29 ذو القعدة 1435

السؤال

أنا بنت لا أحب ملامسة البنات الصغار والكبار، ولا أحب منهم أحدا يلامسني أو يضع يده علي، وأشعر بضيق النفس عند ذلك، ما السبب؟!

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نشكر لك ثقتك في موقع المسلم ومستشاريه ونسأل الله أن يجري الحق على ألسنتنا وقلوبنا وأن يرينا الحق ويثبتنا عليه وأن يرزقك الله ويرزقنا رزقا حسنا وأن يرفع درجاتك ودرجاتنا في الدنيا والآخرة.
الأخت الفاضلة والابنة الكريمة:
لا شك أن ما تشعرين به من مشاعر تجاه الفتيات سواء الكبيرات والصغيرات على حد سواء يعد غريبا على فتاة، وربما يكون له بعض الأسباب التي لم تفصحي عنها، وعلى أي الأحوال لابد وأن تحيطي نفسك ببعض الأخوات اللاتي يستطعن إنهاء هذا الأمر - بإذن الله – مع ضرورة ملاحظة أن هذا الإحساس ينبغي وأن يتوقف شعوريا وعمليا وخاصة انك ستكونين في يوم من الأيام – بإذن الله – أما أو عمة أو خالة أو غيره وسيتحتم عليك بكل الأحوال عدم وجود هذا الشعور.
وإليك يا ابنتي بعض النقاط الهامة حول هذا الأمر:
- بنات جنسك بالنسبة لك كفتاة مثلك تماما في كل التكوين الفسيولوجي والنفسي، فلا فرق بينهن وبينك، والملامسة الطبيعية العادية بينكن ليس فيها شيء مع ضرورة الالتزام بقضية العورة التي يحرم نظر المرأة فيها للمرأة المسلمة البالغة مثلها.
- وفي حد عورة المرأة على المرأة المسلمة ما قاله العلماء مثل قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "ظاهر القرآن أنها تبدي للمرأة ما تبديه لمحارمها، وذكر فقهاؤنا رحمهم الله أنه يجوز للمرأة أن تنظر من المرأة جميع بدنها إلا ما بين السرة والركبة، ودليلهم في ذلك ما رواه مسلم عن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة".
- لا شك أن لهذا الشعور الذي تشعرين به من ضيق النفس عند ملامسة الفتيات لك – في الأحوال العادية – سبباً خفياً ربما تتذكرينه أو لا، لكنه حتما لابد وأن يكون له سبب، فحاولي الوقوف مع نفسك قليلا لمعرفة السبب ومعاودة الكتابة إلى مستشاري موقع المسلم به، لأن السبب بكل تأكيد سبب نفسي وله جذور داخلك وينبغي إنهاؤه لتعيشي الشعور الطبيعي عند ملامستك للفتيات الملامسة الطبيعية أو للصغيرات.
- ولعل هذا السبب – لحين معاودتك المراسلة إن شئت – لن يخرج عن أسباب نفسية قديمة سواء في تعامل المحيطين بك من الأقارب أو المعارف أو من بعض زميلات الدراسة أو تصرفات تربوية أثرت عليك سلبا ممن لهم أثر تربوي كبير عليك كالأبوين والمدرسات وغيرهن، أو تعرض الفتاة أو من في محيطها لأي نوع من أنواع التحرش المؤلم، ففي كل هذه الأحوال ينبغي إعادة التفكير في الأمر وإنزاله في منزلته تماما، فينبغي الاحتراس من أهل الفساد ولا يعمم الحكم على الجميع وخصوصها لا ينبغي صرفه لا على الزميلات والقريبات الفضليات ولا على الصغيرات من الأطفال.
- لاشك أن تخيرك للصديقات الفضليات – وما أكثرهن بحمد الله – سيعينك على إنهاء هذا الشعور تماما، فليس في أذهانهن ما تجدينه، فغالبي نفسك على مخالطتهن بدون أن تشرحي لهن ما تشعرين به وبدون أن تشعريهن به أيضا، وستجدين بإذن الله أن هذا التفكير سيزول منك تدريجيا.
- ولا بأس - ابنتي الفاضلة - إن شعرت بعدم قدرتك على تحجيم هذه الفكرة أو على زيادتها عندك أو ثباتها بعد اتخاذك لهذه الوسائل أن تجالسي طبيبة نفسية متخصصة أو مشرفة اجتماعية مؤتمنة وحينها ستجدين كثيرا من النصائح التي يمكن أن تفيدك أيضا.
- وقبل كل هذا وأثناءه وبعده عليك بحسن الصلة بالله سبحانه ودوام ذكره لاستدامة الشعور بمعيته سبحانه، وعليك بدوام رفع يديك بالدعاء له سبحانه، فهو سبحانه ملجأ مَن يلوذ به وهو القريب المجيب، فهو القائل سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} وهو القائل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
وفقك الله ورعاك ابنتي الكريمة وأسأل الله أن يكشف همك وغمك وأن يبارك فيك.