سوريا: الانتخابات الرئاسية ومستقبل الحل السياسي
10 شعبان 1435
د. بشير زين العابدين

المشهد الانتخابي
في مسرحية هزلية يعود تاريخ العرض الأول منها إلى عام 1971؛ أجريت الانتخابات الرئاسية السورية وسط تجاهل كامل لفقدان النظام نحو 40 بالمائة من الأرض لصالح قوى الثورة، وعدم مشاركة نصف سكان سوريا بمن فيهم نحو سبعة ملايين يقيمون في مناطق المعارضة ونحو أربعة ملايين لاجئ في دول الجوار!

 

وأصر المخرج على إعلان الأرقام والنسب القديمة ذاتها، معلناً أن نحو 89 بالمائة من 15 مليون ناخب قد صوتوا لبشار دون أن يكترثوا بسجله الدموي الذي يتضمن: أكثر من 150 ألف قتيل و680 ألف جريح، ومئات آلاف المعتقلين والمشردين، وعشرات المدن والقرى المدمرة بفعل القصف والتدمير الممنهج منذ ثلاث سنوات!

 

وإمعاناً في استعراض شعبيته؛ تنازل "القائد الضرورة" عن مفهوم الاستفتاء، فسمح لمترشحين اثنين أن ينافسوه على منصب الرئاسة، إلا أن عدد الأوراق الباطلة كان أكبر مما استطاع أن يحققه أي من المترشحين!
وبالإضافة إلى غياب نحو 11 مليون مواطن من المشردين والمهجرين؛ استثنت العملية الانتخابية نحو مليون سوري يقيمون في دول الخليج العربية، منهم أكثر من 100 ألف انتهت صلاحية جوازات سفرهم ولم يسمح لهم بتجديدها، ونحو ربع مليون مغترب سوري في الدول الغربية تم استثناؤهم كذلك حتى لا يفسدوا العرس الديمقراطي الذي جيء بشهوده ومراقبيه من الدول الصديقة للنظام كروسيا وإيران والصين وفنزويلا ونيكاراغوا وكوبا.

 

أما الإعلام "الإمبريالي" الذي ادعى مشاركة آلاف الشيعة اللبنانيين في حفلة الانتخابات بالسفارة في بيروت فلم يسمح له بدخول سوريا ليشهد "زفة" بشار إلى سدة الرئاسة للمرة الثالثة ولمدة سبع سنوات.
إلا أن المشهد الهزلي غير المتسق مع الحالة التراجيدية التي تعيشها البلاد يتضمن أبعاداً واقعية يصعب تجاهلها، ومن أبرزها؛ حاجة بشار إلى الشرعية المتمثلة في التفويض الشعبي؛ فوفقاً لدستور السوري يتعين إجراء الانتخابات الرئاسية في فترة تتراوح ما بين 60 إلى 90 يوماً قبل انتهاء مدة الرئيس في 17 يوليو القادم، وتم اختيار التوقيت بعناية للتماهي مع عودة العسكر لسدة حكم في بعض الجمهوريات العربية.

 

وفي طرح واقعي؛ تمت صياغة الحملة الانتخابية بعناية لتنسجم مع معركة الاستقطاب الإقليمية الحادة ليطرح بشار نفسه كصمام أمان في مواجهة المد الإسلامي مدركاً أن الأبعاد الأخلاقية والإنسانية لا تمثل أهمية إقليمية وأن الهاجس الأمني هو المحرك الفعلي للسياسة الدولية.

 

 


التحولات الدولية ومستقبل الحل السياسي

بمجرد إعلان بشار ترشحه لفترة رئاسية ثالثة أعلن الأخضر الإبراهيمي استقالته وعبرت الأمم المتحدة عن مخاوفها من أن هذه الخطوة ستقضي على فرص الحل السياسي، وتعالت أصوات الشجب الدولية، دون أن يغير ذلك من ملامح المشهد الإنساني المروع في البلاد؛ فقد ذكرت دراسة نشرها معهد دراسات الحرب (30 مايو 2014) أن النظام قد شن 1864 عملية قصف جوي على المناطق السكنية شمال البلاد خلال الفترة الممتدة ما بين 30 مارس و20 مايو 2014، منها 42 بالمائة بطائرات مقاتلة و58 بالمائة بطائرات مروحية، مستنتجة أن سلاح الجو السوري قد تم تدعيمه من قبل الروس الذين أمدوه بقدرات قتالية لم تكن متوفرة له منذ ثلاثة أشهر، ويأتي ذلك التصعيد بالتزامن مع امتناع النظام عن تسليم ما تبقى من ترسانته الكيميائية، وتنصل موسكو من التزاماتها الدولية بدفع دمشق لقبول حل سياسي، وذلك على خلفية السخط الروسي إزاء المواقف الغربية من الأزمة الأوكرانية.

