تحدث د.عمر ناكيتشيفيتش في الحلقة السابقة من هذا الحوار الذي أجراه معه موقع " المسلم" عن بعض المدارس الفكرية في البوسنة والتي كان بعضها متأثرا بالشرق العربي المسلم ، والآخر بالصوفية ، كمدرسة موستار سابقا ، وهو ما سنكمل الحديث عنه في هذه الحلقة ، إلى جانب البقية الباقية من فترة عمله في إذاعة بلغراد ، والوضع الذي كان سائدا في القاهرة قبل وبعد هزيمة 1967 م والأجواء الثقافية إبان سطوة العقاد وصولات وجولات الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ، وكذلك الشخصيات التي تأثر بها في حياته
مدرسة موستار غلب عليها التصور القدري ، رغم أن رموزها كانوا مقاتلين أشداء
في موستار يميلون للتصوف ، سواء كانوا علماء أو مقاتلين ، أو كتاب ، فالكثير من كتاب موستار يميلون للتصوف . أحدهم كان قائدا عسكريا في المجر يدعى بايازيد استشهد في معارك بودابست . وقد طلب منه الصدر الأعظم في الاستانا ، مهاجمة بوديم ، قرب الدانوب . وقد كان تقدير بايازيد في محله ، بأن المعركة غير متكافئة حيث لم يكن الجيش يملك العتاد اللازم ، ومن حيث المكان هم في موقف غير مناسب ، ولكن الصدر الأعظم ( رئيس الوزراء ) سأله هل أنت عسكري أم جبان فنغيرك ، فرد أنا عسكري وسأذهب للقتال غدا ، فاستشهد واستشهد الكثير ممن معه . وفي ليلة المعركة كتب قصيدة ضمها لديوانه ، غدا ستبدأ المعركة ، وذكر ما سيحدث معه ، وهو ما حدث ، واعتبر ذلك من القضاء والقدر .
كيف بدأت العمل في إذاعة بلغراد ، القسم العربي ، وكيف تم سفرك إلى القاهرة ؟
أعتقد أن ذلك كان سنة 1969 م ، بعد أن نجحت في امتحان القبول ، وكان في إذاعة بلغراد آنذاك مذيعا سوريا اسمه ، كمال بوهي طلب مني وبعض الراغبين في العمل أن نترجم بعض النصوص، وترجمنا شيئا من البوسنية إلى العربية ومن العربية إلى البوسنية وكنا 3 بيننا امرأة . وكان هناك مقدوني من أصل مصري يجيد العامية، ولكن مخارج الحروف عنده ممتازة . وكنت أحسن منهم في الترجمة ، حسب ما قال كمال بوهي . أما البنت المتسابقة فلم تكن تفقه شيئا سوى صلتها بالمسؤولين . وذات مرة كنت أترجم لمسؤول عراقي قدم إلى بلغراد على رأس وفد رسمي ، فسألني هل كنت في البلاد العربية ، فنفيت ذلك ، فقال لا بد أن تذهب إلى البلاد العربية . وطلب مني إخباره عندما يكون هناك اعلان لإرسال طلبة للبلاد العربية . بعد ذلك ذهبت سنة للتمرين في القاهرة . وهناك تعرفت على مذيع معروف اسمه جلال معوض . وآخر نسيت اسمه لكن لقبه شوشة (هو الشاعر فاروق شوشة) ، كان مقدم برنامج لغتنا الجميلة . وبعدها عدت إلى بلغراد وعملت 3 سنوات أخرى في الإذاعة . كان كمال بوهي في إذاعة بلغراد يراجع ما ترجمناه ، وزوجته هي الأخرى أستاذة لغة عربية .وكانت الاذاعة للدعاية الخارجية ، زمن تيتو . والسؤال والجواب كان يكتب في المقر كما لو أن أحدا سأل من البلاد العربية .
