بشائر معركة الساحل السورية
23 جمادى الأول 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

منذ فترة طويلة ومنذ بدايات الثورة السورية وجميع المحللين السياسيين والعسكريين يتحدثون عن أهمية تحريك الجبهة الساحلية السورية , تلك الجبهة التي ظلت هادئة طوال السنوات الثلاث من عمر الثورة , اللهم إلا من بعض المناوشات والتحركات التي ما لبثت أن هدأت بعد فترة وجيزة . لقد استفاد النظام السوري وشبيحته من هدوء هذه الجبهة التي تعتبر معقل الطائفة النصيرية الموالية له , حيث يزعم أنه ما يزال باستطاعته حماية مواليه وأنصاره , الأمر الذي يؤمن له دوام استمرار الحاضنة الشعبية الطائفية التي يحتاج إليها في إطالة أمد وجوده . لا أحد من السوريين يعلم أسباب عدم تحريك هذه الجبهة إلى الآن رغم الفوائد الكثيرة التي يمكن أن تحققها إشعال هذه الجبهة على الثورة سياسيا وعسكريا , أما سياسيا فإنها تعتبر أهم وسيلة ضغط على النظام للخضوع لمطالب الشعب السوري , وذلك من خلال الضغوط التي سيتعرض لها من أبناء طائفته النصيرية حين يصل ما حل بالسوريين من قتل وتشريد ودمار إلى عقر دارهم , أما وهم في أمن وأمان واطمئنان فإنهم سيدعمون النظام بدل أن يضغطوا عليه للخضوع لمطالب الشعب . وأما عسكريا فمن المعلوم أن الساحل السوري هو خط الإمداد الأهم لقوات بشار المتبقية في كل من مدينة حلب وإدلب , كما أن تحريك هذه الجبهة يقطع الطريق على النظام السوري بالتفكير في تقسيم سوريا والاحتفاظ بمنطقة الساحل السوري له في آخر المطاف . على كل حال فقد أعلن الثوار انطلاق معركة تحرير الساحل السوري من قبضة النظام منذ أيام , وها هي بعض البشائر تأتي من هناك , تبدأ بسيطرة الثوار على معظم مدينة كسب الحدودية مع تركيا , ولا تنتهي – إن شاء الله – بمقتل أخطر وأهم شبيحة بشار - وابن عمه كما ذكرت بعض المصادر - في اللاذقية "هلال الأسد" وعددا من مرافقيه . فقد قال المرصد السوري لحقوق الإنسان : إن مقاتلي المعارضة السورية سيطروا اليوم الاثنين على الجزء الأكبر من مدينة كسب الحدودية مع تركيا في محافظة اللاذقية , وأكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن مسلحي المعارضة وصلوا إلى الساحة الرئيسية في مدينة كسب التي سيطروا على معظم أنحائها، وأوضح أن المعارك لا تزال جارية على أطراف المدينة . وبينما نفى مصدر أمني في دمشق لوكالة الصحافة الفرنسية سقوط المدينة كما هو متوقع ، مؤكدا على أن "المعارك لا تزال مستمرة، والموقف غير واضح" , إلا أن الصور والفيديوهات التي تناقلتها وسائل الإعلام تؤكد وصول الثوار إلى هناك على الأقل في الوقت الراهن . وإذا كان من الطبيعي أن يحاول النظام السوري استرجاع ما فقده في تلك المنطقة الحساسة والاستراتيجية , حيث أفاد ناشطون بأن تعزيزات عسكرية كبيرة مدعومة باللجان الشعبية والشبيحة وصلت لمحيط مدينة كسب، ودخلت في اشتباكات مع مسلحي المعارضة في محاولة لاستعادة السيطرة على المدينة الإستراتيجية , فإنه من الطبيعي أيضا والمفروض أن تصل تعزيزات مشابهة – وربما أكثر – إلى الثوار المرابطين هناك لمواجهة وصد قوات النظام . وهو ما طالب به ممثلو الحراك الشعبي وقياديون في المعارضة كلا من "الائتلاف الوطني السوري" و "الجيش الحر" , وذلك من خلال وضع معارك الساحل "الطويلة التي لا تزال في بداياتها" في اللاذقية غرب البلاد على "قمة أولويات" العمل السياسي والعسكري , لأنها تشكل "الضربة الحاسمة" لنظام بشار . وعلى الرغم من انتقاد قائد الجبهة الغربية والوسطى في هيئة الأركان التابعة لـ"الجيش السوري الحر" العقيد مصطفى هاشم ، في شريط مصور بث في موقع "يوتيوب" ، نقص الدعم لمقاتليه , إلا أن الجميع يأمل أن لا يتأخر هذا الدعم حتى يتم الاحتفاظ بإنجازات الثوار على الأرض . وإذا كانت سيطرة الثوار على معظم مدينة كسب الحدودية من أهم بشائر معركة الساحل , فإن خبر مقتل ابن عم بشار "هلال الأسد" قائد قوات الدفاع الوطني في محافظة اللاذقية ، وما لا يقل عن 7 عناصر كانوا برفقته ، خلال اشتباكات في بلدة كسب الحدودية كان الخبر الأبرز والأهم محليا ودوليا وثوريا . وإذا كان خبر مقتل "هلال الأسد" خلال عملية لمقاتلي المعارضة استهدفوا خلالها المربع الأمني في اللاذقية والمشروع السابع - حيث يقيم مقربون من عائلة الأسد وقيادات الشبيحة - قد أصبح مؤكدا بعد اعتراف الإعلام الرسمي السوري بذلك وتسميته "بالشهيد" , فإن خبر مقتل "علي وكفاح الأسد" ابني عم بشار أيضا لم يؤكد بعد , إذ لم تذكره سوى مصادر خاصة بقناة الحدث فقط . ومن المعلوم أن عائلة الأسد تسيطر على جميع المؤسسات الأمنية والسياسية والاقتصادية السورية , وكأن سورية مزرعة تقاسموها فيما بينهم , فقد وردت بعض المعلومات عن "هلال الأسد" بأنه كان رئيس الشرطة العسكرية في الفرقة الرابعة سابقا ، كما كان مدير مؤسسة الإسكان العسكرية في اللاذقية أيضا , وبعد تشكيل جيش الدفاع الوطني "الشبيحة" عين قائداً له في اللاذقية . و"هلال" شخصية مشهورة في سورية عامة واللاذقية خاصة بأعماله التشبيحية المبالغ بوحشيتها – اعتقالات واختطاف وتعذيب - حيث يعمل تحت إمرته أكثر الشبيحة شراسة في الساحل السوري كما أكده ناشطون . ولعل من أقذر ممارسات "هلال" التشبيحية بحق أهل السنة والثوار في محافظة اللاذقية هو اختطاف فتيات على خلفية اختباء إخوتهن المطلوبين ، حيث لا يتم الإفراج عن الفتيات إلا بعد أن يسلم إخوتهن أنفسهم , وقد وثق ناشطون اعتقال 4000 مدني خلال فترة الثورة على يد "هلال" وزبانيته . إنها بوادر البشائر التي تهل على ثوار سورية في بدايات معركة الساحل , فهل ستستمر هذه البشائر من خلال الدعم الكامل لهذه المعركة المصيرية ؟؟