السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.. أنا متزوجة من سبع سنوات، طبعاً زواج تقليدي سمعت عن أخلاقه ودينه فوافقت بدون حتى أن أراه.. تزوجت وكان خير زوج إلى يومنا هذا.. المشكلة عندي أني لا أجد في قلبي حباً له! مجرد أقوم بواجباتي كزوجة ولكن بدون روح حتى كلمة أحبك لا أستطيع أن أقولها له. لم أحتفل يوماً معه بذكرى زواج أو غيرها. أنجبت الأطفال لكي أشغل نفسي ولكن لم يتغير شيء. مقصرة جداً في حقه ولكن ماذا أفعل فهذا شيء خارج عن إرادتي. أريد نصيحتكم ما هو الحل. وهل طلبي للطلاق في هذه الحالة يجوز؟
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بك في موقع المسلم. ملخص قولك حفظك الله: - تزوجت منذ سبع سنوات دون رؤية زوجك بعدما سمعت عن دينه وأخلاقه. - تصفينه بأنه خير زوج. - لا تحبينه ولا تحتفلين معه بذكرى زواج. - أنجبت أبناء للانشغال بهم عنه. - مقصرة جدا في حقه وترين أن تقصيرك رغما عنك. - هل تطلبين الطلاق؟ أولاً: لم أفهم هل مشكلتك هي طريقة الزواج؟ أم أنك تعيبين عليه شيئاً معيناً؟ ورد في رسالتك أنك وجدته خير زوج ولم تشيري إلى عيب فيه. لنفترض أن المشكلة أنك تزوجت كما تقولين زواجاً تقليدياً. ما الذي يجعلك تضخمينها إلى الحد الذي ينفرك من زوجك طوال هذه السنوات رغم حسن صحبته لك. هل يعيب عليك بعض من حولك أنك تزوجت بهذه الطريقة؟ أو يكثر الحديث حولك بأن الزواج الناجح هو الذي جاء بعد معرفة وحب فتشعرين بذلك أنه السبب فيما يثار حولك من كلام. أيتها الفاضلة: الزواج نوعان: زواج شرعي وزواج غير شرعي. أما الشرعي فهو ما كان بعقد صحيح برضا الطرفين وموافقة ولي الزوجة وحضور الشهود، سواء كان من ابن العم الذي سميت له الفتاة في صغرهما أو من بعض المعارف أو ممن سواهم. بعض العادات القديمة فيها مخالفة للشرع كأطر أحد الطرفين على الزواج لأن العادة تقتضي مثلا ألا تتزوج البنت إلا ممن سميت له ولو لم يكن مرضي الخلق والدين، أو لم يكن راغباً فيها. وكذلك منع الرؤية الشرعية قبل عقد الزواج بحجة مخالفة العادات. وقد تترتب على هذه العادات متاعب بعد الزواج، وقد يرض كل منهما بالآخر ويعيشا سعيدين متآلفين. وبعض العادات الوافدة كذلك تخالف الشرع مثل تواصل الفتاة مع الخاطب ليتعرف كل منهما على صاحبه ثم يقررا عقد الزواج أو يصرفا النظر عن الزواج. وهذه أولاً ليست وسيلة صحيحة لمعرفة حقيقة أي من الطرفين لأن كل منهما يتكلف للآخر ويتجمل حتى إذا ما تزوجا اكتشف الزوج أن امرأته حادة الطبع سريعة الانفعال واكتشفت الزوجة أن زوجها مخادع مراوغ يحادث غيرها ومثل هذه القصص كثيرة. وثانياً هي طريقة خطيرة قد تقود للوقوع فيما لا يرضاه الله من الكلام والأفعال لأن الخاطب أجنبي ليس بمحرم. ولأنها قد تكون مطية لأحد الطرفين للتسلي وقضاء الأوقات ولا تكون عنده الرغبة في الزواج من البداية وهذا منتشر في البلدان التي ابتليت بالجامعات المختلطة. المهم تصنيف الزواج لتقليدي وغير تقليدي منبعها وسائل الإعلام الموجهة لأمر يراد. فالزواج التقليدي كان هو الزواج المرتب بين العوائل دون اعتبار لرأي طرفي الزواج مقابل الزواج دون إكراه، ثم وصف به الزواج الذي يتحرى فيه أهل الفتاة عن الخاطب ثم توافق أو ترفض بناء على صفاته مقابل الزواج بعد تعارف طرفي الزواج بطريقتهما الخاصة، ثم وصف به الزواج بين من تعارفا وتزوجا بشروط الزواج