كيف كان الوضع في القاهرة في تلك الحقبة ؟
كان هناك جمال عبد الناصر في مصر ، والشيسيكلي ومن بعده في سوريا ، وكان هناك صراع بين بعض الأنظمة العربية . وقد سافرت إلى لبنان ، وعدد من الدول العربية آنذاك . القاهرة كانت ممتازة ، كنت أزور الزمالك ، وأماكن رائعة . وعندما أكون متفرغا أذهب إلى العباسية أين تباع الكتب ودار القضاة . وجدت هناك الكثير من الدور ، وهناك ترتيب ، وفي بعض الامكنة يصنعون الطوب للبناء وأفران خاصة بها . في رمضان ، وحتى قبيل الافطار، لا تستطيع أن تتحرك بالسيارة ، ولكن ماشيا . قبيل المغرب يمكنك السير بسرعة بالسيارة لأنه لا وجد أحدا في طريقك ما عدا بعض المسرعين مثلك للوصول قبل موعد الافطار. كان معي نصراني ، شاهد ليلا الناس يصلون القيام في الساحات العامة آنذاك لتجنب الحر داخل المساجد ، فصرخ بأعلى صوته ، تعالى يا عمر لتشاهد ما يفعل هؤلاء . قال إنه رأى ضابطا يتحرك بطريقة غريبة ، ولكنه كان يصلي .فأخبرته أن أولئك الناس رهبان الليل . المصريون يحافظون على الصلاة ومساجدهم غالبا ما تكون مكتظة ، ويصلون الجمعة في الشارع . الناس يصلون في طوابير ، ولكن لم يكن كذلك في العراق الذي عشت فيه عاما كاملا ولم ألاحظ ما لاحظته في القاهرة . كنت في الدقي ، وكان هناك حدادين وخياطين ، تارزين ، وباعة يتركون محلاتهم ويتوجهون للصلاة عند سماع الآذان ، وكنت أشعر بحميمية وأنا أصلي معهم . كانت هناك أيضا أزقة خلفية ، عمارات خلفية ، وعالم سفلي في القمة وأخرى تم تشجيعه في ذلك الوقت لضرب نسيج المجتمع المصري المتدين ، وكان ذلك أحد أسباب النكسة . بعد النكسة الناس متأثرون بشكل سيء نفسيا واقتصاديا .
كيف كان الجو الثقافي في القاهرة آنذاك ؟
كنت في القاهرة ، وكنت ألتقي بمحمود عباس العقاد ، وأحمد أمين ، والشيخ محمد الغزالي ، الذي تأثرت به كثيرا ، وغيرهم . وكان هناك الأستاذ زهير الدرماوي ، وكان رئيس جامعة القاهرة . وفي القاهرة درست مقدمة ابن خلدون ، وكتب كثرة . كان العقاد والشيخ محمد الغزالي والزيات وتوفيق الحكيم يملأون الدنيا ويشغلون الناس . في القاهرة كنت استغرب من الائمة عندما يتكلمون بالعربية ثم يتحولون إلى العامية ، كما لو كانت لغة أخرى . وهذا خطر لإبعاد الناس عن الفصحى وهو من تأثير الاستشراق .في المجال الثقافي كان العقاد مسيطرا على الساحة الثقافية في عصره ، ولكنه كان يفتقد للممارسة .أي لم يترجم أقواله إلى أفعال وممارسة . بينما لا نجد هذا عند محمد الغزالي الذي كان مثقفا، يختلف عن العقاد إلى جانب كونه عالم دين ومصلح كبير . وقد زرت مجددا الغزالي في 1994 م وكنت أثناء إقامتي في القاهرة أذهب إليه في بيته . الحقيقة البارزة هي أنك تجد في مصر كل أنواع البشر .
بمن تأثرت من المفكرين
لا أستطيع ذكر أحدهم ولكني قرأت للكثيرين ، وكلما وجدت شيئا مناسبا رحبت به . قرأت كثيرا لمحمد الغزالي ، قرأت رسائل الإمام البنا الذي يعد من أكثر الشخصيات التاريخية التي أثرت في العالم .فالتأثير هنا يشمل السياسات ، وردود الأفعال المحلية والاقليمية والدولية على أفكاره ، والتي لا لم تبينها بنظرة سطحية لمجريات الأحداث في الدوائر الثلاث . الإمام البنا وراء ظهور الكثير من القامات في العصر الحاضر ، وبروز الكثير من الكوادر ، وتحويل العمل الاسلامي ، من الجهود الفردية إلى العمل المؤسسي والشعبي . لولا المحن التي تعرضت لها الجماعة لكان لها شأن آخر على الصعيد الدولي . وعلى المستوى الفقهي والمقاصدي عرفنا سيد قطب ، محمد الغزالي ، وسيد سابق ، والشيخ يوسف القرضاوي ، وهم ممن تأثروا بالشيخ حسن البنا . وهناك ملايين الناس في العالم تأثروا بالبنا رحمه الله . كان الشيخ الغزالي رحمه الله إمام وخطيب مسجد عمر مكرم وكان آلاف يصلون خلفه في المسجد . البنا أثر كثيرا وأثر على الكثير من الاتجاهات الفكرية والتوجهات الاسلامية في العالم . الامام البنا كان يذهب للمقاهي والمصانع ويدعو الناس ، وهذا ما يحتاجه الدعاة اليوم وغدا .
