تحولات غسان عبود مالك قناة أورينت.. علماني يفضح طائفية المعارضة السورية
10 ذو القعدة 1435
منذر الأسعد

غسان عبود رجل أعمال سوري أصبح اسماً معروفاً ومشهوراً، منذ أن اتخذ قراره بالانحياز إعلامياً، إلى جانب الثورة السورية في أيامها الأولى، فكانت قناته الفضائية "أورينت نيوز" أول من بث مقاطع المظاهرات السلمية التي كانت تنطلق في المدن المختلفة.

 

الثري السوري يملك الفضائية منذ أنشأها سنة 2007م باسم "قناة المشرق" ثم آثر الاسم الأعجمي على العربي بعد ذلك.. لكنها كانت قناة مسلسلات بائسة مع قليل من الأخبار المصوغة بعناية. وكان لها مكتب رسمي في دمشق، وهو استثناء يثير علامات الاستفهام فالطاغوت الأسدي معروف بشدة حساسيته إزاء الإعلام، ولذلك لا يسمح لوسيلة إعلامية بالحضور في الشام إلا إذا التزمت خطه الطائفي الذي يؤله السفاح وأباه من قبله.

 

منذ انطلاقة مشروع تلفزيون المشرق، قبل البث بنحو سنة، تنبأ المتابعون المراقبون المختصون في الشأن الاعلامي بالفشل للمشروع، واعتبروه ضرباً من المغامرة غير المحسوبة. وذلك بسبب ارتباطه وعمله على الأراضي السورية، في ظل العقلية الإقصائية أمنياً والاحتكارية اقتصادياً.

 

تعرض مكتب القناة للإغلاق في 29/7/2009 ، وبوشرت تحقيقات أمنية مع عدد من الصحفيين في المكتب توقفت بعد عدة أيام، حيث قامت عناصر أمنية بإبلاغ الموظفين المتواجدين في مكتب القناة شفهيا بأمر إغلاق المكتب وطلبت منهم مغادرة المكتب على الفور. في اليوم التالي نشرت المواقع الإلكترونية السورية أن المكاتب أغلقت بسبب عدم وجود تراخيص، أو أن القناة قد أفلست بسبب الأزمة الاقتصادية، أو عن تدخلات لرجل الأعمال السوري رامي مخلوف، لكن كان من الواضح أن هذه الحملة بدأت منذ تسربت أخبار عن محاولات رامي مخلوف السيطرة على القناة مستغلا تلك الظروف التي ساهم فيها، كما تناقلت المواقع الإلكترونية السورية، ليسهل له ابتلاعها بأرخص الأثمان. فالذي يدحض ادعاء الأجهزة الأمنية أن مكاتب القناة كانت تعمل بدون ترخيص، هو أن المكاتب كانت موجودة وتعمل منذ سنتين وظهور وزير الإعلام ووزير الثقافة وعدد كبير من الوزراء الآخرين ضيوفا على التلفزيون من استديوهاته في سورية، كما أن مراسل وميكروفون قناة الأورينت حضر دائما في مقر وزارة الخارجية السورية وفي القصر الجمهوري!!.

 

ولذلك كثر الكلام في تلك الفترة عن شراكة في ملكية القناة بين عبود ولص سوريا الأكبر بالنيابة عن المافيا الأسدية: رامي مخلوف ابن خال الطاغية بشار.

 

غسان أصبح ينفي الاتهامات التي لاحقته بشأن علاقاته مع النظام ورموزه، وأخذ يقدم روايته التي تزعم أنه رفض الخضوع لابتزاز مخلوف فتم طرد قناته من سوريا...

 

المهم أن الرجل سخّر قناته للثورة ولكن من خلال رؤيته، فهو علماني قح يعلن علمانيته بفجاجة، مع أنه ينتمي إلى عائلة مسلمة معروفة.
طغى الطابع العلماني على جميع برامج القناة من الضيوف إلى الشعارات وتوظيف المذيعين والمحررين...

 

في السنة الأخيرة فوجئ جمهور أورينت بتغيير واضح في الخط التحريري للقناة إذ أصبح حضور بعض الشيوخ مقبولاً، وإن كان ذلك في نطاق العقلية الإرجائية المسيطرة لدى النظام الأسدي في المساحة التي يسمح للدين بها أن تشارك في المشهد على استحياء، لئلا يفتضح الطابع الطائفي النصيري للحكم بصورة فجة ومباشرة.

 

أما المفاجأة الكبرى في الشهور الأخيرة، فتتمثل في تبدل خطاب عبود نفسه، إذ أصبح يعنى بإبراز الطابع الطائفي لدى متصدري تجارة المعارضة من أبناء الأقليات الطائفية من نصارى ونصيريين ودروز.. وأصبحت القناة أكثر عناية بفضح البنية الطائفية لنظام الأسد بالتركيز على جرائمه الكبرى في حق أهل السنة تحديداً..

 

في هذا الإطار، يمكن فهم المعارك الملتهبة التي نشبت مؤخراً بين غسان عبود شخصياً وعدد من المعارضين البارزين من أمثال ميشيل كيلو..

 

بالطبع، لا يعني كل ذلك أن الرجل أصبح إسلامياً، فلا شيء يوحي بتحول ضخم وحاسم كهذا، وعلى الأرجح أن الاستفزاز الطائفي لدى أدعياء المعارضة من الأقليات بلغ حدوداً جعلت هذا المتعامي يبصر ولو جزءاً من سقوط العلمانية وزيفها، وربما ما زال الكبر الشخصي يمنعه من التحول إلى الحق الذي لا شك فيه.