
أثارت قائمة الإرهاب التي أعلنت عنها دولة الإمارات العربية المتحدة السبت الماضي الكثير من ردود الأفعال المستغربة لصدور مثل هذا القرار في مثل هذا التوقيت ودون أي مبرر أو سبب كما يقول بعض المحللين , ناهيك عن علامات الاستفهام الكثيرة التي عبر عنها البعض حول القرار .
وكان مجلس الوزراء الإماراتي اعتمد قائمة تضم عددا من التنظيمات التي وسمها "بالإرهابية"، شملت بالإضافة لعدد من التنظيمات المسلحة في عدد من البلدان حول العالم ، مثل جبهة النصرة وتنظيم الدولة وجماعة بوكو حرام في نيجيريا ، جماعات سياسية مثل الإخوان المسلمين , ورابطات إسلامية مثل اتحاد علماء المسلمين ، ومجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية ... ومنظمتان إغاثيتان و غيرها .
وقد تمحورت علامات الاستفهام حول عدة نقاط يمكن إجمالها فيما يلي :
1- الصبغة الإسلامية للتنظيمات والحركات المصنفة "بالإرهابية" في القائمة , وخلوها من التنظيمات والحركات الإرهابية النصرانية المسيحية كمليشيا "انتي بالاكا المسيحية" في إفريقيا الوسطى , والتي اعترف القاصي والداني بجرائمها الوحشية "الإرهابية" مؤخرا بالمسلمين , وعلى رأسها منظمات الأمم المتحدة والدول الغربية والإسلامية .
كما خلت القائمة من المنظمات الإرهابية البوذية والهندوسية التي تذيق المسلمين في كل من "أراكان" المسلمة في ميانمار وغيرها سوء العذاب , كما خلت القائمة من التنظيمات والأحزاب الإرهابية الرافضية "كحزب الله اللبناني" والمليشيات الطائفية الشيعية التابعة لإيران , والتي تشارك طاغية الشام في جرائمه ضد أهلنا في سورية ناهيك عن خلو القائمة من المنظمات الإرهابية الصهيونية التي لها تاريخ طويل في الإرهاب المحلي – فلسطين المحتلة – والإقليمي والدولي .
فهل هذه الحركات والمليشيات والمنظمات غير الإسلامية ليست بإرهابية ؟! وهل أضحى مصطلح "الإرهاب" غير المعرف دوليا مقتصرا على المنظمات والحركات الإسلامية فحسب ؟!
2- عدم وجود أي توضيح أو تعليل أو تبرير لإدراج هذه المنظمات دون غيرها ضمن قائمة "الإرهاب" , فقد استنكر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين تصنيفه كـ"تنظيم إرهابي" , وطالب في بيان له دولة الإمارات بـ"مراجعة موقفها غير المبرر"، وقال : إن "الاتحاد منظمة عالمية رسمية وقانونية لعلماء الأمة وتنتهج النهج السلمي الوسطي المعتدل" .
كما اعتبر أمين عام حزب الأمة الإسلامي والناطق باسم مؤتمر الأمة "محمد مفرح" قائمة المنظمات الإرهابية التي أعلنتها دولة الإمارات "تفتقد للأسس الشرعية والقانونية" .
وقد وصل أمر خلو القرار الإماراتي من التوضيح والتعليل إلى تدخل بعض الدول الغربية بشكل رسمي , حيث طالبت وزارة الخارجية النرويجية من الإمارات توضيحاً تبين فيه أسباب إدراج المجلس الإسلامي النرويجي في قائمة الإرهاب، نافيًة صلته بتلك النشاطات ومبدية استغرابها من القرار , بل ومؤكدة أن المجلس الإسلامي يعتبر أكبر شريك للحكومة النرويجية في عمليات مكافحة الإرهاب والتطرف !!
3- شمول القائمة منظمات إغاثية عالمية حصدت العديد من الجوائز والتقديرات لدورها في خدمة العالم , كمنظمة الإغاثة الإسلامية في لندن , وهيئة الإغاثة الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين الدولي , ناهيك عن شمولها أيضا لمؤسسات الفكر والرأي ومراكز البحوث الذين لا يشاركون في العمل السياسي , الأمر الذي أثار كثيرا من علامات الاستفهام حول علاقة مثل هذه المنظمات الإغاثية والفكرية "بالإرهاب" .
4- وصف منظمة مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية "كير" "بالإرهاب" رغم أن حاكم دبي رئيس وزراء الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أحد أكبر الداعمين والراعين للمنظمة الدعوية الخيرية الكبرى في أمريكا وهو من قام بشراء مقرها ، كما ذكرت صحيفة القدس وغيرها من وسائل الإعلام , الأمر الذي يثير علامات استفهام واستغراب مشروعة ؟!
وقد أبدت المنظمة "كير" تعجّبها واستنكارها الشديد من إضافتها لقائمة الجماعات الإرهابية الإماراتية , وذلك في بيان نشرته الأحد عبر مواقع التواصل ، وطالبت فيه السلطات الإماراتية بتوضيح أبعاد تشكيل هذه القائمة «الصادمة والغريبة» من منظورها ، حيث أنه «ليس هناك أي أساس واقعي لإدراج "كير" وغيرها من منظمات الحقوق المدنية والأمريكية والأوروبية وجماعات الدعوة الإسلامية في هذه القائمة" .
5- ضم شخصيات إسلامية رسمية توصف عربيا بكونها من رموز "الاعتدال الإسلامي" ضمن قائمة الإرهاب "الإماراتية", وهي شخصية الشيخ "أحمد بن حمد الخليلي" مفتي سلطنة عمان , وأحد الرموز الهامة بمنطقة الخليج العربي , وهو ما أثار حفيظة العمانيين عموما والمعتصم البهلاني رئيس تحرير صحيفة مجلة الفلق العمانية الذي قال : "الأشقاء في الإمارات سيفقدون المزيد من الأصدقاء بمثل هذه التصرفات.. اتحاد علماء المسلمين يضم كل المذاهب.. بأي منطق يعتبر تنظيمًا إرهابيًّا " ؟! في إشارة إلى أن عضوية الشيخ "أحمد" مفتي سلطنة عمان للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ليس بمبرر كاف لإدراجه ضمن قائمة "الإرهاب" .
أسئلة وعلامات استفهام كبيرة وكثيرة أثارتها قائمة الإرهاب الإماراتية , التي تصدر في وقت المسلمون فيه أحوج ما يكونوا إلى أسباب الوحدة والتوافق ونبذ الخلاف لمواجهة العدو المشترك لهم جميعا وليس العكس .