ولقد ترجمنا ، تفسير ، في ظلال القرآن ، وهو أفضل ما قام به المسلمون في المنطقة خلال 100 عام . سيد قطب كان كاتبا استشرافيا ، إلى جانب قوة كتبه التعبوية ، وكان قد تحدث عن سقوط الشيوعية ،في أوج قوتها ، عندما كان الغرب يخشاها ويحسب لها حسابا . وتحدث سيد قطب عن سقوط النظام الرأسمالي بسبب الربا وهو ما نشهد إرهاصاته ف يومنا الحاضر . وقد ثبت ما قاله قطب عمليا جميع استشرافاته أثبتتها الأيام ، بما في ذلك المسألة الصهيونية . وهو ما يختلف فيه عن جميع المفكرين في العالم قاطبة . اليوم لدينا مفكرين ولكنهم ليسوا في مستوى سيد قطب . وهو يختلف نسبيا عن محمد إقبال فالنزعة الفلسفية لدى الأخير مكنته من مرتبة الاعتراف العالمي ، وهو أفضل من عبر عن العالمية الاسلامية . لقد اعترف به نهرو وعدد كبير من القادة والمفكرين في العالم .
(وبعد رحلة طويلة حط الدكتور عمر ناكيتشيفيتش الرحال في البوسنة ، وتحديدا سراييفو ، بعد إقامة وعمل في بلغراد ، ومعايشته لتجارب في القاهرة ، وعدد من الدول العربية والاوروبية ، وما جرى له فيها وهو ما سيحدثنا عنه في هذه الحلقة الرابعة والأخيرة . ومن ذلك عمله في مدرسة الغازي خسرف بك ، التي أنجبت الأفذاذ ، وحصاد العمر من الكتب والأبحاث ، وانعكاس تأميم الأوقاف على العمل الدعوي ، ومستقبل الاسلام والمسلمين في أوربا والعالم)..
عندما عدت من مصر ، آخر مرة ، لم تذهب إلى بلغراد ، بل إلى سراييفو ، ثم ما لبثت أن سافرت مرة أخرى إلى الخارج ، كيف تصف لنا تلك الرحلة ؟
عملت في مدرسة الغازي خسرف بك ، ثم عملت في ليبيا ، وسافرت إلى بعض الدول الأوروبية . وكنت أزور العديد من المدن لمعرفة نوعية الدراسة فيها ، فقد تعرفت على جامعة القاهرة ، وعلى الأزهر أيضا ، وسافرت إلى الجزائر ، ولاحظت أنهم لا يزالون في البدايات ، ولم يتحرروا بعد من الفرنسية ، وذهبت إلى المغرب ، وزرت الزيتونة في تونس . في الرباط تعرفت على بعض الاخوة ،ووافقوا على مناقشة الأطروحة ، ولكني غيرت رأيي ، وذهبت إلى الأندلس ، وزرت ألمانيا ، ثم النمسا وفي فيينا اتصلت بعميد الكلية وكان يعرف البوسنية وكان يهوديا . في تلك الفترة كان الطلبة يتظاهرون باستمرار فقلت في نفسي " لا يوجد خبز هنا " ( مثل بوسني ) . وذهبت إلى هولندا وزرت بعض الجامعات ، ووجدتهم يتعاملون بالتقية ، أي يقولون لك شيئا ويضمرون شيئا آخر . وهم جادون في ذلك ، حيث كتب ، بروكلمان ، دائرة المعارف الاسلامية . هم يشتغلون بدقة وببطء حتى عند فلسفة الكذب ، وإذا كتبوا شيئا لا يمكن اهماله . ذهبت إلى لوزانا ، وقدمت لهم الطلب فقيل لي يجب أن تدفع 3 آلاف دولار ، ثم سافرت إلى القاهرة قبل النكسة وبعد النكسة .