 

كما تلقت المسرحية الانتخابية تأييداً من طهران التي أرادت من خلالها أن تثبت للدول الغربية والعالم العربي أنها لا تزال ممسكة بزمام السيطرة على مؤسسات الحكم في بغداد ودمشق وبيروت، وأنه لا يمكن التوصل إلى أي تسوية إقليمية في حال استبعادها.
وإمعاناً منها في تأكيد سيطرتها على الملف السوري؛ شاركت طهران في مفاوضات تسليم الثوار أحياء المدينة القديمة حمص وأسهم الحرس الثوري مع فريق الأمم المتحدة في الإشراف على ترحيل 2000 من المقاتلين وعوائلهم من الأحياء المحاصرة.

 

وفي الوقت ذاته زود الإيرانيون جيش النظام بكميات من مادة الكلور السامة التي وضعت في براميل متفجرة واستهدفت بها المناطق الخاضعة للثوار، وأكدت مصادر أمنية قيام شركات إيرانية بشراء كميات كبيرة من مادة الكلور من شركة تنتج المادة بمدينة "هانغزهو" شرقي الصين، بقيمة ألف دولار للطن الواحد، وكانت الشركة تبيع كميات بسيطة لتنظيف المسابح وتصنيع المنظفات المنزلية إلا أن الشركات الإيرانية قد اشترت أكثر من 10 آلاف عبوة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وقامت بإعادة تصديرها إلى مطارات عسكرية سورية لوضعها في البراميل المتفجرة، وسجلت أجهزة الاستخبارات الفرنسية والبريطانية في الفترة ذاتها قيام النظام السوري باستخدام الكلور السام ضد معارضيه في: إدلب، وجوبر، وحرستا (27 مارس)، وكفر زيتا (11 أبريل).

 

وعلى الرغم من أن استخدام هذه الغازات السامة هو أمر تمنعه المعاهدات الدولية منذ عام 1925؛ إلا إنه لم يحظ بكثير من الاهتمام الدولي ولم يدخل ضمن صفقة تسليم النظام السوري ترسانته الكيميائية، وتحاول إدارة أوباما غض الطرف عن اتهامات بأن الأموال التي حصلت عليها إيران لشراء غاز الكلور السام تأتي من 7 مليارات دولار أفرجت عنها الإدارة الأمريكية بموجب الاتفاق مع إيران لوقف نشاط تخصيب اليوارنيوم مقابل الإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، فضلاً عن التسهيلات التي حظيت بها إيران في عمليات الاستيراد جراء ذلك الاتفاق.

 

ويمكن القول بأن المسرحية الانتخابية قد جاءت في ظل تحولات عميقة في السياسة الغربية تجاه الأزمة السورية؛ حيث تسود القناعة بضرورة المحافظة على النظام وأجهزته الأمنية لمواجهة "الجماعات المتطرفة"، وتثور الأسئلة حول جدوى الحل السياسي في ظل اضمحلال جميع الخطوط الحمراء التي رسمتها واشنطن على الرمال السورية المتحركة، وطرح طهران عصاباتها الطائفية كعنصر توازن إقليمي لمحاربة "الإرهاب" والقضاء على قوى "التطرف" في المنطقة.

