الموقف العام من التطورات الأخيرة باليمن
1 ربيع الثاني 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

لم يكن ما تبجح بها زعيم المليشيات الشيعية باليمن عبد الملك الحوثي من افتراءات لتبرير الخطوات الأخيرة على طريق الانقلاب الكامل والسيطرة التامة على زمام الأمور في اليمن غريب أو عجيب , فجميع أزلام وعملاء طهران في الدول السنية يكررون نفس الأكاذيب والافتراءات لتبرير جرائمهم الوحشية بحق أهل السنة , وتحقيق أطماعهم التوسعية في الدول العربية السنية . لقد حاول زعيم الحوثيين باليمن "عبد الملك الحوثي" تبرير تحرك جماعته في صنعاء , وسيطرة مليشياته على دار الرئاسة وتطويق منزل الرئيس عبد ربه منصور هادي بما سماه محاولة الأخير الانقلاب على ما تم التوافق عليه في اتفاق السلم والشراكة . وكانت نبرة كلام زعيم الحوثيين فيها الكثير من الاستعلاء والتعجرف , حيث صرح أنه لن يتردد في فرض أي إجراءات ضرورية لتنفيذ اتفاق السلم والشراكة , بل يملي بشروطه التي تمحورت حول أربع نقاط لحل الأزمة الحالية التي افتعلها في البلاد، مشيرا إلى أنه لا يستبعد أي خيار بشأن الرئيس اليمني هادي متهما إياه بالفساد والاستبداد . إنها في الحقيقة نفس التبريرات التي تعاكس الواقع تماما , بل وترد الاتهامات التي تكال ضدهم من نقض للعهود والمواثيق لخصمهم , ففي الوقت الذي يخرق الحوثيون فيه جميع بنود اتفاق وقف إطلاق النار والسلم والشراكة , يبررون انقلابهم بنقض هادي لبنود اتفاق السلم والشراكة , بل ويتهمون الأخير بالفساد وجر الوضع العام في اليمن نحو الاضطراب , وهم في الحقيقة أصل الفساد ورأس الفتنة في البلاد . وإزاء هذه التطورات الأخيرة والخطيرة في اليمن , كان الموقف العام المحلي والإقليمي والدولي إزاءها ضعيفا , ولا يرقى إلى مستوى الحدث الذي من شأنه إحداث تغيير استراتيجي سياسي وعسكري وديمغرافي واجتماعي واقتصادي ليس على مستوى اليمن فحسب , بل على مستوى المنطقة والعالم بأسره . 1- فعلى المستوى المحلي تزداد مكاسب الحوثيين يوما بعد يوم , وتزداد فرص سيطرتهم الكاملة على الإقليم الشمالي لليمن – إن لم نقل اليمن كله - , مستفيدين من تحالفهم مع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح , الذي ما تزال كثير من قيادات الجيش تخضع لأوامره , وهو ما يفسر تهاوي الكثير من المقرات العسكرية والأمنية بيد الحوثيين دون مقاومة تذكر , وكان آخرها دار الرئاسة بالأمس . ولا يمكن تبرئة ساحة هادي من مسؤولية تهاوي هيبة الدولة وأركانها لصالح مليشيات الحوثي , حيث تفيد بعض الأنباء عن تحالف هادي أيضا مع الحوثيين لإبقائه على السلطة في اليمن الجنوبي , بينمنا يكون القسم الشمالي للحوثيين . وإذا أخذنا بعين الاعتبار الأنباء الأخيرة – غير المؤكدة - التي تفيد باحتمال استبعاد هادي من الرئاسة , وتشكيل مجلس رئاسي مدته عام , واقتراح الحوثيين أن يكون وزير الدفاع الحالي اللواء محمود صبيحي رئيساً له , وأن يكون نجل الرئيس المخلوع العميد أحمد علي عبد الله صالح أحد أعضائه , ناهيك عن إجراء تعديلات جوهرية في الدستور تنهي فكرة الأقاليم الستة , وأخرى تتعلق بالمواد التي تعيق عودة الرئيس المخلوع ونجله إلى السلطة، مقابل إفراج الحوثيين عن مدير مكتب الرئيس , فإن الرابح الأكبر من صراع مكونات أهل السنة في اليمن سيكون الحوثيون وأسيادهم في طهران . 2- وأما على المستوى الإقليمي فما تزال مواقف الدول السنية المجاورة لليمن - وعلى رأسها دول الخليج – لا ترقى إلى مستوى الخطر الرافضي الذي بات يحيط بهم إحاطة السوار بالمعصم . فإذا ما استكمل الحوثيون – لا قدر الله – سيطرتهم على شمال اليمن , فإن دول الخليج العربي ستكون محاصرة بالرافضة من كل الجهات , شرقا وغربا من خلال الممرات المائية في الخليج العربي والبحر الأحمر , وشمالا من خلال سيطرتها شبه التامة على العراق وسورية , وجنوبا بالخطر الحوثي القادم , وهو ما يشكل تهديدا كبيرا لأمن دول الخليج والمنطقة بأسرها . ويرجوا المترقبون لاجتماع وزراء خارجية مجلس التعاون لدول الخليج العربية الاستثنائي المقرر اليوم في الساعات القادمة في العاصمة الرياض ، والذي من المرجح أن يناقش تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن , أن يتمخض عن قرارات وإجراءات ترقى لمستوى الحدث الجلل . 3- أما على المستوى الدولي فإن صفقة التوافق الإيراني الأمريكي الغربي تبدو آثارها واضحة المعالم في اليمن وغيرها من الدول السنية التي يتوغل فيها الرافضة , فما زال الصمت على جرائم الحوثيين بحق أهل السنة , وتوسعهم وتمددهم في البلاد , وتنصلهم من جميع التعهدات والتوافقات التي يرعاها المبعوث الدولي هناك , هو سيد موقف الدول الغربية , ولا يخرق ذلك الصمت إلا بعض الإدانات والتصريحات الفارغة بتأييد الرئيس هادي , تماما كتنديدها بما يفعله طاغية الشام والمليشيات الشيعية المساندة له بأهل السنة في سورية والعراق . لقد اكتفى مجلس الأمن في جلسته المغلقة بالأمس بخصوص التطورات الأخيرة باليمن بالتنديد بهجوم جماعة الحوثي على القصر الرئاسي ومقر إقامة الرئيس هادي , وهو ما يشير إلى أن الموقف الدولي إزاء تغول الحوثيين وزيادة نفوذهم باليمن يلقى قبولا ضمنيا وضوء أخضر من الدول الكبرى . إن أهم الأسباب التي تكمن وراء تغول المشروع الصفوي في الدول العربية السنية وتمدده في المنطقة هو الخلافات الفئوية والحزبية بين أطياف المكون السني , والذي تستفيد منه مليشيات طهران كما هو حاصل باليمن وغيرها من الدول الإسلامية السنية . فإلى متى سيبقى الرافضة يستفيدون من خلافاتنا وتفرقنا ؟؟