حرب على "الإرهاب" أم حرب على الإسلام؟
26 شعبان 1435
خالد مصطفى

بعد هجمات سبتمر عام 2011 التي هزت أمريكا بشدة وشككت في قدراتها الأمنية والمخابراتية استغل المحافظون الجدد المتعصبون دينيا والذين كانوا يديرون شؤونها وقتئذ هذه الهجمات لشن حرب على كل ما هو إسلامي بدعوى محاربة ما أسموه يومها "التطرف والإرهاب" دون تعريف واضح لمعنى "التطرف والإرهاب" فأصبح الحجاب وبناء المساجد والصلاة فيها والمآذن التي تعلوها من "التطرف" وأصبحت الجمعيات الخيرية التي تساعد الفقراء وتكفل الأيتام وتعلم القرآن والأحاديث وتبني المدارس تتبنى "الإرهاب" وتم إغلاق ومطاردة معظمها على خلفية هذه الاتهامات الملفقة مما أضر بملايين من المستحقين في مختلف دول العالم...

 

 

وانتشرت الحمى من أمريكا إلى دول أوروبية عديدة حاربت النقاب ثم منعت الحجاب في المدارس وأماكن العمل وراقبت مرتادي المساجد وألقت القبض على الكثير منهم لمجرد الاشتباه وتنصتت على ملايين المكالمات والرسائل الإلكترونية كل ذلك تحت لافتة محاربة "الإرهاب" ولم يقدم أحد حتى الآن دليلا واحدا على العلاقة بين هذه الأمور و"الإرهاب" ولكن كان هناك تعمد لخلط الحابل بالنابل للتضييق على المسلميين وتخويفهم...لكن العجيب أن تمتد هذه الظاهرة إلى بعض البلدان الإسلامية حيث وجدنا نفس هذه الأساليب تمارس على المتدينين من قبل السلطات العلمانية التي تدير بعض البلاد الإسلامية وتم إلقاء القبض على الآلاف لمجرد انتسابهم للدين والالتزام بأحكامه دون أن تكون لهم أي علاقة بالعنف أو بالجماعات التي تدعو إليه ورأينا وسمعنا عن انتهاكات تشيب لها الولدان داخل سجون عربية ضد إسلاميين, وكشفت الصحافة العالمية بعد ذلك عن حفلات تعذيب قامت بها مخابرات عربية لمصلحة دول غربية حاولت أن تتنصل من ارتكاب هذه الفظائع خوفا من المساءلة في بلادها التي تتباهى بالمحافظة على حقوق الإنسان!...

 

وبعد مرور سنوات على هذه الأوضاع وانطلاق الربيع العربي لكي يزيل الأنظمة المستبدة استبشرت الشعوب خيرا وبدأت انفراجة بين القائمين على السلطة والتيارات الإسلامية ولكن سرعان ما بدأت الأوضاع تعود للخلف من جديد لأسباب كثيرة تحدثنا عن بعضها في مقالات سابقة, إلى أن أصبحنا مرة أخرى أمام حرب على الإسلام بدعوى ملاحقة "الإرهاب" وأغلقت الآلاف من المساجد في بعض الدول لأسباب واهية وتم عزل آلاف الخطباء رغم حصولهم على تراخيص بالخطابة من المؤسسات الرسمية وتمت مطاردة الشعارات التي تدعو للتدين أو للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بحجة أنها تخدم فئة معينة وهو أمر يثير الدهشة والريبة في آن واحد لأن هذه العبارات موجود منذ زمن بعيد في كل مكان بل وهناك ملصقات مسيئة للأداب العامة لم يلتفت إليها أحد فلماذا تم الالتفات لهذه الملصقات الآن؟ وما هي الرسالة التي يراد توجيهها؟ لقد عادت العجلة للوراء وأصبح الحديث عن الإسلام يخيف البعض ووجدنا من يهاجم الشريعة الإسلامية ويستهزئ بأحكام الإسلام المجمع عليها مثل إباحة تعدد الزوجات والحدود الشرعية وفرض الحجاب بحجة أن الجماعة الفلانية تدعو إليها والحقيقة أنهم لا يريدونها ويتحججون بهذه الجماعة وتلك من أجل إخفاء عقائدهم الباطلة التي تظهر في كتاباتهم القديمة والحديثة وتبين أنهم لا يؤمنون بتطبيق الشريعة ويعتبرونه من الرجعية..

 

 

هؤلاء العلمانيون المتطرفون والمعروفون بالاسم والتاريخ هم من يتصدرون المشهد الإعلامي في بلدان تزعم أنها تحارب "التطرف والإرهاب".. فهل يمكن أن نصدق ذلك؟ وإذا صدقنا هل أفعالهم وأقوالهم تؤيد ذلك أم أن الموضوع حيلة مكشوفة للنيل من ثوابت الإسلام تحت غطاء محاربة "الإرهاب" كما كان يفعل بوش وأعوانه قبل سنوات؟