من يدعم الثوار بليبيا ؟؟
9 شعبان 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

في ظل الدعم الغربي والعربي لقوات اللواء الليبي المنشق خليفة حفتر في حملته العسكرية على الثوار والديمقراطية بليبيا , لا يبدو في الأفق وجود دولة أو جهة تدعم الديمقراطية والحرية التي بذل من أجلها الشعب الليبي الكثير من دماء أبنائه عبر ثورته على الاستبداد والديكتاتورية .
ومع يقيننا واعتقادنا الجازم بأن الله تعالى مع المؤمنين الصادقين الذين يواجهون الظلم والطغيان مهما كانوا قلة أو ضعفاء أمام قوة عدوهم وغطرسته وجبروته , إلا أن الحديث ينصب على الأسباب والمسببات التي أمرنا الله بالأخذ بها , وعلى الاستعداد المطلوب في قوله تعالى : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ...} الأنفال/60
إن الاعتراف بحدوث بعض الأخطاء من قبل الثوار وغيرهم بعد نجاح ثورة 17 من فبراير - لعل أفدحها الفرقة والانقسام وعدم التوحد الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الحاقدين والناقمين على الثورة الليبية ومهد لمحاولة الانقضاض عليها قبل اشتداد عودها – لا يبرر هذه الردة على منجزات الثورة واستحقاقاتها تحت مسميات الحرب على "الإرهاب" , التي باتت مطية الغرب للقضاء على حلم المسملين بالعودة إلى حكم أنفسهم بأنفسهم .
لقد قطعت جريدة "الوطن" الجزائرية الشك باليقين , وأماطت النقاب عن خوض قوات عسكرية جزائرية، وأمريكية، وفرنسية معارك داخل الأراضي الليبية، هي الأولى من نوعها منذ استقلال الجزائر في 1962، دعما لعمليات اللواء المتقاعد "خليفة حفتر" بحجة محاربة ما يسمى "الارهاب" .
وأكدت الصحيفة الناطقة بالفرنسية أمس الجمعة أن فرقة "كومندوس" جزائرية تنشط داخل الأراضي الليبية، وأضافت أن عملية دحر من وصفتهم بـ"الإرهابيين" تتم بمشاركة قوات خاصة أمريكية وفرنسية، فضلا عن جنود من تشاد وآخرين تابعين للجنرال الليبي خليفة حفتر.
وأعلنت الجريدة أن نحو 3500 جندي تابع للقوات الخاصة الجزائرية " العقرب السريع" مدعومة ب1500 مختص في المجال اللوجستي والتقني يخوضون معارك داخل التراب الليبي، فيما أشار مصدر دبلوماسي جزائري أن طائرات حربية ومقاتلات جوية تساند هذه العملية جوا , فيما اقتصر دور القوات الخاصة الأمريكية على تأمين المنشآت النفطية الليبية .
لم تكن القوات الجزائرية الوحيدة التي تساند قوات "حفتر" على ما يبدو , فقد أعلن الناطق الرسمي باسم "حفتر" العقيد محمد الحجازي أن قوات اللواء "تنتظر قيام الجيش المصري بعملية عسكرية داخل الأراضي الليبية كمساعدة من الشقيقة مصر، لكن بضوابط معروفة وبشرط عدم التدخل في الشؤون الداخلية" , من غير أن ينسى أن يضع هذه المساعدة تحت عنوان "محاربة الإرهاب" الذي تعاني منه مصر وليبيا" حسب وصفه لشرعنة التدخل إقليميا ودوليا .
وعلى الرغم من عدم وجود أي مؤشرات لتوقعات قوات حفتر من الجانب المصري ، حيث نددت الخارجية المصرية في وقت سابق من محاولات الزج بمصر في شأن ليبي خالص" , إلا أن تصريحات سابقة تؤكد عدم وقوف مصر متفرجة أمام استمرار الوضع الراهن بليبيا , بالإضافة إلى عدم نفي تصريحات حجازي بشكل مطلق , مما يثير الريب في إمكانية تدخل الجيش المصري لدعم "حفتر" بالفعل .
وإذا أضفنا إلى ما سبق المحاولات الرامية إلى زرع الانقسام داخل الشعب الليبي , من خلال بروز ظاهرة خروج المظاهرات المؤيدة للشرعية , وأخرى داعمة لقوات "حفتر" وعمليته العسكرية التي أطلق عليها اسم "الكرامة" , ووقوع بعض المناوشات بينهما في كل من طرابلس العاصمة وبنغازي , فإن شبح الانقضاض على منجزات الثورة الليبية يبدو جليا وظاهرا للعيان أسوة بما حدث بمصر .
وإذا كان انقلاب الدول الغربية على طموحات الشعوب العربية وعلى شعارات الحرية والديمقراطية المزيفة - التي كانت تنادي بها ليل نهار - قد يبدو متسقا ومتوقعا من عدو متربص بنا وبطموحاتنا , فإن موقف بعض الدول العربية المساند والمؤيد لهذه الانقضاض السريع على منجزات الثورات العربية يبدو مستغربا ومستهجنا .
لقد أضحت مهمة كثير من الجيوش العربية محاربة "الإرهاب" على ما يبدو , وليس محاربة العدو الأول للعرب والمسلمين "إسرائيل" ومن يدعمها , ومع هيمنة المفهوم الأمريكي الغربي على مصطلح "الإرهاب" الذي ينحصر بالمجموعات الإسلامية - سواء كانت مدنية أو عسكرية - فإن الحرب أضحت معلنة على المشروع الإسلامي الذي فاز حقيقة على المشروع العلماني عقب ثورات ما عرف "بالربيع العربي" .
فهل سيقضي العرب على أنفسهم بأيديهم ؟؟