 

ففي ظل الفتور العميق في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، تبدو الحلول الدبلوماسية بعيدة المنال، خاصة وأن واشنطن وحلفاءها قد أثبتوا أنهم غير مستعدين للوفاء بالتزاماتهم تجاه المعارضة، فقد ضغطت الإدارة الأمريكية على الائتلاف الوطني السوري للمشاركة في مفاوضات جنيف في تنازل دبلوماسي للروس لقاء جعل نظام الأسد يتخلى عن سلاحه الكيميائي، إلا أن النظام السوري قابل هذه التنازلات بتكثيف القصف الجوي على المدن، وإحكام الحصار على المناطق السكنية، ووضع جميع مفاوضيه على لائحة الإرهاب، ووفقاً لسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة "سامانتا باور" فإن فترة المفاوضات شهدت أعنف مراحل القصف الجوي على المدن السورية منذ بدء الأزمة.

 

 

أما روسيا -التي تعهدت بدفع النظام للمشاركة في المفاوضات- فقد أحجمت في الآونة الأخيرة عن الاستمرار في دعم الحل السياسي، وباركت الانتخابات الرئاسية، وأشادت بشفافيتها، وتملصت من التزامها بالضغط على النظام لتسليم ما تبقى من ترسانته الكيميائية.
وتحدثت دراسة لمعهد واشنطن (20 أبريل 2014) عن وجود تحول في المواقف الغربية التي أمضت الجزء الأكبر من العام الماضي في دعم محادثات السلام في جنيف وحل الأزمة عبر الوسائل الدبلوماسية، فقد آذنت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في سوريا بوضع نهاية لهذه الأسطورة وانقلاب "أصدقاء سوريا" على الحل السياسي، بل وتفضيلهم توصل المعارضة إلى اتفاقيات "هدنة" مع النظام بعد إنهاكهم بالقصف الجوي والحصار الخانق مما يمهد الطريق للحل القسري الذي يفرضه النظام.

 

 وأشارت الدراسة إلى أنه نظراً لنفور إدارة أوباما من دعم المعارضة السورية بالأسلحة أو بالتدخل العسكري المباشر، فضلاً عن تواصلها الحالي مع كبار الداعمين لنظام الأسد في طهران، فقد يميل البيت الأبيض للموافقة على حل سياسي وفق اتفاقية شاملة مع طهران، وقد تحذو حذوها الحكومات الأوروبية المتخوفة من تزايد أعداد الجهاديين الأوربيين في صفوف المعارضة، وظهرت نبرة التحول الأمريكي في تصريح وزير الخارجية الأمريكي لدى زيارته بيروت مطلع شهر يونيو الجاري عندما دعا روسيا و"حزب الله" اللبناني للمساعدة على وضع حد للنزاع في سوريا.

 

 

وكان موقع "ديبكا" اليهودي قد نشر معلومات (29 أبريل) مفصلة حول مفاوضات أجرتها الإدارة الأمريكية مع "حزب الله"، حيث بدأت واشنطن تميل إلى الاعتراف بنفوذ "حزب الله" في المنطقة وإلى ضرورة التوصل إلى تفاهمات مع قيادة الحزب الذي أثبت التزامه بالاتفاقية السرية التي أبرمت عام 2006 بنقل صواريخه إلى مناطق آمنة وعدم تصعيد الوضع في الجنوب، كما نجح في تثبيت وضع بشار أسد في حمص والقلمون، ويستحوذ على الكلمة الفصل في حسم مشكلة الرئاسة العالقة بلبنان، وهو في الوقت ذاته يعرض على الغرب خدماته لمحاربة: "قوى التطرف السني"، وبناء على هذه المعطيات فقد أشار التقرير إلى إن جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية بات مقتنعاً بأن الحزب قد يكون مفيداً في صياغة معادلة أمنية تقتضي محاربة الجماعات الجهادية باعتبارها الخطر الأكبر الذي يهدد أمن واشنطن والدول الغربية.

 

وتزامن مع نشر هذه التسريبات ظهور تصريحات لحسن نصر الله يؤكد فيها على إمكانية أن يكون لحزبه دور أساسي في محاربة "الجماعات المتطرفة" وحل المشكلة السورية لو رغبت الدول الغربية في التفاوض معه، وهو أمر تؤمن به الإدارة الأمريكية أكثر من أي يوم مضى.

