8 صفر 1438

السؤال

السلام عليكم..
أنا عمري 17 عاماً، ولقد أكملت دراستي الثانوية، وبفضل الله نجحت بتفوق، وتقدم لي شاب، لم أرغم بالزواج مطلقا، ولكن عندما رأيته جاء نصيبي وقبلت واتفقت معه على أن أتمم دراستي؛ فوافق على ذلك ولم أكتب شرط الدراسة في عقد الزواج بسبب اتفاقنا هذا، والآن بعدما حصلت على الكلية وتعرفت على دوامها الطويل لم يرضَ خطيبي بذلك الدوام الطويل وطلب مني أن ألغي فكرة دراستي، وأنا لا أستطيع ذلك ولكنني أحببته جداً.. أرجوكم أعطوني حلاً مناسباً.

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأهلا ومرحبا بك في موقع المسلم.
ابنتنا المتفوقة:
مشوار الحياة طويل وأنت في عتباته الأولى، تنظرين بحكم السن وما حباك الله من ملكات وقدرات بعين الطموح، وتدفعك روح الشباب لبلوغ أعلى الدرجات في ميدان الدراسة التي برعت فيه، ولاشك أن هذه نعمة تستحق الشكر.
لكن أيتها الابنة النبيهة ميدان الحياة أوسع من أن يختصر في زاوية الدراسة. وأمثالك ينتظر منهم أن تكون لهم في كل ساحة من ساحات الحياة بصمة. في قاعات الدرس، وفي الحياة العامة، وفي المحيط الاجتماعي، وفي الأسرة الصغيرة.
والتي تسعى للتميز في كل جانب من حياتها ينبغي أن تلتفت لشيئين:
- المحيط الذي تعيش فيه.
- الوسائل المعينة على بلوغ الهدف.
الاستقرار النفسي وصفاء الذهن عاملان مهمان في إنجاز أي عمل علميا كان أو عمليا، وهما ثمرة من ثمرات التفاهم والتعاون في البيت الذي تعيشين فيه.
تذكري أيتها النجيبة أن الحياة لا تستقيم دون أداء الواجب والحصول على الحق، وطغيان أي منهما على الآخر يهدد استقرار الأسرة، لأنه ينبت المشكلات ويسلب أهل البيت الاستقرار والراحة.
فاتفقي مع زوجك على الخطوط العريضة لحياتكما، وضعي في حسبانك مسؤولية الأبناء، ثم تخيري الوسائل المناسبة التي تعينك على تحقيق أكبر قدر من المكاسب العلمية والعملية.
ما دام زوجك لا يمانع من الدراسة لكنه يعترض على طول الدوام الذي سيؤثر على أسرتكما، فالحل في نظري إكمال الدراسة بطريقة أخرى؛ إما بتغيير التخصص، أو بتغيير طريقة الدراسة إما انتساباً أو عن بعد.
واعلمي أيتها الكريمة أن مثل هذا سيتكرر كثيرا في حياتك، فلا تدعي الاختلاف في الكيفية يدفعك لفعل الشيء كما هو أو تركه جملة، بل ابحثي عن وسائل مناسبة توصل للهدف وتوقي من الوقوع في المحذور.
قد تعترضين على تغيير التخصص. لكن اعلمي أيتها الكريمة أن كثيرا من النساء بل حتى الرجال أصروا على تخصص معين لحبهم له أو لتفوقهم فيه ثم غيروا مجالهم كليا في الدراسات العليا أو حتى في العمل. ومنهم من أصر على التخصص ثم لم ينتفع به بسبب الظروف المحيطة. المهم أن يبرع الإنسان في مجال بصرف النظر عن نوع المجال ثم يقدم لأمته من خلاله ما يمكنه تقديمه دون إخلال بمسؤولياته الأساسية التي لا يقوم بها سواه.
نحن في زمان كثرت فيه وسائل التعلم والعمل والتفاعل الاجتماعي، ولم يعد الخروج السبيل الوحيد لبلوغ الأهداف. فاحرصي وفقك الله على الاستفادة من كل ما يمكنك الاستفادة منه.
وتذكري أيتها الفاضلة أن من أثمن ما يمكن أن تقدمه المرأة لأمتها جيل مؤمن عالي الهمة ماضي العزيمة، ولا تكوني من تلك الفئة التقليدية التي لا هم لها سوى اتباع الخطوات المرسومة من تعليم نظامي وعمل وظيفي ثم واجبات أسرية وكفى.
وفقك الله وسددك. نراك عالمة ملء السمع والبصر، وأماً لأفذاذ صالحين.