في ، كاسترا ، الألمانية ، قابلت رئيس قسم الاستشراق بحضور أساتذة آخرين ، وكان بعضهم يقول في محاضراته أن الحجاج يأخذون من أموال الزكاة ، كما لو كانوا يحجون من أجل ذلك . وعندما ناقشته قال " أقصد أنه عندما يضيع منه المال الذي جلبه معه للحج ، يعتبر من أبناء السبيل ، ولكنه لم يشرح هذا لطلبته .
لو تحدثنا عن حصاد العمر من العلم والمعرفة ؟
ألفت حتى الآن ألفت 20 كتابا حول العلوم العربية ، والدراسات التاريخية ، والشخصيات الاسلامية مثل ، حسن كافي بروتشاك . وكذلك الترجمة من العربية إلى البوسنية . وسبق الحديث عن أطروحتي بخصوص، المدارس الفكرية موستار بروتاتس ، وقد طبع 3 مرات . وترجمت في المدة الاخيرة تفسير شلتوت من 12 جزءا . كما ترجمت في ظلال القرآن ، واستغرق ذلك مني 6 سنوات ، وهذه الترجمة من أفضل الأعمال التي قمت بها في حياتي . ولي كتب مدرسية ، ومن ذلك كتاب في الحديث يتكون من 300 صفحة لطلبة الجامعة . وهو اليوم المصدر الوحيد لتعليم الحديث . كما أعددت كتابا لطلبة قسم التربية والتعليم خاص بطلبة السنة الثانية ، وهو كتاب يناسب مهنتهم . كما لي كتاب عن المستشرقين الذين يتحدثون عن الاسلام ، وبالخصوص الميراث،وهو كتاب يناسب أيامنا هذه .
ولي كتاب عن " مدينة كوتشاك عبر التاريخ ". كما انتهيت من مراجعة كتاب عن عالم بوسني اسمه محمد باشيتش ، كان مديرا للمدرسة الشرعية ، وقد أغلقت في سنة 1945 م . وقد بلغ عدد الكتب التي ترجمتها 53 كتابا منها رسالة التوحيد لمحمد عبده وسيرة محمد عبده .
ولمحمد باشيتش ، كتاب عن الحديث النبوي لم ينشر وكتب عن التشريع الاسلامي ، وكتاب عن الفرق الاسلامية ، وكتبه لم تنشر بعد . وعندما أممت السلطات الشيوعية الأوقاف ومنها أوقاف ، الغازي خسرف بك ، مباني ومخابز وأسواق ، كتب للسلطات بأن الاجراءات التي اتخذتها لا تخالف الشريعة الاسلامية فحسب ، بل تعد خرقا لحقوق الانسان وفق القوانين الوضعية ، وأنه ليس لهم حق في تأميم الأوقاف إذ أنها مثل المساجد والمدارس ، وأرسل رسائل عدة منها رسالة للرئيس اليوغسلافي الأسبق جوزيف بروزتيتو . ولم يرسل نسخة من رسالته إلى المشيخة الاسلامية لأنها كانت تحت الضغط . وبعد مدة اتصلت به المخابرات ، وأجبر على توقيع وثيقة بعدم المطالبة بإعادة الأوقاف ، وبأن لا يصر على ذلك ، وهددوه بالسجن . وللأسف لم يكتب عن هذا الرجل غيري ، وقد توفي رحمه الله في 1968 م.
ما تأثير مصادرة الأوقاف على العمل الدعوي في البوسنة ؟
بعد انحسار ظل الخلافة العثمانية ، على إثر معاهدة برلين سنة 1878 م ، أصبحت الأوقاف في عهدة المشيخة الاسلامية ، وظلت كذلك حتى تأميمها من قبل السلطات الشيوعية سنة 1945 م ، وكان اعتقال قيادات وأعضاء جماعة ، الشبان المسلمين ، مقدمة لذلك ، وبعث رسالة تهديد لكل من يفكر في الاحتجاج . كانت الأوقاف تتمثل في المباني والأسواق والأراضي والمخابز والمحلات المختلفة ، جميعها تمت مصادرتها ، حتى المدارس أغلقوها جميعا ما عدا واحدة ، هي مدرسة الغازي خسرف بك . وفي بعض الاماكن أمموا حتى المقابر . وذلك للتضيق المالي على الدعوة الاسلامية الرسمية . وساد اعتقاد بين الناس بأنه لا أحد يسأل عن حالتنا في البلاد الاسلامية . لكن ذلك لم يستمر طويلا فقد بدأ الاتصال الفردي مع البلاد الاسلامية ولاسيما العربية عام 1959 م .