 

وأكد موقع "ديبكا" أن أول جلستين من المفاوضات عُقدتا بين ممثلين عن الاستخبارات المركزية الأمريكية وممثلين عن "حزب الله" في قبرص، وتم الاتفاق بين الفريقين على خطوط عريضة لمواجهة الجماعات المتطرفة جنوب سوريا، وأُسندت إلى السفير الأمريكي في بيروت "ديفيد هيل" مهمة تنسيق الاجتماعات وصياغة نقاط الاتفاق بين الطرفين.

 

وأمام هذه التحولات؛ هرعت الدبلوماسية العربية لمجاراة واشنطن وحلفائها الغربيين في محاولة يائسة للتوصل إلى تفاهمات أمنية مع طهران؛ حيث تحدثت مصادر غربية عن وجود مفاوضات سرية بين بعض الاستخبارات الخليجية مع "حزب الله"، لكن دعوة وزير الخارجية السعودي نظيره الإيراني للتفاوض المباشر قد قوبلت برد غير لائق من قبل جواد ظريف، وعلى الصعيد نفسه استبق خامنئي إعلان نتائج زيارة أمير الكويت لطهران بالتأكيد (سي إن إن، 4 يونيو) على ضرورة الاعتراف بنفوذ إيران في المنطقة وبأهمية الدور الذي تضطلع به طهران في: "محاربة الجماعات الوهابية والسلفية والدول التي تمولها".

 

 

وتكمن الخطورة في استجابة بعض المؤسسات الأمنية العربية للدعاية الإيرانية التي توسع مفهوم "التطرف" ليشمل الجسد العام للمعارضة المسلحة، وتورط بعض أجهزة الاستخبارات الخليجية في جر الأزمة السورية إلى أتون معركة الاستقطاب الإقليمي الحاد، حيث تحدثت مصادر عسكرية غربية عن وصول أسلحة نوعية للمعارضة السورية من مضادات الطائرات (SA-16-9K310 Igla-1 anti-aircraft missiles) ومضادات الدروع (US BGM-71 TOW anti-tank missiles) لكنها استدركت بأن الكمية كانت محدودة وقد سلمت إلى تشكيلات حديثة بهدف ترجيح كفتها مقابل التشكيلات الإسلامية التقليدية.

 

ونقلت المصادر عن ضباط منشقين تأكيدهم على أنهم يعملون بالتنسيق مع أجهزة استخبارات خليجية على تشكيل وحدات "ليبرالية" تضم علويين ومسيحيين لمحاربة الفصائل المتشددة، وذلك بالتزامن مع نشر تسريبات أمنية (27 مايو) عن وجود خطة أمريكية لتوجيه ضربات للجماعات المتشددة من خلال دعم وحدات "معتدلة" حديثة التشكيل، وتزويدها بالسلاح النوعي، وإنشاء مناطق عازلة عبر تجهيز وحدات جديدة يتم تدريبها في بعض دول الجوار، ومن ثم إرسالها للداخل السوري ودعمها بالسلاح النوعي، وسيكون الهدف الأول لهذه التشكيلات هو إنشاء منطقة عازلة لمنع وصول "المتطرفين" إلى جنوب البلاد.

 

وتشير مصادر أمنية غربية (20 مايو) إلى أن إدارة أوباما قد أسندت إلى وكالة الاستخبارات المركزية مهمة توجيه ضربات نوعية ضد الجماعات المتطرفة في سوريا وليبيا، حيث كُلفت الوكالة بالإعداد لعمليات نوعية لدعم اللواء خليفة حفتر في عملياته ضد "أنصار الشريعة" بعدما تبين لها ضلوع هذه الميليشيات في قتل السفير الأمريكي وثلاثة من موظفي الوكالة في بنغازي في 11 سبتمبر 2011، وهناك توجهات للقيام بعمليات مشابهة في الجنوب السوري لتأمين حدود "إسرائيل" ومنع وصول المتطرفين إليها خلال الفترة القادمة.
وتأتي هذه التسريبات على خلفية المناورات العسكرية الأمريكية خلال الفترة 25 مايو-8 يونيو، والتي يقوم فيها نحو 6000 من قوات المارينز ونحو 1000 من سلاح الجو بتدريبات على عمليات التدخل السريع، واستخدام نظم الدفاع الصاروخية، بدعم من سفينتين حربيتين أمريكيتين مزودتين بأنظمة دفاع صاروخي وتابعتين لقيادة الأسطول السادس شرقي المتوسط، وتزامنت هذه المناورات مع تردد الحديث عن قيام الجيش الأردني بنشر وحدات الفرقة الثانية المؤللة، واللواء 60 المدرع على طول الحدود الشمالية مع سوريا الممتدة على نحو 380 كم، واستبدال الجيش الإسرائيلي وحدات الاحتياط بمجندين في المناطق الحدودية مع سوريا.

