20 جمادى الثانية 1435

السؤال

السلام عليكم.. أنا شاب مقبل على الزواج، تقدمت لابنة عمتي وقابلتها في بيت أبيها وهو موجود معنا، وطلبت منه الزواج، فكانت البنت حسنة المظهر ومحافظة على الدين الإسلامي واقتنعت بها وتمت الموافقة.. والآن أواجه مشكلة بالبيت مع عمى وأخي؛ فهم يريدون أن آخذ بنت عمى بكل الطرق رغم أنهم شركاء معي بالعمل وبنت عمى حسنة المظهر والدين.. ما الحل لديكم؟

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
أخي الفاضل الكريم
نشكر لك ثقتك في موقع المسلم ومستشاريه ونسال الله أن يجري الحق على ألسنتنا وقلوبنا وان يرينا الحق ويثبتنا عليه وأن يرزقك الله رزقا حسنا وان يرفع درجاتك في الدنيا والآخرة.
أخي الفاضل
الزواج سنة الله في خلقه وعليه قامت حياة الناس في الإسلام فقد قال الله سبحانه: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، فما من شابٍ بلا استثناء إلا ويسأل ربه سبحانه أن يرزقه زوجة، وكل شاب مؤمن يرجوها من الله زوجة مؤمنة تسرّه إن نظر إليها وتحفظه إن غاب عنها وتطيعه إن أمرها، وهكذا ما من فتاة عفيفة مؤمنة إلا وترجو الله سبحانه وتعالى أن يرزقها زوجاً مؤمناً، رجلاً كريماً عفيفاً والزواج سنة الأنبياء عليهم جميعا الصلاة والسلام، فقال الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً}.
وبالنسبة لما ذكرت أخي الكريم أستطيع أن ألخص سؤالك في عدة نقاط:
- خطبت ابنة عمتك بإعلان لجميع الأسرة ووافقت الأسرة عليك.
- المخطوبة ذات سمت وخلق إسلاميين وقعا منك موقع الرضا عنها.
- أعلن والدها موافقته، وبذلك تمت الخطبة شرعا وواقعا.
- علم بذلك كل أفراد الأسرتين.
- يريد عمك وابنه وهما شركاؤك في العمل تزويجك لابنتهم مع تركك لابنة عمتك.
وعلى هذا أخي الكريم أجمل كلامي في نقاط:
- تقدمت برضا من أهلك لابنة عمتك ووافق عليك أبوها، وهي صاحبة سمت إسلامي وتدين كما ذكرت، ولهذا فالمؤمنون عند شروطهم، والرجل قد وافق على خطبتك لابنته وكان هذا كله على مرأى ومسمع من الجميع ووافق اهلك وأهلها ولا يوجد لديك أي مبرر لترك ابنة عمتك والارتباط بأخرى
- لا يوجد في رسالتك ما يفيد بأن رغبتهم في تزويجك من ابنة عمك على سبيل التعدد بل – حسب ما اتضح من رسالتك – أنه على سبيل الاستبدال، فلا أجد مبررا له في هذا، وخاصة انك لم تر في هذه الفترة وهي فترة الخطبة التي تعتبر فترة دراسة ومعرفة عن قرب والتي يبحث فيها كل خاطب في مخطوبته عن الصفات التي ترغبه في إتمام الزيجة أو إلغائها، فلم تر من الخطيبة شيء يريبك أو يصرف نظرك عن زواجها فلم تعرض فكرة الاستبدال من الأصل.
- هناك نقطة أخرى هامة أنك كنت تحت عين عمك بصفة القرابة وبصفة شراكة العمل طوال الوقت فلماذا بعد أن خطبت ابنة عمتك فاتحاك في الأمر وعرضا عليك زواج ابنتهم بدلا من ابنة عمتها، وهذا موقف يدعو للتوقف الكثير.
- لا شك أن في تركك للزواج من ابنة عمتك وزواجك بابنة عمك – دونما سبب سوى رضوخك لرأيهم فيه قطع لصلات أرحام، فالأمر لن يخفى على الجميع، وسيظل هذا الموقف عاملا مؤثرا وكبيرا في قطع بين أرحام ثلاثة بيوت، بيت أبيك وبيت عمك وبيت عمتك، والإسلام ما شرع الزواج إلا لتوثيق الصلات بين الأباعد ليصيروا أقرباء بالمصاهرة لا لقطع علاقات الأقارب في الرحم والدم فيصيروا أعداء متخاصمين.
- لا يبني المسلم قراره في الزواج إلا على شرط الدين وهو متحقق في الفتاتين كما ذكرت، كما أن حسن المظهر والقبول متوفران لديهما معا بحمد الله، وبهذا فلم يكن تركك لواحدة وقبولك للأخرى على معيار الجمال فقط رغم أنه معيار مشروع ومعتبر، فلا نقص في إحداهما، ولعل الله يهيئ لابنة عمك ويختار لها زوجا صالحا يسعدها ويقربها من رضوانه.
- وأخيرا امض أخي في زواجك من ابنة عمتك على بركة الله، وحاول أن تدخل قريبا في السن والمقام من عمك وابنه ليوضح لهما أن الخطبة قد تمت وان هدم هذه الخطبة من اجل خطبة ابنتهم فحسب - دون أي سبب آخر كعدم ارتياح أو وجود عيب قادح في المخطوبة – هو من باب قطع الأرحام الذي لا يرضاه الله، ولعلهم بعد ذلك يتركانك لما مضيت فيه.
مع ملاحظة هامة أنني كنت أنتظر في الرسالة ذكر موقف أبيك، فإن كان على قيد الحياة فليحفظ الله حياته، وموقفه حاسم جدا في هذا الأمر، فالموضوع بين ابنة أخته وابنة أخيه، وهذا أيسر له، فيمكنه إنهاء هذا الموقف ببساطة، أما إن كان أبوك في جوار الله - وهو أغلب الظن لورود اسم أخيك فقط - فليكن رجل صالح عاقل من أهلك وأقربائك، ولن تعدم وجود مثل هذا الرجل الذي سيسهم جدا في حل هذا الموقف.
وفقك الله وبارك فيك ورزقنا الله وإياك البر والتقوى.