هل تحسن الوضع بعد الاعلان عن تشكيل منظمة عدم الانحياز ؟
تحسن بعض الشيء ، لكن الذين قاتلوا من أجل الاستقلال ، وهم في الحقيقة كانوا يدافعون عن قراهم ، وعن ممتلكاتهم ، في وجه الهجمات التي كان يشنها التشتنيك ، والاستاشا ، والبارتزان . وقد سجن بعضهم بعد انتهاء الحرب بسبب مواقفهم السابقة .
كيف تنظرون لمستقبل الاسلام والمسلمين في العالم ولا سيما في أوربا والغرب ؟
المسلمون في الغرب لم يعودوا كما كانوا سابقا ، لم يعودوا ينبهرون وينسلخون . حصل تحول في أوربا والغرب ، وأكثر من ذلك في البلاد العربية ، وتحديدا في مصر ، هناك إقبال على الاسلام ، والنساء يعدن للفضيلة وانتشار الحجاب ومظاهر التدين واضحة للغاية ، هناك تحول نحو الاسلام ، ولا شك في ذلك . هذا التحول ظهر بقوة منذ الثمانينات . هناك تحول ايجابي ، والحكومات مرعوبة .
أحد الصحافيين الجزائريين قال لي كنت أشرب الخمر ولا أصلي ، الآن أصلي والحمد لله ، وآمل أن أعيش في دولة اسلامية جزائرية قبل أم أموت . أمامنا عمل كبير جدا ، ولنا طموحات كبيرة ، وأحلام مستحقة ،والامل لن يموت .. المستقبل نصنعه عندما نفضل النضال وندفع الثمن على عيش الذل . الحمد لله هناك تقدم ، كنت في ألمانيا في رمضان الماضي ، وشهدت مجالس رمضانية ، ومظاهر عيد الفطر. هناك ومصلون ، وعودة للإيمان ودخول في الاسلام ، ولكن هناك ظاهرة سيئة تتمثل في وجود مساجد بدون منارات ، تركية ، وجزائرية ، ومغربية ، ومصرية ، هذا شي سيء . كان يجب أن يندمج المسلمون ، ويعمل قادتهم وأئمتهم على ذلك ، وتكون لغة البلد هي التي تجمعهم ، إن لم يستطيعوا الحديث بالعربية . هناك ألف مركز تحت إدارة الحكومة التركية . ملي غروش لديها 200 مركز اسلامي في ألمانيا ، هذه نتيجة جيدة . في النمسا ، هناك شخص من البوسنة دعا إلى اجتماع في فيينا في رمضان حضره حمدي زقزوق ، قال إنه يوجد في النمسا 54 مسجدا لملي غروش ، هناك انتشار والحمد لله . وفي البلاد العربية هناك تقدم رغم التحديات ، فلولا السلطة التي تقمع الشعوب ، وطلائع المد الاسلامي ، لتغيرت ملامح وجه العالم .
كيف تنظرون لحرب الإبادة التي تعرض المسلمون في البوسنة في الفترة ما بين 1992 و1995
كانت تلك أكبر مصيبة حلت بالمسلمين منذ أكثر من ألف عام من عمر البلاد . البوسنة ليست كبيرة ، وعدد المسلمين لا يزيد عن مليونين ونصف المليون ، لذلك قتل 200 ألف مسلم في العدوان كان حصيلة كبيرة . ومع ذلك كان موت ذلك العدد الكبير ، سببا في حياة مئات الآلاف دينيا وثقافيا وغير ذلك ، فالموت ليس بيولوجيا فقط .
متى ستكتبون مذكراتكم ؟
سأكتبها بعون الله ، ولكني لا أريدها مذكرات ، بل إحاطة شاملة بتلك الحقبة ، والأوضاع الداخلية والاقليمية التي رافقتها . سيكون فيها أشياء كثيرة لا يعرفها الناس .