المعروفة مقابل الزواج العرفي، وفي بعض البلدان صار الزواج التقليدي هو الزواج بعقد مقابل المساكنة دون عقد أو إلزام، ثم راج أخيرا بأن الزواج التقليدي هو ما كان بين متغايرين (رجل وامرأة) مقابل ما يسمونه الزواج المثلي (الشذوذ) أعاذنا الله منه جميعا. فينبغي ألا نقع في مثل هذه الحبائل، ونروج لمثل هذه المصطلحات، ولنسم الزواج الذي يرضاه الله بالزواج الشرعي، ونحرص على امتثال أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في تزويج البنت للكفء الصالح حسن الأخلاق، وتزويج الولد للفتاة الصالحة العاقلة مع مراعاة رغبة الطرفين في إكمال عقد الزواج. ثانياً: ما هي دلائل الحب؟ أهي جملة الأفعال التي يدخلونها فيما يسمى الرومانسية من كلام وإهداء للورود واحتفال بذكرى الزواج والميلاد وما شابه؟ وما الدليل على أن هذه هي مظاهر الحب وغيابها دليل على غيابه؟ أيتها الفاضلة أزعم من رسالتك المختصرة أن زوجك يحبك ويحرص عليك، فهو رغم تقصيرك الشديد في حقه، وامتناعك عن التعبير له عن أية مشاعر إيجابية نحوه يعد خير زوج في نظرك. ما الذي يجعله يصبر عليك، ولا يلتفت لغيرك، بل ويحسن إليك إن لم يكن يحبك. ما الذي يمنعك من مبادلته ذات الشعور؟ لأنه غير رومانسي؟ أنت كذلك غير رومانسية حسب كلامك! أم لأنه لا يدعوك للاحتفال بذكرى الزواج وهذا يعني أن المناسبة لا تعني له شيئاً؟! أحسن صنعا إذ لم يفعل فالاحتفال بذكرى الزواج لا يجوز لأنه اتخاذ لعيد سوى العيدين. ووسائل التعبير عن الحب المباحة كثيرة لا يحصيها عدد. لكن لاحظي كذلك أنك لا تبادرين بالاحتفال معه –إذا افترضنا جدلا أن الفعل صحيح-؟ فهو إذن في أسوا الأحوال مثلك في هذا الجانب، فلم تضخمين إغفاله لهذا الأمر وتتغاضين عن الفعل ذاته منك؟ أمر آخر الرجال لا ينتبهون لبعض التفاصيل التي تعتني بها بعض النساء، وتراها دليلا على الحب. فلم لا تفترضين أن زوجك لم يفطن لرغبتك في أشياء معينة فتبادرين بفعلها، وتشعرينه باهتمامك بها وسترين تغيره. أيتها الكريمة أنت في نعمة يغبطك عليها كثير من المتزوجات وغير المتزوجات. من الله عليك بخير زوج، ورزقك ذرية منه، وبقيت معه كل هذه السنوات وهو حريص عليك رغم تقصيرك، فما الذي يُتمنى بعد كل هذا؟ تخلصي أيتها الفاضلة من الأفكار السلبية حول زوجك، وبدلي النظارة السوداء بنظارة زهرية أو بيضاء وستكتشفين أنك أضعت أياماً جميلة، لكن تذكري أن تعويضها بيدك أنت. فبادري لإدخال السعادة إلى قلبيكما، وإشاعة مظاهر الحب والتآلف في بيتكما وسترين منه ما لم يكن في حسبانك. تذكري أيتها الكريمة أن العمر مهما طال قصير، وأنكما مغادران بعد عمر طويل إن شاء الله، ولا يدري المرء متى الرحيل. فاحرصي على ما بين يديكما من لحظات وأيام. اصبغيها بمظاهر الفرح والبشاشة والسعادة حتى لو كانت مصطنعة في بادئ الأمر. تأكدي أنها ستتحول في النهاية لمشاعر حقيقية مركوزة في أعماق قلبيكما. وأن أيامكما ستتحول لذكريات جميلة لكما ولأبنائكما. واحتسبي الأجر في ذلك وتذكري أن حسن تبعلك لزوجك وطلبك لمرضاته يعدل أجر الجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت يزيد رضي الله عنها. سعادة الدنيا والآخرة في متناول يديك، فاستعيني بالله ولا يردنك عنها شيء. أسأل الله أن يربط بين قلبيكما برباط المودة والرحمة، وأن يبارك لكما في ذريتكما، ويظلل بيتكما بأطياف السعادة والرضى.