24 محرم 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله، علاقتنا بخالي تزداد سوءا يوما بعد يوم.. والسبب أخي.. المشكلة باختصار أن أخي كان يراسل زوجة خالي عن طريق الواتس أب رسائل عادية كمقاطع الفيديو وغيره وهو لا يرى في ذلك حرج إلا أن خالي شديد الغيرة عندما علم بذلك غضب وأخذ يهدد زوجته وأمرها أن تحذف رقم أخي من جوالها وفعلت..لكن أخي مازال مستمر في المراسلة فأخذ خالي جوالها ومنعها عنه فاتصلت علي من هاتف البيت تطلب مني أن أمنع أخي من المراسلة وأن خالي علم بذلك وغضب.. فقطع خالي علاقته بأخي وقطع زيارته لنا ولاحظت أمي تغير معاملة خالي لها عن السابق وأخذت تتساءل عن السبب..فماذا تنصحني أن أفعل حتى يصلح الحال(وأنا أعلم أن أخي وزوجة خالي على خطأ عرفا ودينا (وخالي كذلك أخطأ؛لأنه يعلم أن أخي في مرحلة المراهقة كان يجب عليه أن يناصحه لأن هو من فتح المجال له وجعله يقوم بشؤون أهله وأولاده عندما يكون منشغلا كالذهاب بهم للمستشفى وغيره)..
هل أخبر والدتي؟ (علما بأن والدتي تعاني من ارتفاع ضغط الدم ووالدي متوفي وأخي عمره26 وهو يكبرني بسنة)..
أفيدوني جزاكم الله خيراً.

أجاب عنها:
يحيى البوليني

الجواب

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
نشكر لك أختنا الكريمة ثقتك بإخوانك في موقع المسلم ونسال الله سبحانه أن يجلي عنك هذه الغمة وأن يكشف عنكم هذا الموقف الصعب وأن يجمع بين أسرتك على طاعته ومحبته.
الأخت الفاضلة:
لا شك أن العلاقات الأسرية إن لم تنضبط بضوابط الشرع تحدث خللا يصعب التعامل معه، حيث إن كثيراً من المشكلات المشابهة لهذه المشكلة يمكن حلها بالابتعاد، ولكن في حالات ما يكون فيها الاقتراب هو الأساس كالقرابة والنسب وغيره يصعب معها اتخاذ الحلول التي تفيد، وهنا تكمن الصعوبة ولكنها بالنية الصادقة وبالحكمة الواعية يمكن أن تحل بإذن الله ولا تترك آثاراً.
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى حدوث مثل هذه المشكلات، فأمرنا بقطع أسبابها قبل أن توجد المشكلة وهو توجه حكيم من النبي الكريم، فدائما ما تكون الوقاية خير من العلاج، فعلاج المشكلة قبل إيجادها أسهل ألف مرة من علاجها بعد حدوثها.
ففي الصحيحين وغيرهما عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت.، وقال أهل العلم مثل النووي في شرحه لصحيح مسلم: اتفق أهل اللغة على أن الأحماء أقارب زوج المرأة كأبيه، وعمه، وأخيه، وابن أخيه، وابن عمه ونحوهم، والأختان أقارب زوجة الرجل، والأصهار يقع على النوعين. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: الحمو الموت. فمعناه أن الخوف منه أكثر من غيره، والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبي.
ومن هنا جاءت هذه المشكلة التي يمكن النظر إليها من عدة أمور:
- المخطئ الأول فيها هو الخال، حيث أنه – كما ذكرت – كان قد فتح المجال لأخيك وجعله يقوم بشؤون أهله وأولاده عندما يكون منشغلا كالذهاب بهم للمستشفى وغيره، وأخوك حينها كان في سن المراهقة، حيث يفترض الآن أنه قد تعداها لوصوله لسن السادسة والعشرين عاماً، فهناك من فتح المجال لذلك وهو من يقع عليه اللوم أولا.
- أخوك أيضا مخطئ فيما فعل خطأ شديدا، حيث راسل زوجة خاله وأصر على ذلك حتى بعد علمه بغضب الخال من ذلك – وهو خطأ سواء غضب الخال أو رضي – فلا شك أنه يساهم بذلك في زلزلة كيان أسرة مسلمة مستقرة، وربما يعرضها للهدم والتدمير بسوء فعله، فقد يكون في فعله هذا تخبيب لزوجة على زوجها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منَّا من خبب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيده. رواه أبو داود وغيره، ومعنى خبب: أي أفسد، ومن لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه فممن يكون؟؟.
- وبالطبع هناك تساهل من زوجة خالك، حيث ربما تعاملت بتساهل مع ما يرسله حتى ولو كانت مواد عادية فمن الأصل يجب ألا يكون بينهما تواصل خاص، ولكنها أحسنت حين امتثلت لأمر زوجها واتصلت بك لمحاولة إنهاء هذا الأمر حتى لا يفسد عليها بيتها، فأسأل الله لها دوام هذا التعامل.
- وفي معالجة هذا الأمر لم يكن العلاج على قدر الموقف وخاصة من خالك حيث يحتل من أخيك موقع الوالد، فالخال أب عادة وخاصة إذا كان الأب غير حاضر أو توفي كما في سؤالك، ولكن الخال تعامل مع الموقف بصفته الضيقة وهي الزوج للمرأة فقدم هذا التعامل على كونه أبا للشاب، فكان يمكن أن يجلس معه ويتحدث في خطأ هذا الأمر وأنه أمر لا ينبغي للمسلم فعله، وأنه يفتح أبواب الشرور ويستعمل معه أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم مع الشاب في الحديث المشهور "أترضاه.. أترضاه".
- والدور لا يزال دور خالك أو دور أي رجل كبير من أسرتكم دون أن نفتح الأبواب لمعرفة الكثيرين به، فالأصل الستر لا إشاعة الحدث، فإن كان هناك من أهل السن والخبرة والعقل والحكمة من الأهل فبها ونعمت فليجلس مع أخيك وليقنعه بأن هذا الفعل لا يصح ولا يليق، فإن لم يكن فالدور دور خالك لا بصفته زوج المرأة بل بصفته أباً لكما.
- بالنسبة لدورك أنت قد لا يكون لك كبير دور في مناصحته – وإن كان الأصل أن الدين النصيحة للجميع من الجميع – ولكن في مثل حالتك فربما لصغر سنك عنه قد لا يستمع إليك أو قد لا يهتم، ولو كانت العلاقة بينكما تسمح بمناصحته ويسمع لك فأنت ممن يمكنهم مناصحته.
- وأنت أدرى أيضا بحالة الأم، فليس مرض الضغط بمثل هذه الخطورة، فيمكنها أن تعلم وتكلم أخاك وتنصحه لكي ينتهي عما يفعله، ويجب أن تعلمي أنه كلما كبر سن من ينصح أخاك ولو عظم قدره كلما كان باب الانتهاء عن الفعل أسرع.
أسأل الله أن يتوب علينا وعليه وأن يرشدنا وإياه فعل الطاعات واجتناب المنهيات والمنكرات.