"جنيف 2" وإجهاض حلم الثورة
21 ربيع الأول 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

تضغط القوى الدولية بكل ما أوتيت من قوة لكي تضع أي طرف سوري معارض على المائدة مع النظام الوحشي الذي يتزعمه النصيري بشار الأسد من أجل منحه "قبلة الحياة" بعد أن تم الإجهاز عليه قانونا وشرعا جراء الجرائم والمجازر التي ارتكبها ضد شعبه طوال السنوات الماضية...

 

إن الدول الغربية بعد تحول موقفها المفاجئ من نظام الأسد بعد الصفقة التي عقدتها مع إيران تسعى بشكل محموم من أجل عقد مؤتمر جنيف 2 من أجل إجهاض حلم الثورة السورية التي تهدف إلى إزالة نظام الأسد وكل من يرتبط به لذلك حرصت القوى الغربية على استخدام التهديد والوعيد مع الائتلاف السوري من أجل الموافقة وهو ما أدى إلى شق الصف داخل الائتلاف حيث قرر المجلس الوطني الانسحاب من الائتلاف بالإضافة إلى معارضة فصائل المجاهدين للمؤتمر واعتباره خيانة للقضية السورية...

 

العجيب أن الغرب أصر أيضا على دعوة إيران إلى المؤتمر وهي التي أدانها الغرب نفسه بدعم الأسد ماديا ومعنويا هي ومليشياتها الموالية لها في العراق وإيران وهو ما يؤكد أن المقصود من المؤتمر الإبقاء على نظام الأسد بشكل أو بآخر واستنزاف قوة المجاهدين وبث الخلافات بينهم مع فشل الأسد المدعوم بقوات وأسلحة من روسيا وإيران في تحقيق انتصار ما يحفظ ماء وجهه قبل المؤتمر بل على العكس فإن المجاهدين يحققون كل يوم ضربات مؤثرة ضد النظام رغم افتقادهم الشديد للدعم وتبخر الوعود الغربية بهذا الشأن في الهواء...

 

إن تراجع الغرب عن دعوة إيران للمؤتمر بعد تهديد الائتلاف بعدم حضور المؤتمر لا يدل على تعاون غربي مع مطالب المعارضة بقدر ما هو محاولة كاذبة لتطمين المجاهدين ولكن في نفس الوقت فإن روسيا ونظام الأسد حاضران بقوة في المؤتمر وهذا وحده يكفي من أجل بيان ما يمكن أن يتمخض عنه...لقد أكد الأسد في تصريحات واضحة قبل المؤتمر أنه لن يتنازل عن السلطة وأن مؤتمر جنيف لن يبحث هذه المسألة من قريب أو بعيد وعندما شعر الغرب بالحرج تم نفي بعض ما جاء في التصريحات من أجل ذر الرماد في الأعين وحتى لا تنكشف المؤامرة ولكن موسكو من جهتها عادت لكي تؤكد على نفس المحتوى على لسان وزير خارجيتها والسؤال الآن إذا كان الأسد لن يتنازل عن السلطة وإذا كانت روسيا أكبر الداعمين له ترى نفس الأمر فما الفائدة من المؤتمر؟! وهل سيرضى السوريون بأي حل وسط بعد قتل أكثر من 100 ألف شخص وتشريد الملايين داخل وخارج البلاد؟! ...

 

إن الغرب يحاول إقناع المعارضة والعالم الآن بنظرية الأسد وحلفاؤه بشأن "محاربة الإرهاب" ويحاول استخدام هذه الورقة من أجل الضغط على المعارضة للموافقة علبى أي حل مهما كان هزيلا بدعزى عدم منح بعض الكتائب فرصة السيطرة على مناطق بسوريا..وفي الحقيقة هذا الأسلوب سيؤدي في النهاية لإجبار المعارضة السورية على وضع يدها في يد نظام الأسد من أجل مقاتلة من يعتبرهم الغرب "إرهابيون" دون أن يوضحوا لنا ما هو التعريف الذي يتبنونه عن "الإرهابي" وهل كل من أطلق لحيته ودعا إلى تطبيق الشريعة في سوريا هو "إرهابي"؟! أم ماذا بالضبط؟! وهل المراد تسليم السلطة لبعض العلمانيين الموالين للغرب دون استشارة الشعب السوري ووصم كل من عدا هؤلاء بـ "الإرهابيين"؟!..

 

إن مؤتمر جنيف2 قد يؤدي إلى استفحال الشقاق والخلافات بين الثوار في سوريا وهو أحد أهم ما يرمي إليه الغرب و الأسد معا من وراء المؤتمر....إن الدعوة للمؤتمر والتحضير له شهدت العديد من المشاكل والتناقضات والخلافات بين الدول المدعوة للحضور حول أهداف المؤتمر وما أحاط به من ملابسات؛ الأمر الذي يلقي بظلال من  الشك حول إمكانية توصله لأي حلول موضوعية للأزمة مع عدم وجود وساطة نزيهة ليس لها حسابات ومصالح تسعى إليها من خلال المؤتمر...