألباني رقم 426.
(2) رواه البخاري ومسلم.
(3) حديث حسن رواه الترمذي.