8 رجب 1436

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
شيخي الفاضل إني في حيرة من أمري، والمشكلة كالتالي: أخو زوجي خرج من السجن بتنازل مسبق من أخته في قضية قتل لأخي، علماً أن أخته زوجة أخي وبعد مرور وقت طويل وتدخل أهل الخير والصلح تم تنازل أهلي وبالأخص والدتي التي كانت معارضة، والمشكلة الآن أنه خرج من السجن وزوجي يريد أن أذهب معه مع وجود أخي زوجي هذا، وأن يدعوه إلى منزلنا وعندما علمت أمي وأخبرتها قالت إذا دخل بيتك فأنتِ لست بنتي ولا أعرفك واقطعي علاقتك بنا.. إما أهلك إلى الأبد وإلا فتطلقي وتعالي عندنا والآن أنا في حيرة من أمري لدرجة حتى المكان الذي هو فيه لا تريدني الذهاب إليه ولو عند ناس آخرين وبهذا أقطع صلتي بهم ولا أعلم ماذا أفعل؟! فأنا في ضيق لا يعلمه إلا الله.. أفتني في مشكلتي مأجوراً.. وجزاك الله خير.

أجاب عنها:
د. علي الدقيشي

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أختي الفاضلة أهلاً ومرحباً بكِ في موقعك (موقع المسلم).
وبالنسبة لموضوعك أجيبك بما يأتي:
أولا: زادك الله حرصا على الحكمة والتأني في مواجهة الأمور.
ثانيا: استعيني بأحد أقاربه أو معارفه أو أصحابه من أهل الحكمة المقبولين عنده، بتذكيركما بحقوق كلا الزوجين تجاه الآخر التي شرعها ديننا العظيم وأمرنا بالاستقامة عليها، وضمن لكلا الزوجين تحقق الخير لهما من السكن والمودة والرحمة بينهما بذلك.
ثالثا: أن يذكره باهتمام وبعظم الفضل الذي قامت به أسرتك تجاه أسرته عامة وأخيه خاصة، وهو العفو،والتنازل عن الحق في القصاص، وعليه ألا ينسى هذا الفضل الكبير لزوجته ولأسرتها، ويراعي شكرهم على ذلك،ويقابل هذا الإحسان الكبير بالإحسان إلى زوجته وأسرتها يقول تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}.
رابعا: فأهم ما يجب عليه مراعاة شعورهم، والحرص على تجنب ما يثير كوامن حزنهم على قتيلهم فيثير العداوة والبغضاء، وقد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
وهذا وضع طبيعي بشري تجب مراعاته، لذلك طلب النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم – من وحشي قاتل عمه حمزة بن عبد المطلب، أن لا يجعل النبي يراه مراعاة لما ذكرته سابقا، فاستجاب وحشي لرغبة الرسول – صلى الله عليه وسلم – فكان يحضر دروس النبي – صلى الله عيه وسلم – ويجلس خلفه فإذا انتهى الدرس مضى دون أن يراه الرسول.
خامسا: فيجب أن ينبه الزوج بالاهتمام ومراعاة حق زوجته وأسرتها وشعورهم، وألا يجعل أخاه أن يأتي عنده في المنزل أبدا، وأن لا يجتمع به في حضرة زوجته أو أحد من أسرتها وعائلتها عنده أو في أي مكان، وعليه أن يتقي الله في مراعاة ذلك حق المراعاة. وأن لا يسبب إحراج لزوجته مع أهلها فذلك قد يهدد استقرار بيته وعلاقته الزوجية.
سادسا: بإذن الله المتوقع بعد تذكيره بما سبق وبما يجب عليه، أن يراعي ذلك تقوى لله تعالى، ثم شكر ومراعاة لأصحاب الفضل في العفو، ومراعاة لحسن العشرة والوصية بالنساء، التي أمر الرسول بها – صلى الله عليه وسلم – قائلا:" استوصوا بالنساء خيرا " وعليك بأن تطمئني الوالدة، بأن زوجك يراعي هذا ويذكر الفضل، وحريص على شعورنا ومنع أخيه من المجيء عندنا أبدا.
ويجب أن ترضي والدتك ولا تذكري أمامها إلا ما يهون عليها، حفاظا على الشمل، وإبقاء العلاقات الزوجية والمصاهرة بينكما سالمة بإذن الله.
وأخيرا: أكثري من الدعاء أن يجعل تنازلكم وعفوكم بردا وسلاما على قلوبكم، وأن يذهب حزنكم وألمكم، وأن يمنحكم بركات العفو والصفح.
وأسأل الله أن يحفظ شملكم وأن يؤلف بينكم ويحسن عاقبتكم.
والله الموفق.