زكاة الزروع والثمار في ضوء تطور الزراعة الحديثة
1 ذو القعدة 1435
منذر الأسعد

هذا الكتاب الجميل في الأصل رسالة علمية للباحث الدكتور محمد قاسم الشُّوم، أصدرها في كتاب نشرت طبعته الأولى هذه دار النوادر، ومقرها وفروعها في سوريا ولبنان والكويت.

 

جاء في 348 صفحة، موزعة على بابين رئيسيين بعد باب تمهيدي واسع نسبياً، خصصه المؤلف لتعريف كل من: الزكاة والزراعة لغةً واصطلاحًا، مع التفريق بين الزكاة والصدقة وعرض أدلة فرضية الزكاة من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه الخاتم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ومن الإجماع والمعقول، بالإضافة إلى بيان العقوبات الدنيوية والأخروية لمانعها..ويشتمل التمهيد على تاريخ موجز لتشريع الزكاة في الإسلام وتطور تنظيمها في العصر الراشدي وصولاً إلى الوقت الحاضر.

 

ولا يفوت الباحث الكريم أن يقدم صورة وافية لآثار الالتزام بفريضة الزكاة وأخرى عن عواقب غيابها في المجتمع، مع عقد مقارنة للفروق بين الزكاة والضرائب التي تفرضها الدولة في العصر الحديث.

 

في الباب الأول (موجبات زكاة الزروع والثمار) يعرض المؤلف أدلة على وجوبها من القرآن الكريم ومن السنة النبوية الشريفة، ثم يناقش أدلة القائلين بوجوبها وأدلة مخالفيهم، ثم ينتصر لقول أبي حنيفة رحمه الله من أنها واجبة في كل الزروع والثمار، وذلك بعد أن انتهى إلى تضعيف حديث: ليس في الخضروات صدقة.

لكنه يغلّب رأي الجمهور في مسألة نصاب زكاة الزروع والثمار ، خلافاً للفقه الحنفي.

 

الباب الثاني من الرسالة هو: كيفية جباية زكاة الزروع والثمار وأصول الجباية وفيه بحث مقدار الزكاة الواجبة في الزروع والثمار، وكيف نخرج زكاة ما سُقِيَ بعضه بكلفة مالية وبعضه بغير كلفة؟وهل يعتبر الجهد في غير السقي؟ وناقش مسألة دفع القيمة في الزكاة بين المبيحين والمانعين...وهل تجب الزكاة في الناتج الزراعي قبل تحويله صناعياً أم بعد ذلك التحويل؟وكذلك زكاة الأرض الموقوفة والأرض المستأجرة..

وفي نهاية الكتاب ملحق عن زكاة العسل والدواجن والحرير.

 

وأما الخاتمة فقد أوجز الباحث فيها مقترحاته علي ضوء بحثه، وأبرزها:

الزكاة ركن من أركان الإسلام وفريضة واجبة وليست منحة من الغني للفقير.وكانت الدولة المسلمة تتولاها بصور شتى إلى أن وقعت أكثر ديار الإسلام تحت الاحتلال الأجنبي الذي حارب كل ما يتصل بدين الأمة ومنه تنظيم الزكاة.ثم يلخص أهم النتائج التي توصل إليها في بحثه ومقارناته بين اجتهادات الفقهاء قديماً وحديثاً من حيث النصاب ومن حيث طريقة الكيل لما يكال...

 

وعموماً: فالكتاب جدير بأن يطلع عليه أهل الاختصاص لتقويمه علمياً ومناقشة الآراء التي تبناها الباحث وأقره عليها أستاذه الدكتور محمد الزحيلي الذي قدّم للكتاب بمقدمة تضمنت تزكية البحث جملة وتفصيلاً.

 

إلا أن لي عتباً على الدكتور الزحيلي عفا الله عني وعنه عندما سمح للمؤلف بإدراج مواقف الفقه الإباضي والرافضي، فالبحث ليس في الفقه المقارن فيكون نهج الباحث مقبولاً.. والمؤلم أن مثل هذا المسلك يوحي للقارئ أن الاختلاف بين أهل السنة والفرق الضالة – وبخاصة الرافضة- اختلاف في الفروع يشبه اختلافات المجتهدين من أئمة أهل السنة والجماعة.. وهذا ليس صحيحاً البتة.وليس أدل على قبحه من حرص منافقي الصفوية الجديدة على التمويه على عامة أهل السنة بادعاء أن الخلافات بين الفريقين خلافات فقهية فرعية وأن مثلها مثل الفروق بين أقوال الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة... وهو تدليس وغش للأمة نربأ بأمثال الدكتور الزحيلي من تعمده ولا نعذره في أن يمرره.