 


المشهد الانتخابي الأخير

إن الهدف من سرد تحولات الميزان العسكري والإستراتيجي في المشهد السوري هو التأكيد على ضرورة وعي المعارضة السورية بعمق المتغيرات، واستدراك ما تعانيه من قصور في فهم المعادلة الدولية وآليات التعامل معها:
-    فقد أدى تهاون الجسد العام لقوى الثورة المسلحة في تغلغل العناصر التكفيرية وغض الطرف عنها إلى استفحال خطرها وسعيها لتجيير الأزمة لصالح جماعات لا تتفق مع منهجها وتصورها لطبيعة الصراع؛ فأتاحت بذلك لشبكات "البروباغاندا" الإيرانية وحلفائها في المنطقة مجال تعويم جرائم هذه المجموعات المتشددة وإلحاق الجسد العام للفصائل بها، وفوجئت بعد ذلك أنها لم تكن تملك الأدوات الكافية لصد الهجمة الإعلامية ومخاطبة الرأي العام بتوجهاتها المعتدلة.

 

-    ولا شك في أن انفصام المعارضة السياسية عن الفصائل المقاتلة، وعجز قوى الثورة عن التوافق على تشكيلة تمثلها بصورة دبلوماسية لائقة أمام المجتمع الدولي واستيعاب الهواجس الأمنية لدى دول الجوار؛ قد أفضى إلى التعامل معها بموقف الريبة والحذر.
-    وعلى خلفية استعار أزمة الاستقطاب الإقليمي في المنطقة فإنه يجدر التنبه إلى المخاطر الكامنة في تورط قوى الثورة لحسابات بعض الدول الإقليمية ضد أخرى، مما يمكن أن يضعف زخم المعارضة ويجعلها رهينة تقلبات السياسة الدولية، وهو الخطأ الذي وقع فيه بشار فأصبحت مواقفه رهناً لتقلبات الأزمة الأوكرانية ومفاوضات أوروبا مع محور روحاني-ظريف.

 

أما الانتخابات الرئاسية الأخيرة فإنها تعيد إلى الذاكرة المشهد الانتخابي الأخير لحافظ أسد في شهر فبراير 1999، حيث أعلن وزير الداخلية انتخاب "الزعيم الخالد" لفترة رئاسية خامسة مدتها سبع سنوات وبنسبة 99.99 بالمائة، لكن الزعيم الهرم فوجئ بانفراط عقد الأحداث لدى دخول سوريا في القرن الجديد فدخلت البلاد في سلسلة أحداث عصفت بها وتتوجت بإعلان وفاة الرئيس بأزمة قلبية في شهر يونيو 2000.

 

وعلى الرغم من إعلان فوز بشار في انتخابات الرئاسة مطلع شهر يونيو 2014؛ إلا أن الصورة ليست مشرقة كما يريدها الدكتاتور الابن؛ فقد اضطر النظام لاستثناء أجزاء كبيرة من البلاد في العملية الانتخابية، وهو اعتراف ضمني بأن بشار لم يعد يسيطر على سوريا مما اضطره لعقد انتخابات ناقصة تقتصر على 60 بالمائة من البلاد ونحو 50 بالمائة من المواطنين.

 

أما النكسة الثانية فقد جاءت على خلفية الدعاية الانتخابية التي أظهرت صورة الرئيس في مراكز الاقتراع إلى جانب مرشحين آخرين؛ لكن الصورة نفسها رفعت في مناطق العلويين إلى جانب قاسم سليماني وحسن نصر الله، مما يؤكد على أن أتباعه باتوا يدركون أن مستقبل رئيسهم مرتهن بالميليشيات الطائفية، وأنه أصبح مضطراً للقبول بشركاء جدد في حكم ما تبقى له من البلاد.