ماذا بقي من ثورة يناير ؟؟
7 صفر 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

كان واضحا منذ بداية خروج مصر في 3 من يوليو من العام الماضي عن مسار الديمقراطية , و ابتعادها عن نتائج صناديق الانتخابات الرئاسية التي أفرزت رئيسا من التيار المدني الإسلامي لأول مرة في تاريخ البلاد , أن عقارب الساعة تعود في هذا البلد للخلف ولا تتقدم للأمام , وأن أهداف ثورة يناير باتت مهددة ومحكوم عليها بالإعدام .
ظهر ذلك جليا منذ تضخيم ما حدث في 30 من يونيه/حزيران بشكل كبير , وإطلاق اسم الثورة عليه , و الشروع في جميع وسائل الإعلام بمخطط يهدف إلى تلميع ما حدث في 30 من يونيه , وتشويه ما جرى في يناير , بل السير تدريجيا نحو شيطنة ثورة يناير وحذفها من ذاكرة المصريين , بل وجعل الانتساب إليها تهمة ربما تفرض عليها عقوبة في القانون لاحقا !!
ولعل ما يؤكد ذلك ما ذكره أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة , الذي أكد - في منتصف أغسطس الماضي تعليقا على إعطاء المحكمة الفرصة للرئيس المخلوع "مبارك" بالدفاع عن نفسه – " أن إدانة مبارك لثورة 25 يناير/كانون الثاني تعد إهانة لها وللشعب المصري , مشيرا إلى أن الهدف من هذه الخطوة هو تشويه ثورة يناير/كانون الثاني باعتبارها ثورة دبرها من يصفونهم بـ"الإرهابيين"، مؤكدا أن الشعب المصري الذي قام بالثورة يعلم ويدرك جيدا أن حكم مبارك كان من أسوأ الديكتاتوريات التي شهدها العالم " .
لم يقف الأمر عند أتباع الثورة المضادة عند حد انتزاع السلطة من التيار الإسلامي فحسب , بل دخلوا ضد هذا التيار في معركة صفرية ليس لها أي مبرر سوى التخلص من هذا المنافس السياسي القوي الذي اكتسح جميع المنافسات الانتخابية مع التيار الليبرالي والعلماني .
لقد بدا واضحا أن الظلم والفساد الذي كان منتشرا طوال ثلاثة عقود من عهد مبارك , والذي ثار المصريون وخرجوا من أجل القضاء عليه في يناير , قد اتهم به أناس آخرون لم يلبثوا في الحكم إلا بضعة أشهر , ليصبح كثير من الثوار في السجون , والمتهمون بالأمس أحرار وبرءاء .
ولعل من أوضح الأدلة على ذلك ما حدث اليوم فيما يسمى "بمحاكمة القرن " , فقد برأت محكمة جنايات القاهرة اليوم السبت في حكم نهائي غير بات الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته وآخرين من كل التهم الموجهة إليهم, والتي تشمل قتل المتظاهرين في ثورة يناير/كانون الثاني 2011, والفساد المالي.
وقال القاضي الرشيدي : إن المحكمة قضت في حق مبارك حضوريا بعدم جواز النظر في الدعوى التي رفعت ضده, وأسقطت عنه تهمة الاتفاق في جرائم القتل العمد مع سابق الإضمار, والشروع في القتل, واعتبر أنه ما كان ينبغي محاكمة مبارك جنائيا في قضايا سياسية.
كما أسقطت المحكمة عن مبارك ونجليه تهمة التربح في قضية قبولهم خمس فلل من رجل الأعمال الهارب حسين سالم "لانقضاء أجل الدعوى", وبرأته كذلك من تهمة التربح بالاشتراك مع وزير البترول السابق سامح فهمي من بيع الغاز الطبيعي "لإسرائيل".
ولم تكتف المحكمة بتبرئة مبارك ونجليه من جميع التهم والقضايا المتهمين بها , بل برأت أيضا وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ومساعديه الستة من تهمة القتل العمد مع سابق الإضمار .
وقد توالت ردود الأفعال على هذه التبرئة غير المفاجئة على مواقع التواصل الاجتماعي , فقال المحلل السياسي ياسر الزعاترة : "براءة مبارك في قضية الغاز. يوم البراءات التاريخي، ويوم القضاء الكاريكاتوري. ماذا يفعل هؤلاء بمصر؟!!".
بينما قال طارق الزمر رئيس حزب البناء والتنمية : " براءة مبارك ونظامه يجب أن تكون مدخلا لاعادة بناء صف ثورة 25 يناير والاستعداد لاستكمالها".
ونختم بقول الدكتور علي القرة داغي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين : "الحكم ببراءة مبارك ونجليه والعادلي من كل القضايا المنظورة أمام القضاء المصري , لا بد أن يرفعوا قضية على الشعب المصري بأكمله لأنه ظلمهم .!!" .
ويبقى السؤال بعد هذا الحكم : ماذا بقي من ثورة 25 من يناير ؟!