صفعة أردوغان للعلمانيين العرب والأتراك
1 جمادى الثانية 1435
خالد مصطفى

جاءت نتيجة الانتخابات البلدية التركية لترد بقوة على "جوقة" العلمانيين الفاشلة ليس فقط في تركيا ولكن في العالم العربي والتي شحذت قواتها خلال الأشهر الماضية من اجل القضاء على تجربة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وحزبه ذي الجذور الإسلامية...

 

لقد تعرض أردوغان لحرب شعواء استخدم فيها العلمانيون المعارضون له جميع أنواع الأسلحة مهما كانت قذارتها.. ولم تقتصر الحرب التي تعرض لها أردوغان على الداخل لتركي ولكنها امتدت إلى الخارج حيث دخل في الصراع العلمانيون العرب الذين كشفوا عن حقدهم على الإسلام وأكدوا أن معركتهم الحقيقية ليست مع "التطرف والإرهاب" ـ كما يزعمون ـ ولكن مع الإسلام نفسه كدين يشمل جميع مناحي الحياة ولا يقتصر على الأمور التعبدية فقط كما يريدون له؛ فأردوغان وحزبه لا يمكن لأي علماني "منصف" أن يتهمهم بـ"التطرف أو الإرهاب" فالرجل يسعى فقط لفك العداء بين الدولة التركية والدين بعد عشرات السنين من اضطهاد المتدينين ومحاربة الشعائر الدينية واعتبار الحجاب وقراءة القرآن وتعلم الأمور الدينية من المخالفات للنظام العام...

 

إن أردوغان كشف حقيقة النخبة لعربية المتخفية وراء شعارات  مطاطة وبراقة لتخفي غلها على كل ما هو ديني يقترب من إدارة شؤون الحياة ولو في أبسط الأمور..

 

صورة أردوغان والرئيس التركي جول مع زوجتيهما بالحجاب في عقر دار أكبر دولة علمانية في العالم الإسلامي هزت مشاعر العلمانيين بشدة قبل عدة سنوات, ومنذ ذلك الوقت بدأوا يتوجسون خيفة منه ومما هو قادم في البلاد العربية التي لم نر في إحدى أكبر دولها زوجة واحدة لرئيسها ترتدي الحجاب على مدى 60 عاما مهما بلغ عمرها رغم أن هذه الدولة تتباهى دائما بأنها تحتضن أكبر جامعة لتعليم الدين الإسلامي..

 

لم تشفع نجاحات أردوغان الرائعة على الصعيد الاقتصادي أن تذهب ما في قلوبهم وعقولهم من ضغائن؛ فالعلمانيون لا يأبهون بمصالح العباد أو البلاد ولكن كل ما يهمهم أن لا ترجع الأمة لدينها بأي شكل من الأشكال ـ راجع تحليلاتهم على انتشار الحجاب في العالم العربي والإسلامي مثلا ـ كما يركزون فقط على مواقعهم في السلطة حتى وإن كانوا أفشل الناس في العمل والإدارة ولنضرب مثلا بتركيا قبل أردوغان عندما كان يتولى السلطة فيها أحزاب يمينية ويسارية علمانية حيث أوشكت البلاد على إشهار إفلاسها وانتشرت قضايا الفساد, في هذا الوقت لم نسمع أن حزب أربكان أو حزب أردوغان لفقا اتهامات بالفساد أو حاولا اختراق مؤسسات الدولة من أجل القضاء على الأحزاب  العلمانية الفاشلة ولكن قام حزب أردوغان بالعمل الجاد وكسب ثقة الناس حتى وصل للحكم ونجح نجاحا غير مسبوق...

 

إن فوز أردوغان أرسل عدة رسائل في المحيط الإقليمي من أهمها الرسالة التي وجهها لنظام الأسد الذي كان يعول على فوز المعارضة العلمانية حتى يكف النظام التركي على دعم الثوار والضغط الدولي عليه وفضح ممارساته العنصرية ضد شعبه..لقد رفض أردوغان أن يقف موقف المتفرج على ما يحدث في سوريا رغم ما في ذلك من تعريض أمن حدود بلاده للخطر, وصدع بالحق أمام العالم كله وهاجم الاسد ونظامه وطالبه بحسم بالتنحي والرضوخ لإرادة الشعب..

 

كما رفض اردوغان أن يسلم بعزل أول رئيس منتخب في مصر عقب ثورة يناير وهاجم مجزرة رابعة التي راح ضحيتها الآلاف بين قتيل وجريح وانتقد الصمت العالمي تجاهها ورفض الاعتراف بالنظام الجديد رغم الضغوط التي تعرض لها من بعض الدول الغربية...

 

وقبل ذلك وقف أردوغان موقفا مشرفا من حصار غزة وهاجم الاحتلال الصهيوني بشدة وطالب العالم بفك الحصار عن الشعب الفلسطيني ودخل في مواجهة غير مسبوقة من الأنظمة المتوالية في تركيا ضد "إسرائيل" أجبرتها على الاعتذار عن قتل الاتراك الذين كانوا على متن سفينة فك الحصار عن غزة, وهو ما أقلق الاحتلال الصهيوني بعد أن تواردت الأنباء بفوزه في الانتخابات ...إن المدقق في ردود الأفعال بعد فوز أردوغان ليندهش بشدة من تماهي موقف العلمانيين مع الموقف الصهيوني ليس فقط فيما يجرى في تركيا بل فيما يجري في العديد من المناطق.. فيا ترى ما السبب؟!